ماذا ينتظر الثورة الليبية ؟
13 شوال 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

منذ أن أنهت الثورة الليبية عهد النظام السابق , وأطماع الغرب في هذا البلد ومؤامراته على الثورة والثوار لم تتوقف , ولعل آخر هذه المؤامرات ما قامت به الثورة المضادة بقيادة "حفتر" , من حملة عسكرية على الثوار في ليبيا , باسم محاربة "الإرهاب" , ذلك الشعار الغربي المخادع , الذي يخفي في حقيقته محاربة الإسلام والتيار الإسلامي في كل مكان . لم يرق للغرب وأتباعه من الكارهين والناقمين على التيار الإسلامي في بعض الدول العربية , أن يرى هذا التيار يحصد نتاج ثورته على الظلم في دول ما يسمى "بالربيع العربي" , فسلط على الثوار بقايا أتباع الأنظمة البائدة , بالإضافة للعلمانيين الذين فشلوا فشلا ذريعا في جميع الاستحقاقات السياسية , ناهيك عن المتطلعين إلى المناصب من الفاشلين , ليقوموا بثورة مضادة لاغتصاب السلطة من يد الإسلاميين . وقد أغرى الغرب نجاح تلك التجربة في بعض دول الربيع العربي , ليستنسخوا منها صورة مماثلة في ليبيا , بعد أن مهدوا الطريق لشرعنة الحملة العسكرية التي سميت "بالكرامة" , بتفجيرات واغتيالات كثيرة في أرجاء ليبيا , وتصوير القتال الناشب هناك على أنه اقتتال الجماعات الإسلامية المسلحة مع بعضها , بينما الحقيقة هي أن الحرب كانت وما زالت بين الثورة والثورة المضادة . إلا أن الرياح لم تجر هذه المرة كما يشتهي هؤلاء , فقد أوقع الثوار بقوات "حفتر" ومليشياته هزيمة نكراء في كل من بنغازي وطرابلس , وتردد صدى فراراه من ليبيا الأصداء , وهو ما حدا ببعض الكتائب التابعة له باستهداف مستودع طرابلس النفطي بقذيفة مباشرة لتشتعل النيران فيه، مع أزمة وقود خانقة في طرابلس والمنطقة الغربية بشكل عام . فماذا ينتظر الثورة الليبية بعد فشل تلك المحاولة ؟؟ هناك عدة سيناريوهات محتملة تنبئ عنها بعض التصريحات والأحداث المتسارعة التي تجري في ليبيا : 1- أولى هذه السيناريوهات هو تدخل بعض الجيوش العربية في ليبيا بتغطية دولية أمريكية وغربية , باسم محاربة الإرهاب وحماية الأمن القومي, وهو ما صرح به "حفتر" علانية بقوله : ليس من المستبعد الاستعانة بقوات عربية لضرب الثوار في ليبيا بحسب موقع أخبار ليبيا اليوم . ولم يكتف "حفتر" بذلك بل طالب - في كلمة مسجلة له - البرلمان الليبي باتخاذ القرارات اللازمة لدعم ما يسمى بعملية "الكرامة" التي يقوم بها ضد الثوار في ليبيا , لتكتسب عمليته ضد الثوار شرعية سياسية . وعلى الرغم من تأكيد رئيس الوزراء الجزائري "عبدالمالك سلال" الخميس أن بلاده لن تتدخل عسكريا في ليبيا , مشيرا إلى أن الذهاب بقواتنا لإعادة النظام ليس حلا ، ولا يمكن أن يشكل حلا , بالإضافة لنفي وزارة الخارجية المصرية ما تردد حول التدخل العسكري في ليبيا , مؤكدة دعم القاهرة لخيار الحوار السياسي . إلا أن كثيرا من العطيات والتصريحات تشير إلى إمكانية وقوع ذلك , فقد تحدث الرئيس المصري "أن الحدود مع ليبيا أصبحت مصدرا لتهريب أسلحة ومتطرفين وأعمال عدائية ضد بلاده"، مشيرا إلى أن وحدات الجيش المصري قد تقوم بدور هناك إذا حدث أي طارئ . ناهيك عن اعتبار رئيس حزب المؤتمر "عمرو موسى" أن الوضع في ليبيا أصبح مصدر قلق أمني كبير لمصر , داعيا إلى توعية الرأي العام بتلك المخاطر، وبناء التأييد اللازم إذا اضطرت مصر لاستخدام حق الدفاع عن النفس . 2- بما أن الغرب هو المخطط والمدبر لكل هذه السيناريوهات والمؤامرات ضد الثورة الليبية , فإنه بعد فشله الظاهر في عملية "حفتر" التي دعمها وأوصى أتباعه في المنطقة بدعمها , ومع احتمال عدم نجاح توريط بعض الجيوش العربية المجاورة للتدخل بليبيا ضد الثوار , نظرا لعدم جاهزية هذه الجيوش لخوض هكذا حرب , فإنه قد يلجأ للسيناريو قبل الأخير , ألا وهو الوصول إلى حكم ليبيا والتحكم بها عبر المفاوضات وما يسمى "الحوار" , تحت قاعدة "ما لا يؤخذ بالقتال والحرب يمكن أن يؤخذ بالسياسة" . ومن هذا الباب يمكن فهم دعوة الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا الإثنين الماضي ، جميع الفصائل الليبية - المتناحرة على حد وصفها - إلى وقف إطلاق النار - بعد انتصار نهائي وشيك للثوار على "حفتر" وقواته - والاعتراف بالبرلمان المنتخب - والذي حل محل المؤتمر الوطني السابق - وبدء حوار تدعمه الأمم المتحدة ، بحسب بيان مشترك نشرته وكالة أنباء الأناضول . 3- وإذا لم ينجح هذا المخطط فإن السيناريو الأخير المتوقع من الغرب , هو التدخل المباشر بليبيا بذريعة : محاربة الإرهاب - منع الاقتتال الداخلي - حماية منشآت النفط لمنع وقوع كارثة بيئية وإنسانية ...... الخ , ومما يشير إلى هذا السيناريو أهمية ليبيا ونفطها وموقعها بالنسبة للغرب , ناهيك عن محاولتهم خلط الأوراق وإثارة المزيد من الفوضى في المدن الليبية , وما إشعال خزانات النفط والوقود بقذائف مباشرة من قبل قوات تابعة "لحفتر" حليف الغرب إلا علامة على ذلك .