رئيس الوزراء التونسي الأسبق: مطالب الحرية والتنمية والعدالة تشق طريقها في الوطن العربي
10 شعبان 1435
عبد الباقي خليفة

تشترك الدول العربية التي شهدت ثورات وتلك التي شهدت احتجاجات مطالبة بالإصلاح في عدد من الخصائص أهمها،غياب أوضعف الحياة السياسية أي غياب الأحزاب ذات المصداقية   والمنظمات المستقلة والإعلام الحر والتعددي وفي نفس الوقت كثافة الاستبداد وانتهاك الحريات العامة والخاصة وكثرة الضحايا.وانتشارالفقر والتهميش والبطالة والتفاوت بين الجهات وضعف التنمية وتدني معدلات النمو. وكانت أو تسيطر عليها أنظمة رفضت الإصلاح السياسي واحترام إرادة الشهب واحتكرت المجال السياسي واخلفت وعودها في الإصلاح.

 

تراكمت هذه المظالم وبلغت حدودا قصوى في نفس الوقت الذي ازداد فيه الوعي لدى الشعوب ولا سيما الشباب مستفيدا من وسائل الاعلام والاتصال الحديثة التي مكنته من الاطلاع على ما بلغته البلدان المتقدمة تقنيا من كرامة وتشريك لشعوبها في إدارة شؤونها،وتداول سلمي على المسؤوليات وحريات إعلامية وسياسة ونقابية وثقافية  وحماية لحقوق الانسان وترسيخ للمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وعدالة اجتماعية ومحاصرة للفساد والتزام بالشفافية في التصرف في الأموال العمومية.وفي هذا الحوار الذي أجراه موقع المسلم مع رئيس الوزراء التونسي السابق علي العريض والذي نستعرض فيها التجربة التونسية والتي مرت بما ذكرناه آنفا

 

لقد ترسخ لدى هذه الشعوب العربية أن المقولات التي تبرر بها الأنظمة قصورها عن تحقيق طموحات الأجيال في الحرية والعدالة والتنمية لا تعدو أن تكون تعلات واهية.وعندما جاءت الثورة ظن الناس أنها نهاية معاناتهم وليس بداية النهاية كيف تشرحون ذلك ؟
كان اندلاع الثورة في تونس رد فعل في بدايته ثم امتدت جغرافيا وتوسعت مطالبها  وحددت هدفا هو إسقاط النظام باعتباره  رمز كل المظالم، فكانت الشعارات كثيفة جداً ومركزة ضد الاستبداد والفساد والحزب الحاكم والعائلة المستحوذة على جزء من ثروات البلاد بدون حق، كل المظالم حتى التي مرت عليها عقود تم استحضارها وخرجت في شكل زفير شعبي وفي شكل تصميم على التخلص من المتسببين فيها.
لقد اكتشف الشعب قدرته على التغيير اذا ما اتحد وازدادت ثقة الشباب بنفسه وضاعف من المبادرات وأشكال التحرك وأوصل صوته للعالم وحظي بدعم كبير إعلامي وسياسي وانتصرت الثورة بسقوط النظام ( في 14 جانفي 2011).
لم تكن بقية بلدان الربيع العربي تنتظر غير مثال واحد للنجاح في المنطقة لإطلاق ثورات مماثلة او احتجاجات تطالب بالإصلاح كانت نتائجها سقوط أنظمة واضطرار أخرى الى البدء في إصلاحات سياسية.

 

السؤال كان عن ما يمكن وصفه بخيبة أمل، نتيجة سوء تقييم الأوضاع والامكانيات المتوفرة للدولة بعد الثورة ؟
يمر نجاح الثورات وتحقيق أهدافها بمرحلتين، الأولى هي كسر الأغلال المضروبة على الحرية والديمقراطية  أي فتح المجال السياسي الذي كان حصريا ليتحول إلى مجال تنافسي ويفتح الباب أمام الإصلاح والتطوير في كل المجالات ولو مرحليا. وهذه المرحلة تم تجاوزها في عدد من البلدان العربية سواء بتغيير أنظمة أوبإقدام أخرى على الإصلاح وكانت التكلفة أحيانا كبيرة في الأرواح والمكتسبات ولكن الحرية لا تقدر بثمن فهي هدف في ذاتها وطريق إلى غيرها.

أمّا المرحلة الثانية فهي مرحلة بناء الديمقراطية وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية فإنها ما تزال في بداياتها  وتعترضها تحديات كبيرة.

 

بعد الثورة لم تستقر الأوضاع أمنيا وشهدت البلاد عدة أحداث دامية وسقط ضحايا آخرها مقتل 4 من أفراد حراسة منزل وزير الداخلية لطفي بن جدو؟
 ضبط الأمن وبسطه ومقاومة الجريمة من مهام الدولة.وقد استغل البعض أجواء الحريات وظاهرة الانفلات وضعف مؤسسات الدولة لتحقيق غاياته، ومن ذلك الإرهاب الذي استغل ما تمر به المنطقة من اضطرابات وصراعات وحريات ليوجه سهامه للأمن والإستقرار لوقف بناء مؤسسات الدولة والعودة لما كانت عليه البلاد قبل 14 يناير.ومما يزيد من صعوبة هذا التحدي حاجة الموسسات الأمنية إلى الإصلاح من جهة تحديد رسالتها واحترامها للحريات ولحقوق الانسان وتجهيزها لا سيما وقد فقدت الكثير من وسائل عملها وضمان وحدة قيادتها وانضباطها.

 

كيف تقرأون التحدي السياسي، والمزايدات التي وصلت حد الاسفاف في بعض الأحيان، أو بتعبير أدق السقوط الإخلاقي والافلاس؟
احترام الحريات وبناء الديمقراطية ومؤسساتها وقوانينها وهياكلها مطلب ملح في الدول لا سيما تلك التي تشهد تغيرات مهمة، ففي الدول التي أسقطت فيها الثورة الأنظمة كان لا بد من الاتفاق على مرحلة انتقالية وعلى كيفية إدارتها وكتابة دستور وإجراء انتخابات الى آخر متطلبات المرحلة الانتقالية كما ترى في تونس.ومما يزيد في صعوبة هذه المراحل الانتقالية ضعف التجربة السياسية لكل الأطراف لا سيما وأن أغلبها تشكل بعد الثورة، فأغلب الأطراف السياسية والمدنية تفتقد للتجربة في إدارة شؤون البلاد في ظل نظام ديمقراطي، وبعضها لم يتحرر مما نشأ عليه من غلو ايديولوجي ومعارضة احتجاجية لا تبني، وحزبية ضيقة تجد صعوبة في التطور للعمل تحت المظلة الوطنية الجامعة.فالقصور الذي أظهرته كثير من الأحزاب والمنظمات في احترام الديمقراطية والمشاركة في بنائها يعود بالأساس إلى طول مراحل الاستبداد وغياب الحياة السياسية التعددية قبل الثورات.

 

لو نعود قليلا لآمال الشعوب في التنمية والرفاه، والوضع الاقتصادي الذي تعيشه تونس والذي تتقارب التقييمات إذا استثنينا التهويلات السياسية ؟
 في الوقت الذي ينتظر فيه الشباب والجهات المحرومة حلولا ملموسة (وعاجلة) لمشاكل البطالة وضعف القدرة الشرائية وتحسين ظروف العيش (ماء كهرباء طرقات صحة وسائر المرافق)، تحتاج برامج التنمية الى وقت أطول والى توفير التمويلات الضرورية والتي ليست دائما يسيرة.ومما يزيد من الصعوبات التنموية مرور بلدان الثورات العربية بمراحل اضطرابات ونقص في الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي الامر الذي ينعكس  سلبا على نسق إنجاز مشاريع التنمية  ويدفع القطاع الخاص الوطني والأجنبي إلى الانكماش والتردد في الاستثمار. والنتيجة العامة في مجال التنمية هي أنّ نسق الإنجاز لا يلبي الطموحات الكثيرة والمستعجلة.

 

من القضايا المثارة داخل النخبة وفي المجتمع أيضا دولة رئيس الوزراء ، قضية العدالة الانتقالية التي لا يزال الجدل وحتى اللغط طابعها الأساسي؟
 هذا أيضا من التحديات، ويكتسي هذا التحدي أهمية كبرى باعتبار أنّ معالجة الماضي يجب أن تندرج في إطار بناء الحاضر والمستقبل وعدم تعريض الوحدة الوطنية للخطر ومراعاة قدرة البلاد على معالجة مظالم الماضي وما تثيره من مضاعفات.في العقود الماضية حصلت مظالم كثيرة، وفتح هذه الملفات كلها إضافة إلى ما حصل من مظالم خلال الثورة يتطلب قيادة حكيمة قادرة على ضمان العدل والإنصاف في إطار بناء الديمقراطية الناشئة.

 

الموقف الدولي من الثورات العربية، غير واضح فالسياسيين يمدحونه والشعوب تشكك فيه حينا وتدينه حينا آخر وفي كل الحالات هناك ريبة؟
 حضيت الثورات العربية بمساندة دول، ومعارضة أخرى، ويمثل التدخل الخارجي خطورة (وعامل) تعقيد لكل بلد تعرض ويتعرض إليه الربيع العربي. ويتفاوت التعاطي مع هذه التحديات من بلد إلى آخر.

 

في أغلب البلدان ثمة شعور بالقلق والخوف على الثورة وعلى الدولة فما هي آفاق المستقبل؟
 هذه الثورات والاحتجاجات وموجة الإصلاحات تندرج  في منعطف تاريخي تشهده المنطقة العربية لذلك فليس من الحكمة الإسراع باعتماد مقولات النجاح والفشل فالثورات وما تلاها ليست هي المستقبل وإنما هي البداية.. بداية بناء المستقبل والثورات هي إزالة العقبات الكبرى التي منعت أوأخرت تطور البلدان العربية سياسيا واقتصاديا وثقافيا.لقد كسرت الثورات حاجز الخوف فلم تعد الشعوب تخشى حكامها ولا تقبل بسهولة أن يقودها حزب أو تيار إلاّ في إطار احترام الحريات والحكم الرشيد.ولا شك وان نجاح هذه الثورات مرتبط بقوة التصميم لدى شبابها وبقدرة الأطراف السياسية على بلورة مشروع وطني ضامن لوحدة الشعب منحاز إلى الأهداف الوطنية، مجمّع لأهم الأطراف السياسية والاجتماعية، مشروع يعتمد الشراكة لا الإقصاء أوالاحتكار يغلّب الوفاق والحوار ويزرع الأمل في المستقبل ويحمي مكتسبات الماضي ويتعامل مع الشعب كراشد وكشريك حقيقي في بناء مستقبله وما يحتاجه من صبر وتضحيات.

 

هل الثورة التونسية وما شهدته من تطورات حتى الآن تعد نموذجا؟
 كانت ثورة الحرية والكرامة في تونس من 17 ديسمبر 2010 إلى 14 يناير 2011 م مفاجئة  للعالم وحتى للتونسيين رغم وجود عدة إرهاصات، وانتفاضات سبقتها جوبهت بقمع شديد.كانت ثورة وطنية خالصة قام بها التونسيون والتونسيات في كامل ربوع الوطن في وحدة كبيرة حول شعاراتها الرافضة للظلم وشعاراتها المبشرة بالكرامة. وجوهر مطالب ثورتنا هي الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان على المستوى السياسي،والتنمية والتشغيل والتوازن بين الأقاليم والجهات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي ومعالجة مظالم الماضي لبناء مجتمع خال من القهر والظلم.وأمام الفراغ الدستوري الذي حصل بسقوط النظام سرعان ما توصل التونسيون إلى الاتفاق على، رئاسة مؤقتة، وحكومة انتقالية تعد للانتخابات،ومجلس تأسيسي يتولى إنتخاب رئيس والمصادقة على حكومة أفرزتها نتائج الانتخابات وإعداد دستور جديد وممارسة مهام التشريع والرقابة.

 

لم يكن أحد يتوقع أن تكون التحديات التي تعترضنا وما زالت بتلك الصعوبة والتعقيد، فقد كنا نعرف أنّ الدولة عريقة نسبيا في بلادنا ونفرق بين الدولة وضرورة المحافظة عليها حتى في أدق فترات الثورة وبين نظام يتغير أو مسوولون يتغيرون. لكن اعترضتنا صعوبات كبيرة في السنة الأولى أي قبل الانتخابات في المستوى الأمني حيث استمرت جهود تطوير المؤسسة الأمنية وبسط الأمن في البلاد سنتين تقريبا خاصة وقد انضاف إليها عنصر الإرهاب منذ منتصف سنة 2011م.

 

لقد نجحت تونس في إجراء الانتخابات الديمقراطية الاولى في أكتوبر 2011 وصار لبلدنا سلطة تأسيسية وتشريعية منتخبة ورئيس جمهورية منتخب من المجلس التأسيسي وحكومة حظيت بمصادقة المجلس التأسيسي هي ائتلاف للثلاث الأحزاب الكبرى الفائزة في الانتخابات،حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات.وكانت مهام الحكومة هي مواجهة التحديات المعلومة أي، ضبط الأمن وبسطه وإصلاح المؤسسة الأمنية، وحماية الحريات والديمقراطية وإعداد الدستور لإجراء الانتخابات طبق أحكامه) ومعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية وخاصة المستعجلة منها والشروع في الإصلاحات الكبرى،ومقاومة الفساد و(إرساء منظومة) العدالة الانتقالية،وبناء علاقات تعاون واحترام مع الدول والشقيقة والصديقة.
والحقيقة أننا بدأنا  في بداية 2012 م بقوة وحماس كبيرين في مختلف هذه المجالات ولكننا ما لبثنا إن أصطدمنا بعقبات بعضها منتظر وبعضها لم نتوقعه.

 

هل يمكن أن تشرحوا لنا طبيعة هذه العقبات؟
 بدا واضحا منذ نتائج الإنتخابات التي لم يشكك في نزاهتها أحد أن بعض القوى السياسية رفضت الإذعان لهذه النتائج رغم اعترافها بها، وبدأ التشكيك في وعي الشعب وفي الحكومة ثم في المجلس التأسيسي، كما بدأ الشحن المضاد والتحريض في كثير من وسائل الإعلام وتم استغلال الشعور التلقائي لدى الشباب ببطء الإنجازات لتحريضه والتشكيك في توجهات الحكومة كما تم استغلال العمليات الإرهابية لنفس الغرض، وبدا واضحا أن البعض يعمل من أجل إسقاط كل ما أفرزته الإرادة الشعبية في الانتخابات أي المجلس التأسيسي ورئاسة الجمهورية والحكومة وكل القوانين التي صودق عليها والأعمال التي تمت في إعداد الدستور.وشهدت بلادنا فترات صعبة خلال سنتي 2012 وخاصة 2013 م واعتمدت بعض القوى على التجييش ودفعت بأنصارها لاحتلال مؤسسات الدولة لكنها فشلت لقلة أنصارها ولوعي الشعب وعدم انجراره، ولوقوف المؤسستين العسكرية والأمنية إلى جانب الشرعية وفي إطار القانون. وما يتطلبه الموقف الوطني وهو الحفاظ على أمن الوطن والمواطنين واحترام القانون والحياد في الصراع السياسي.
كان علينا كحكومة وكأحزاب وطنية تحترم الشرعية أن نتعامل بحكمة مع هذه المحاولات التقويضية وأن نشرح للشعب حقيقة الأوضاع وأن نعمل على وعيه حتى لا يجاري المغامرات والدافعين نحو المجهول ونحو الفراغ، وفي الوقت نفسه كنا ندعو للحوار والتعاون والشراكة في إطار احترام المؤسسات الشرعية  وبعد مرحلة صراع  حاد تطورت القناعة  لدى عدد من الأطراف نحو اعتماد  الحوار والبحث  عن التوافق .

 

 

ما تقييمكم للحوار الوطني، وهل وصلت تونس لبر الأمان من خلاله أم أن هناك تحديات أخرى؟
 يمكن القول أن وصولنا للحوار لم يكن ليقع لولا الوقفة الوطنية والثبات الذي أبدته الحكومة والرئاسة والمجلس والشعب ولولا الروح الوطنية التي تحلت بها الأطراف الأساسية من أحزاب ومنظمات وطنية وجمعيات مدنية ومنها الاتحاد العام التونسي للشغل،الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، الهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وكذلك لولا التزام الترويكا (الائتلاف الحاكم) بجعل مصلحة البلاد هي العليا وعلى حساب أحزابها وذلك لتفويت الفرصة على المغامرين وعلى المغامرات ومحاصرة عوامل التآكل والاحتقان التي انعكست سلبيا على مجالات الاقتصاد والاستثمار والأمن والاستقرار وعلى علاقاتنا الدولية. وتمكنت تونس عبر حوار وطني من احترام الديمقراطية ومؤسساتها والمصادقة على الدستور وقانون الانتخابات وهيئة الانتخابات وهيئة العدالة الانتقالية وتمكنا من وضع البلاد في طريق الاستقرار السياسي وشكلنا حكومة جديدة محايدة للإشراف على هذه  المرحلة. وبذلك نكون قد حققنا الوضوح السياسي والاستقرار السياسي في اتجاه إنهاء المرحلة الانتقالية بالانتخابات القادمة قبل موفى 2014 م وساهمنا في تحسين الاستقرار الاجتماعي بتقليص الإضرابات والاحتجاجات وتواصل جهود بسط الأمن وملاحقة الإرهاب ضمن سياسة ثابتة، وساعد هذا على التصدي للصعوبات الاقتصادية والاجتماعية وعلى مواصلة الاصلاحات الضرورية للتنمية والتشغيل وتقوية الديمقراطية الناشئة، وما زال الحوار مستمرا في القضايا السياسية وانضاف إليه حوار وطني في القضايا الاقتصادية. لقد كانت نسبة النمو في سنة 2011 في حدود تحت 2 في المائة ( سلبي ) وبلغنا معدل سنوي  3,1 في المائة بين  2012 و2013 م ،و نحتاج إلى نسبة نمو أرفع بكثير حتى نضاعف من جهود معالجة التفاوت بين الجهات والبطالة وتحسين ظروف العيش.
أما في  مستوى العدالة الانتقالية ومكافحة الفساد فإن جهودا كبيرة بذلت سنتي 2012 و2013 م في مجال استرجاع الأموال والممتلكات المنهوبة ومازالت الجهود مستمرة، كما تمت المصادقة على قانون العدالة الانتقالية وعلى الهيئة التي  ستتولى السهر على هذا الملف الكبير وتقودنا رؤية وطنية  في هذا المجال تهدف إلى  معرفة  الحقيقة والمحاسبة والمصالحة بعيدا عن التشفي وعلى كل ما يهدد الوحدة الوطنية أو يغذي الكراهية.

 

هل أنتم متفائلون،رغم أن البعض يرى بأن الربيع العربي تم اجهاضه؟
 إن بناء الديمقراطية يحتاج إلى أحزاب ديمقراطية وذات وزن ومصداقية،وتجربتنا حديثة لكنها تتقدم. وبالرغم من وجود عقبات فإن تونس تتدرج نحو الديمقراطية الحقيقية والاستقرار الاجتماعي والأمني، ونحو التنمية والتعاون الدولي المثمر خاصة مع التطور الملموس في الأحزاب نحو الديمقراطية والشراكة والتنافس بدل التحارب، وكذلك بعد أن أكد الشعب للجميع أنه على درجة كبيرة من الوعي والتمسك بالديمقراطية والاستقرار ونبذ المغامرات والغلو. ولاشك أن جاذبية الربيع العربي قد ضعفت بسبب الإخفاقات المسجلة في بناء الديمقراطية، وفي المجال الأمني بالخصوص، وحيثما حل الإرهاب فإنه يشوه الإسلام ويشوه الثورات، لكن مطالب الحرية والديمقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية تشق طريقها في الوطن العربي سواء عبر الثورات أوعبر المبادرة بالإصلاحات ،وما زاد عن ذلك فهو من العقبات المتوقعة في طريق التحول التاريخي الذي تشهده المنطقة.