روحانية البقاع الطاهرة أقوى من "كورونا"
23 رمضان 1435
تقرير إخباري ـ محمد لافي

على الرغم من التحذيرات التي أُطلقت في عدد من الدول الإسلامية بضرورة تأجيل أداء مناسك العمرة والحج بسبب المخاوف من فيروس كورونا وحالة الذعر التي انتابت الشارع السعودي بداية هذا العام بسبب هذا المرض, إلا أن جموع المعتمرين من داخل المملكة وخارجها لا زالت تتوافد إلى مكة المكرمة لاغتنام موسم مضاعفة الحسنات وأداء العمرة خلال هذا الشهر الفضيل.

 

يأتي ذلك بعد أن تزايدت المخاوف من أن يهيئ موسما العمرة والحج لهذا العام جواً ملائماً لانتشار متلازمة الشرق الأوسط أو ما يسمى بفيروس "كورونا" وذلك في أعقاب تزايد حالات الإصابة والوفاة به في عدة مدن سعودية منذ أول ظهور له قبل عامين وتحديداً في بداية عام 2012م

 

إقبال رغم المخاوف
وفي الوقت الذي أكد فيه عدد من أصحاب حملات الحج والعمرة، على أن الإقبال على موسم العمرة هذا العام في معدله الطبيعي, توقعت السلطات السعودية زيادة عدد المعتمرين هذا العام بنسبة 14% على الموسم الماضى.

 

كما أن القائمين على حملات العمرة أكدوا أن فيروس كورونا لم يؤثر على إقبال المواطنين والمقيمين على السفر إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك العمرة, كما نُقل عن مستثمرين في قطاع العمرة تأكيدهم أن "عمليات الإشغال لفنادق مكة ماتزال في معدلاتها الطبيعية حتى الآن".

 

وقد بادرت وزارة الحج السعودية بنفي أي شائعات حول منع بعض الفئات من القدوم لأداء مناسك العمرة أو الحج, ومن ذلك ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من صدور قرار من وزارة الصحة السعودية حول منع كبار السن والعجزة من الحج والعمرة لهذا العام بسبب الفيروس القاتل.

 

وأوضحت الوزارة أن ما صدر عن الصحة السعودية وشركات الحج والعمرة كان بمثابة نصيحة بتأجيل سفر كل من كبار السن لمن هم فوق 60 عاما والأطفال دون 12 سنة والنساء الحوامل ومن يعانون من أمراض مزمنة، لحمايتهم من التعرض بالاصابة لهذا الفيروس بسبب ضعف مناعتهم.

 

كما أن منظمة الصحة العالمية أعلنت في وقت سابق من هذا العام أنها لا توصي بمنع موسم الحج. كما انها لا ترى ضرورة لإعلان حالة "طوارىء صحية عامة شاملة"، في غياب أدلة دامغة حول انتقال الفيروس بشكل واسع بين البشر.

 

وبدأت وزارة الصحة السعودية عبر مركز المراقبة الصحية بميناء جدة بتنفيذ برنامج توعوي وصحي للوقاية من الفيروس. وتتولى مكاتب الشؤون الإسلامية توزيع كتيبات وإرشادات دينية وطبية للمعتمرين في الساحات الخارجية للمسجد الحرام.

 

وقامت الوزارة بتزويد المرافق الصحية القريبة من الحرم المكي بجميع الوسائل والمعدات الطبية المتخصصة في التعقيم وغرف العزل والعناية المركزة وغيرها من التجهيزات اللازمة للمساعدة السريعة في منع انتشار العدوى بين المعتمرين والزوار.

 

ضرورة التوكل على الله

 

وقد اعتبر الشيخ صالح بن فوزان الفوزان أن الامتناع على أداء العمرة خوفا من فيروس كرورنا ضعفاً في التوكل على الله, داعياً من عزم الذهاب إلى مكة المكرمة لأداء العمرة بالتوكل على الله والأخذ بالأسباب وعدم الخوف إلا من الله عز وجل.

 

ويضيف الشيخ الفوزان أنه لو صدر قرار بمنع القدوم إلى بلد بسبب وباء ما, فإن الإنسان يمتنع عن الذهاب وذلك عملاً بالحديث النبوي الشريف إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها, وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها" أما إن لم يصدر هذا المنع والمسلمون لا يزالون مقبلين على أداء العمرة فلا مبرر لهذا الخوف".

 

حالة من القلق والذعر

 

وقد انتاب الشارع السعودي حالة من القلق والذعر في أعقاب تزايد حالات الإصابة والوفاة بهذا الداء, وقد تجلي ذلك في إقبال الكثيرين في السعودية على شراء الأدوية والعقاقير والإقبال على شراء الأدوية والوصفات الشعبية وشراهة استهلاك الكمامات ووسائل التطهير والتعقيم بكل أنواعها التى ارتفع ثمنها , وأصبح لها سوق رائج في الأوساط الشعبية .

 

وقد ساهمت بعض وسائل الإعلام العالمية ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر مغالطات تخيف السعوديين من انتشار الفيروس بأنحاء المملكة رغم الجهود المثمرة من قبل الحكومة في محاصرة المرض وما تطلبه الموقف من توعية المواطنين بأن الخطر قابل للاحتواء , وليس وباء منتشر في كل مكان.

 

ويعاني المصاب بفيروس كورونا بضيق حاد في التنفس وفشل كلوي , حيث يصنف هذا الفايروس بأنه أحد الفيروسات التاجية المتحورة شديد الخبث والتي يهاجم الإنسان في أي وقت بأعراض تشبه النزلة الشعبية أو الالتهاب الرؤى لكنها تزيد بخلل في بعض أجهزة الجسم الرئيسية .

 

ورغم تناثر التكهنات حول أسباب تفجر هذا الفيروس إلى حد تحوره لمرض قاتل, وإشارة بعض التقارير الصحية لارتباطه بالإبل وبحليب ولحم الجمال إذا لم يتم إعدادها بالشكل الصحيح لقتل الفيروس إن وجد.

 

إلا أن بعض أصابع اتهام منظمة الصحة العالمية تشير إلى إيران وكوريا الشمالية , حيث تشير بعض التقارير إلى ضلوع إيران في استضافة ثلاثة خبراء من كوريا الشمالية في مختبر بأراضيها لتطوير الفيروس الفتاك , ثم نشره من قبل خبراء الدولتين في مناطق سعودية بعينها منذ سنتين. الأمر الذي اعتبر من قبل مراقبين بمثابة إعلان حرب غير تقليدية ضد البلدان المتضررة بهذا الفيروس.

انحسار المرض في رمضان

 

وشهدت إحصائية الإصابة بالمرض انخفاضاً كبيراً خلال شهر رمضان المبارك وانحساراً لموجة المرض ودخوله حالة من الانخفاض في الأعداد المصابة به وصلت إلى عدم تسجيل أي حالة إصابة بالفيروس في المملكة خلال منتصف شهر رمضان الكريم..

 

يأتي ذلك بعد أن أشارت آخر إحصائية لوزارة الصحة على موقعها الإلكتروني أنه تم تسجيل  716 حالة إصابة بفيروس كورونا منذ العام 2012، توفي منهم 293  شخصا فيما لا يزال 39  شخصا يتلقون لعلاج داخل المستشفيات في السعودية أو في إطار العزل المنزلي.

 

التعامل الشرعي:

 

وفي خضم حالة الخوف والقلق التي انتابت الأوساط الشعبية في السعودية بسبب هذا المرض, أكد عدد من العلماء والدعاة أن على المسلم سؤال الله العفو والعافية والاستعانة بالادعية والذكر والالتجاء إلى الله لدفع الضر ورفع البلاء إلى جانب الأخذ بالأسباب الوقائية لتفادى مثل هذه الأوباء والأسقام

 

وقد صرح مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ بأن المتوفين بفيروس كورونا يعتبروا شهداء لأن هذا المرض يعتبر من الطواعين التي تصيب جملة من الناس بشكل عام ، حيث ذكر الحديث الشريف أن من توفى بالطاعون شهيد.

 

فيما ذكر الشيخ عبدالعزيز الطريفي خلال إحدى خطبه بجامع الراجحي بمدينة الرياض أن الله ما جعل في فطرة الإنسان أن يعرف الحق بتتبع الباطل ولا يأمره بمعرفة الأمراض حتى يعرف الصحة ويجرب العلل حتى يعرف العافية ,

 

أما فضيلة الشيخ صالح المغامسي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين وإمام وخطيب مسجد قباء بالمدينة المنورة فقد دعا للوقاية من هذه المرض إلى التحصن بالأذكار خاصة في الصباح من صلاة الفجر حتى طلوع الشمس وقبيل الغروب. مبشراً باختفاء هذا الفيروس بإذن الله تعالى، عاجلاً غير آجل، وفق إرهاصات كثيرة،

 

وطالب الشيخ المغامسي من خلال إحدى البرامج التلفزيونية على قناة اقرأ، أن يكف مروّجو الشائعات حتى لو كانت صحيحة، حيث إنه قد يقرأها إنسانٌ ضعيفٌ أو مبتلى أو لديه مرضٌ، فيكسب مروّجها إثماً لترويجها

 

وقد ركز الدكتور محمد العريفى خلال إحدى خطبه على كيفية التعامل الشرعى مع العلل والأمراض والأوبئة خاصة ما استجد منها , حيث ذكر أن نزول المصائب على الإنسان هو أجر يسوقه الله تعالى إليه إذا احتسب الأجر والثواب عند عظمته , مورداً حديث النبى صلى الله عليه وسلم عندما دخل على عائشة رضى الله عنها , وإذ هى تشتكى الحمى , وقد عصبت رأسها وظهر ألمها , فقال ما خطبك يا عائشة قالت الحمى لا بارك الله فيها , قال لا تسبى الحمى فإنها تأكل خطايا ابن آدم كما تأكل النار الحطب .

 

وأكد العريفي أن المسلم ينبغي عليه أن يمارس نوعا من الطب الوقائى قبل أن ينزل به المرض موضحاً أن هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم لاتقاء الآمراض والأسقام قبل نزولها ومن ذلك حديثه صلى الله عليه وسلم من اصطبح سبع ثمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم, وكذلك هدية صلى الله عليه وسلم بأذكار الصباح والمساء والتي إن حافظ عليها المسلم عافاه الله وكفاه.