شعاراتهم ومواثيقهم تجارة مزاجية
16 رجب 1435
منذر الأسعد

أتى على الغرب حين من الدهر، تفنن فيه في إخفاء قبحه وراء أقنعة متقنة الصنع، فلم يكن يرى ما وراءها إلا قلة من النخبة النظيفة، لكن التقية التي كان الغرب يتقنها كانت تجعل مهمة هؤلاء الناقدين عسيرة نسبياً، لأن كل ما بين أيديهم كان عبارة عن قرائن وليس أدلة قاطعة..

 

كانت تجارة القانون الدولي رائجة، وشعارات حقوق البشر تملأ الجدران والطرقات..
وأما بعد خلع أكثر الأقنعة وأشدها سماكة وحجباً لما وراءها، فقد بات الأمر مكشوفاً وعلنياً، فهم أصبحوا على قناعة بأن المسلمين على الصعيد الرسمي العام جثة هامدة، عجزت حتى عن أنينها القديم: الشجب والاستنكار... بل أصبح فيها من يدافع عن جرائم الصهاينة والصليبيين والمجوس الجدد بوقاحة تستفز أشد الناس حلماً وأناة..

 

"سيلفي الحروب"

"يجب ألا تفصل صور الحروب عن سياقاتها" كان هذا عنوان عمود للرأي نشرته صحيفة صنداي تلغراف منذ أيام، تعارض فيه الغضب العارم لدى ناشطين وحقوقيين على الصور التي انتشرت على الإنترنت لجندي بريطاني وهو يشير بإشارة النصر بالقرب من جثة مضرجة بالدماء لمسلح من حركة طالبان في أفغانستان.

 

التقطت تلك الصور التي نشرت على موقع "لايف ليك" عام 2012 في أعقاب الهجوم على قاعدة للجيش البريطاني في أفغانستان.

 

وتقول صنداي تلغراف إنه بالرغم من أن غير العسكريين سيرون في الصورة ربطاً غير مبرر للغبطة والموت وانتهاكاً لقواعد معاملة أسرى الحروب طبقا لمعاهدة جنيف لكن قراءة الصورة يجب ألا تتم أيضاً بمعزل عن سياقها.

 

ويشير مقال الرأي إلى أنه في الوقت الذي يجب عدم تشجيع ثقافة الصور الملتقطة ذاتياً والمعروفة الآن بـ"سيلفي" خلال المعارك، فإن على الجالسين في منازلهم النزول لمحاربة طالبان قبل إصدار أحكام قاسية دون معرفة الملابسات، حسب زعم الصحيفة. 

 

الصحيفة المريضة بالكراهية لكل ما يتصل بالإسلام، تقول بصورة مواربة: أين المشكلة في تصوير ذبح البشر ما دام القتيل مسلماً، والقاتل غربياً؟

 

كاتب الرأي المشين يعلم مسبقاً أن اتفاقات جنيف الأربعة تمنع نشر صور القتلى والأسرى.. فكيف إذا تضمنت الصورة إهانة وضيعة واسترجالاً نذلاً على شخص مات؟

 

إن من يجمع الشواهد المتكاثرة في هذه القضايا الحساسة، ينتهي إلى يقين مدجج بالأدلة الحاسمة، على أن هتلر لم يكن طارئاً على ثقافة الاستئصال الغربية، وإنما هو جزء طبيعي منها، لكن مشكلته معهم أنه حصر الامتيازات في العرق الجرماني وحده.ولو أن حافظ على الاستعلاء الغربي الصليبي إزاء غير العرق الأبيض الصليبي فقط، لما لقي احتشاد الغرب كله لاجتثاث خطره..

 

فالانتقائية والمكاييل المزدوجة، يجب أن تبقى محصورة في نطاق الغرب ضد غيره، وبخاصة ضد أمة الإسلام، لأنها الوحيدة التي تملك مشروعاً حضارياً يرفض الكفر والكبر ونهب ثروات الأمم واستعبادها لفائدة عرق واحد..

 

انظروا إلى تواطؤ أعداء الله جميعاً على مناصرة نيرون العصر بشار الأسد، لوأد ثورة الشعب السوري المسلم!! انظروا كيف التقى الكاثوليكي مع عدو الأمس الأرثوذكسي وعدوهما الآخر البروتستانتي مع اليهودي الذي كانوا يستأصلونه، مع المجوسي والبوذي والهندوكي!!

لقد تفرق شملهم إلا علينا.. وملة الكفر واحدة، فمتى تتحد أمة التوحيد وتنفض غبار الذلة وغثاء الوهن وآثار الغفلة؟