المقاومة.. إذ تدمر أوهامهم
26 رمضان 1435
زياد آل سليمان

إن احتلال فلسطين اعتمد منذ تأسيسه على إرهاب أصحاب الأرض من خلال المجازر الدامية، فالسعي بالفساد في الأرض جزء من صفاتهم،  قال تعالى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.

 

بقيت دماء الضحايا هي عنصر البقاء والتأثير بالنسبة للكيان، وحسبوا أنها كفيلة بتوفير الأمن لهم، واعتمد ساسة الكيان عليها حتى في الانتخابات! ويرجع هذا لعقيدة الاستعلاء، التي أخبرنا الله سبحانه عنها في أكثر من موضع في كتابه العزيز، ومنها: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ}، وقوله سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، وقوله عز وجل: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }، وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.

 

هذه العقيدة جعلتهم ينظرون بفوقية واستعلاء على غيرهم، وتأمل لقوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، أي: ليس علينا إثم ولا حرج ولا وزر أن نأكل أموال المسلمين، وبالتالي هم الأقوى والأحق بالحياة، ولهم الـمكانة والـمـنـزلة في الدنيا والآخرة، بل إن وقع عليهم مصيبة في الدنيا امتد طغيانهم وكفرهم لاتهام الله سبحانه وتعالى بالبخل والفقر: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}، وقال سبحانه: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}.

 

هذا الوهم الكبير تم تغذيته لسنوات طويلة من خلال وسائل متنوعة، منها: الإعلام، والحروب الشكلية وغيرها من الأدوات، حتى ظن القوم أننا أمام قوة لا يمكن أن تُهزم، وأن قدرتها لا يقف أمامها أحد، وأنها تصل إلى خصومها في كل مكان وفي أي زمان، وأن يدها طويلة وضاربة، فهي هزمت الجيوش العربية في ظروف كانت مهيأة ومرسومة لذلك.

 

يمضي الشعب الفلسطيني المجاهد الصابر الثابت الحر- وخلفه كل مخلص من أبناء الأمة الإسلامية - ويضحي بكل ما يملك، ويبذل كل شيء، للدفاع عن القدس والمقدسات، ويبارك الله في جهادهم وجهودهم فمن رمي الحجارة إلى ضرب الصواريخ، في مراحل رسمت بدماء الشهداء وأنين الجراح، وتضحيات الأسرى، يمضي رغم الخذلان والمخالفة والخيانة والغدر والحصار، تمضي كتائب القسام ومعها المقاومة كي تدك الوهم الكبير، وتكشف للأصدقاء وللأعداء حقيقة هذا الوهم، ولكي تزيل كل الأكاذيب التي رسمت حوله، وتسقط رهان أمريكا وحلفائها، وتغير الموازين وتعدل القواعد، وهي أعدت ما استطاعت من قوة، إن هذا الوهم قبل أن يزول لا بد أن يذل ويهان ويخزى على أيدي عباد الله.

 

وبمقدار اتساع الوهم وكبر حجمه يكون تأثير الضربات المباركة، إلى أن تنتهي فصول هذه المواجهة والتي تعتبر الأعنف والأشد والأقوى، وإنا على موعد لانكشاف الكثير من الحقائق، وزوال المزيد من الأوهام، ورؤية العصف المأكول، ولتطوى صفحات من الألم، فقد اقترب موعد الحسم، حيث ترفع رايات النصر فوق المسجد الأقصى المبارك.