27 ربيع الأول 1437

السؤال

أنا سمراء اللون، وجامعية، وعمري صغير.
أهلي - ربي يسامحهم - يريدون تزويجي بشخص تقدم لي رغمًا عني، وأنا لا أريده، ويقولون: أني سوداء!! ولن يتقدم لي أحد غيره، وإذا لم أوافق عليه، لن تأتي لي فرصة زواج أخرى نهائيًا، وكل عائلتي ضدي، وأنا لا أريد النظرة الشرعية، وأهلي مصرين عليها، وأنا قد اتخذت قراري برفضه، فما العمل؟!.

أجاب عنها:
سعد العثمان

الجواب

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه...
أختي الفاضلة: بداية أرحب بكِ أجمل ترحيب في موقع المسلم، وأشكركِ على ثقتكِ، بموقع المسلم، ومتابعتكِ له، ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يجعلنا أهلاً لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم.
أختي الفاضلة: ذكرتِ في معرض الحديث عن مشكلتكِ أنك تعانين من أمرين: الأول: بالنسبة لك شخصيًّا من حيث لون بشرتك. والأمر الثاني: في الرجل الذي تقدم لخطبتك، فلا تقلقي أختي الفاضلة، فقد وصلتِ إلى برِّ الأمان، فإخوانك في موقع المسلم عندهم العلاج الناجع – بإذن الله - لمشكلتك، والتي يمكننا معالجتها باتباعك للإرشادات والتَّوجيهات الآتية:
أولاً: بالنسبة لتعليقات أهلك بشأن لون بشرتك:
أختي الكريمة: أرجو أن تلاحظي الأمور التالية بالنسبة لهذا الجانب:
• أول شروط الجمال أنْ يكون الجمال نابعًا من داخِلكِ، وتشعُرِين به في باطنكِ قبل ظاهركِ، وتراه عينك الداخليَّة قبل عينك الخارجيَّة، فلكلِّ إنسانٍ عينان: عينٌ خارجيَّة يرى بها ما حوله، وعينٌ داخليَّة يرى بها ذاته ونفسه. عينكِ الداخلية هي التي تحكُم عليكِ؛ فإذا كنتِ ترَيْن نفسك جميلة ستكونين جميلة، وإن كنتِ ترَيْن نفسك قبيحة ستكونين كذلك. فعندما نقتنع في داخلنا بفكرةٍ معيَّنة، نرفُض تصديق أيِّ فكرة تُخالِفها وتعاكسها، ولا نرى إلا ما يُوافِقها من الأمور، هذه الفكرة لن تتغيَّر إلا إنْ وضعناها على الهامش قليلاً، وبدأنا في مناقشة باقي الأفكار وتقييمها ووضعها على الميزان.
• لكلِّ فتاة سحرُها وجاذبيَّتها الخاصَّة بها، والتي لا تُشبِه الأُخرَيات، تخيَّلي لو أنَّنا اختَرْنا أكثر العيون سِحرًا، وأكثر الأنوف استقامةً ودقَّة، وأجمل الشفاه وأنضرها، وجمعناهم جميعًا في وجهٍ واحدٍ، كيف ستتخيَّلين شكله؟ هل سيكون جميلاً؟ سيكون هجينًا وغير متناسق! لأنَّ هذه العيون لها الأنف والشفاه التي تُناسِبها، ولا تتناسَب مع غيرها!.
• توقَّفي - أخيَّتي - عن محادثة نفسِك بطريقةٍ سلبيَّة؛ كقولك- أو قول أهلك- بأنَّك قبيحة، وبأنكِ سمراء، فالجمال هو هِبةٌ من عند الله، وخبراء الجمال دائمًا يقولون: لا توجد امرأةٌ قبيحة، كلُّ النساء جميلاتٌ؛ إذا عرفْنَ كيف يُظهِرن جمالهن، وهذا ما عليكِ فِعلُه حتى تشعري بجمالك، اهتمِّي بنعومة بشرتك وصَفائها، وبحيويَّة شعرك وجماله، وبرشاقةِ جَسدِك وصحَّته، استخدِمِي الأقنعة الطبيعيَّة والزيوت المغذية، وإن بحثتِ في الإنترنت فستجدين الكثيرَ من الوصفات والطُّرق لكلِّ تلك الأمور، ولكن تذكَّري أنَّ جمالَ الجسد لن يَظهرَ إلاَّ إذا كانت الرُّوح جميلةً صافية نقيَّة، فكما تهتمِّين بجمالك الجسديِّ حافِظي على جمالك الرُّوحي وزِيديه، ثِقِي في نفسك ونمِّي عقلَك، وإذا نظرتِ لنفسك في المرْآة، ابتَسِمي وانظُري لانعِكاس صورتِك بحبٍّ وامتنانٍ لله - سبحانه - بأنْ أنعمَ عليك بهذا الجمال الداخلي والخارجي.
• كوني أكثر ثقة بنفسك وقدراتك التي منحك الله إياها، واحرصي على التفوق في دراستك، وشاركي في الأنشطة الخيرية، كحلقات القرآن الكريم فستجدين البيئة الملائمة التي تعينك، وكذلك حضور المحاضرات والدروس النافعة، والمشاركة في الخدمة المجتمعية من قيام على أمر الفقراء والمساكين ورعايتهم.
• ابحثي عن الصفات الإيجابية التي تتميزين بها وطوريها، فأنا ألمح من ثنايا حديثك أن لديك روحا وثابة إلى الفضائل، وتطمح إلى التقدم والتطور، وهذه الصفة رائعة جدًا، وقد حباك الله بها، فابدئي بكتابة برنامج لحياتك وأهدافك فيها، يشمل تفوقك الجامعيّ، وتغيير السلوك البيتيّ، وأداء حق والديك وإخوتك وأخواتك، وكتابة خطوات تدريجية للوصول إلى التواصل الأمثل مع المحيط الاجتماعي الذي تعيشين فيه، وطوري نفسك بعمل الدورات التي تعينك على التفوق العلمي والمعرفي، واحفظي وقتك من أن يضيع سدى، وانطلقي في حياتك بسعادة وروح غامرة بعيدة عن التعقيد والضيق.
• قوِّي صلتك بالله..فمن هذه اللحظة عاهدي الله على المحافظة على الصلوات في أوقاتها، وابدئي بحفظ القرآن الكريم، وتعلمي أوامر الله سبحانه وتعالى من خلال طلب العلم الشرعي.
ثانيًا:الزواج قسمة ونصيب:
فلا علاقة لأحد به، بل هو قدَرٌ مَحْضٌ من الله عزَّ وجلَّ لك، ولذا أسائلك أخيَّة: هل توجد أسباب مقنعة لرفضك لهذا الخاطب؟، هل وجدت فيه سوءًا أو بلغك عنه شيئًا، فإن كان رفضك لأسباب مقنعة فأنصحك بأن تعرضيها على والديك وتناقشيها معهم، وإن كان رفضك لأسباب غير مقنعة فما المانع من أن تَرَيْ هذا الخاطب ويراك ؟!، فلربما غرس الله حبه في قلبك لأول نظرة، ونصيحتي لك أخية هي النصيحة النبوية-كما في الترمذي بإسناد حسن-: " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوِّجوه "، ولذا أنصحك بقبول الرؤية الشرعية لعله أن يؤدم بينكما، فلا يوجد مانع فيما أفهمه من خلال كلامك.
ثالثًا: تسلحي بالدعاء:
فأكثري من الدعاء بظهر الغيب، وانطرحي بين يدي الله سبحانه وتعالى، وصلي صلاة الاستخارة كما علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسألي الله عزَّ وجلَّ أن يوفقك للرشاد والسداد.
نوَّر الله قلبك، وسدد خطاك، ورزقنا وإياك حسن الصلة بالله سبحانه وتعالى.