الديكتاتورية بثوب الديمقراطية !!
13 رجب 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

"شر البلية ما يضحك" مثل ينطبق تماما على واقع مسرحية الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي تجري أحداثها في بعض الدول العربية – ومنها دول ما سمي "بالربيع العربي" – والتي تحمل في طياتها الكثير من الشدائد والمصائب والنكسات , بعد ثورات شعوب كانت تتوق إلى الحرية والعدالة والديمقراطية , فإذا بالحصاد يأتي مرا جراء تآمر الصليبية والرافضة والصهيونية عليها , وإعادة انتخاباتها إلى سالف عهدها القديم .
نعم ...لم تحد الانتخابات العربية الحالية عن أسلوبها ومسارها القديم المرسوم لها قيد أنملة , حيث كانت نتائجها معدة ومحسومة مسبقا لصالح الحزب الحاكم وزعيمه الملهم , وهي اليوم تفضي وستفضي إلى نفس النتيجة , مع تعديلات حاولت إظهارها بمظهر ديمقراطي , من خلال إدخال بعض المرشحين أمام الزعيم الملهم , إلا أنها تعديلات ممزوجة من شدة انكشاف غايتها , لتكون بذلك أشد استبدادا وديكتاتورية من السابق .
ففي العراق ذكرت صحيفة عراقية - البيان - أن المالكي يجري حاليا اتصالات مع عدد من الكتل السياسية لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية حتى قبل صدور النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية , فالرجل متأكد وواثق من فوزه بناء على إشرافه ومليشياته على إجراءات العملية الانتخابية , وبناء على الدعم الأمريكي والغربي والإيراني له , وما الانتخابات إلا شكلا وإجراء روتينيا لإعلان فوزه بالأغلبية البرلمانية , التي تؤهله لاستكمال مسيرة القضاء على أهل السنة , واستبعادهم نهائيا من المشهد السياسي العراقي .
وفي سورية وبعد ثلاث سنوات من استخدام بشار كافة الأسلحة التقليدية والمحرمة دوليا - وعلى رأسها السلاح الكيماوي - ضد شعبه , وبعد أن أجمع القاصي والداني على وجوب اسبعاده من الحكم والسلطة , يترشح الأخير إلى انتخابات الرئاسة , بعد أن وضع دستورا جديدا للبلاد على مقاسه – ناهيك عن تعديله الدستور سابقا على مقاسه ليستطيع وراثة الحكم عن والده حافظ عام 2000م – يمنع فيه دخول أي منافس له من المعارضة .
وبينما كان سابقا يجري – ووالده من قبله - استفتاء على استمراره في الحكم وليس انتخابات , رأى هذه المرة أن يجري استفتاء أيضا باسم الانتخابات , وذلك من خلال فتح الباب لبعض الدمى للمشاركة معه , في مسرحية مضحكة مبكية فعلا .
فقد تضمنت القائمة النهائية للانتخابات الرئاسية السورية - التي تعتبر بكل المقاييس مهزلة - ثلاثة مرشحين هم : بشار الأسد ، وماهر حجار، وحسان النوري , وحتى تستكمل فصول المسرحية أطلقت حملة الأسد رسميا أمس ليلا على مواقع التواصل الاجتماعي شعار الحملة "سوا" , بعد أن انطلقت اليوم حملة الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من يونيو/حزيران القادم , والحسومة مسبقا لصالح بشار !!
والملاحظ في مسرحية الانتخابات العربية الحالية أنها تجري بموافقة غربية علنية أو ضمنية , بل بدعم واضح وصريح في بعضها كما هو الشأن في العراق , فبدلا من أن يحاكم بشار وأمثاله في محاكم جنائية دولية على جرائمه بحق الإنسانية , إذا بالغرب والمنظات الدولية تبارك ضمنا ترشحه للرئاسة , بينما تشجب ذلك وتعتبره "مهزلة" دبلوماسيا وإعلاميا .
ولا يختلف وضع الانتخابات الرئاسية في مصر والمقرر عقدها في 26- 27 من الشهر الحالي عن غيرها , فعلى الرغم من وجود رئيس منتخب ديمقراطيا ومحتجز منذ 3 من يوليو الماضي , إلا أن ذلك لم يمنع السلطات الجديدة من إجراء انتخابات رئاسية جديدة في البلاد , بين مرشحين الفائز منهما معلوم ومعروف قبل إجراء الانتخابات !!
ولم تكن تجربة انتخابات الجزائر مؤخرا ببعيد عن صيغة إلباس الغرب الديكتاتورية العربية ثوب الديمقراطية الوهمية , فقد عدل بوتفليقة الدستور ليستطيع الترشح لولاية جديدة , وعلى الرغم من تدهور حالته الصحية التي لا تؤهله لقيادة البلاد حسب الدستور , إلا أن ذلك لم يمنعه من خوض الانتخابات , والفوز بولاية رئاسية جديدة !!
فإلى متى ستبقى الدول العربية تدور في دوامة ديكتاتورية علنية كان الغرب قد ساندها طوال العقود الماضية ؟! و بين ديكتاتورية جديدة - أسوأ من سابقتها - أراد الغرب أن يلبسها لباس الديمقراطية الوهمية بعد ثورات "الربيع العربي" ؟!