أنت هنا

كل عام والمسلمون بعزة
3 رمضان 1435
موقع المسلم

يمر بنا رمضان هذا العام، والمسلمون في أرجاء العالم في محنة وألم، وهو أمر صار اعتيادياً منذ سقطت الخلافة الإسلامية قبل قرن من الزمان (فعلياً)، إذ صار المسلمون أيتاماً لا قبل لهم بما ينفذه عليهم الأوصياء اللئام، فالمذابح مستمرة، والتغريب سائر على وتيرته، وتغييب العقول فاعل..الخ، غير أن جديد هذا العام وربما قبله نسبياً، إذا ما نظر إليه بنظرة شاملة، هو حالة الممانعة والمقاومة لكل هذا؛ فالأمة لم تعد تلعب دور الضحية بشكل استسلامي مثلما درجت عليه شعوب كثيرة ارتضت حال الذل والخنوع؛ فصحيح أن الألم شديد، والمعاناة شبه دائمة، لكن ثمة فارقاً كبيراً بين الحياة الذليلة والألف معها إلى الحد الذي جعل شعوباً مسلمة غدت غير مبالية بما يقع عليها من مظالم، وبين استشعار هذه المذلة، ومن ثم العمل على مقاومتها.

 

وبنظرة عامة على بعض البلدان المؤثرة في عالمنا الإسلامي، كالعراق وسوريا وفلسطين وغيرهما، نلحظ بزوغ روح مقاومة شديدة الفعالية، لا تحبس المسلمين في خانة الحظائر المعدة للذبح؛ فنظاما المالكي وبشار الطائفيان، برغم فظاعة ممارستهما يبدوان الآن في حال ضعيفة، وقد تراجعت سلطتهما على نحو نصف أرضي العراق وسوريا؛ فالسنة بمجملهم لاشك أن إحساسهم المكتوم بالظلم على مدى سنين طويلة في العراق، وسوريا، وقد حان وقت هبتهم لاسترداد حقوقهم السليبة.

 

في العراق يبدو المشهد غامضاً بعض الشيء، إذ لا تفسير واضحاً لحالة الانهيار المفاجئ للجيش العراقي الطائفي في مناطق سنية، ثم تماسكه وقدرته المتنامية الآن على صد الفصائل التي بدت مترددة أو غير قادرة على مواصلة الطريق إلى بغداد، لكن مع ذلك، وبرغم وجود الاختراقات الاعتيادية في صفوف السنة، يبقى أن أهل السنة قد وضعوا أقدامهم على أول الطريق الصحيح، وهو العمل على بناء مشروع سني مقاوم للهيمنة الإيرانية والأمريكية على بلادهم.

 

وفي سوريا، ورغم مراوحة المقاومة للنظام النصيري الطائفي أماكنها امتداداً وانكماشاً، إلا أن الحاصل أنها قادرة على إبقاء الجيش الطائفي، برغم كل إمكاناته والمساندة الغربية والشرقية له في حدوده لا يتجاوزها، وتمكن الثوار من صد هجمات عديدة على مواقعهم لاسيما في شمال سوريا وتحديداً في حلب. ورغم اختراقات حصلت للأمريكيين في الشمال والجنوب لقوى مناوئة لنظام بشار، إلا أن الفصائل الإسلامية الرئيسة ما زالت متماسكة ومتمسكة بحقها في تحرير بلادها دون الخضوع لإملاءات الغرب، وهي وإن لم تنجح حتى الآن فهي لم تخفق في الحفاظ على كثير من مكتسباتها.

 

وفي ليبيا الحرة، ورغم كل مؤامرات الانقلابيين، وزحفهم المستمر، واتخاذهم كل الأساليب الانقلابية المعتادة، من استخدام الإعلام والقضاء والاستخبارات والعمل المسلح، وغيرها، إلا أنها أخفقت في منع إجراء الانتخابات وكبح طموح الشعب الليبي في اختيار ممثليه وحكومته بنفسه حتى الآن، وتبدو قدرة المقاومة جيدة حتى الآن للمخطط الأمريكي لإيقاع ليبيا في الفوضى بغية تسليمها للدولة القذافية العميقة.

 

في عموم بلاد العرب، يبدو مستوى الوعي آخذ في الارتفاع، والانتباه للمخططات الغربية التي تطال السياسة والاقتصاد والعسكرية والثقافة والتعليم والإعلام يتنامى مع وسائل الاتصال الحديثة، والتي أسهمت في كسر الاحتكارات العلمانية على بناء الوعي الجمعي للأمة..

 

هذه بعض ملامح التغير في عامنا هذا..