14 رمضان 1437

السؤال

أنا فتاه عندي 18 سنة، ولكن أنا لا أصلي أو أصلي نادرا، وكثيرا ما أشعر بالذنب لذلك، وأخاف من عقاب الله سبحانه وتعالي، ولكن سبب ذلك هو أني لا أحب أن يدري احد من أسرتي أني أصلي مع أن أمي تواظب على الصلاة وأحياناً وأنا أصلي عندما أشعر أن أحداً قادم أخرج من صلاتي حتى يعود إلى غرفته ودائما أشعر أن الله غاضب مني وغير راض عني وأعصيه في كثير من الأمور ماذا افعل؟

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

الابنة الكريمة: شرع الله سبحانه لنا من الشرائع والعبادات ما يصلح به حياتنا وآخرتنا، وجعلها بلسما شافيا لأمراض النفوس ووساوس الشياطين وتسويلات الأشرار.
والصلاة هي العبادة الفاضلة في توثيق الصلة بين العبد وبين ربه بعد توحيده لله سبحانه وإيمانه بأسمائه وصفاته وربوبيته وألوهيته عز وجل، فعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألتُ النبي - صلى الله عليه وسلم- أيُّ العمل أحبُّ إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها». قال: ثم أيّ؟ قال: «ثم بِرُّ الوالِدَين». قال: ثم أيّ؟ قال: «الجهادُ في سَبِيلِ الله" أخرجه البخاري
ومن أشد الكوارث التي تسربت إلى مجتمعاتنا إهمال الصلاة، وهو ناتج من خلل في منهجنا التربوي التطبيقي في البيوت والمدارس وغيرها من المؤسسات التربوية والتي تجعل الانتظام في الصلاة بمجرد الأمر والطلب.
ولقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الصلاة عبادة محبوبة وأن العبد الصالح يتوق إليها توقا وفيرتاح لها ويفتقدها إذا غابت قليلا عنه، فكان يقول لبلال رضي الله عنه " أرحنا بالصلاة يابلال "
وكانت لحظات السجود عنده من أعظم وأحب لحظات الحياة، فكان يقول " اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد "
الابنة الكريمة:
إن مجرد النصح والموعظة لن يغيرا حالك مع الصلاة من الإهمال إلى الانتظام، بل يجب أن تعقدي في نفسك رغبة ملحة على الارتباط بها ليلا ونهارا، وتعقدي في قلبك عقدا أنها صلتك مع ربك سبحانه.
كما يجب أن تعلمي أن الغفلة عن الصلاة من أكبر كبائر الذنوب، بل قد عد الإسلام الامتناع عنها تركا لربقة الإسلام إذ في الحديث "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر".
وهي عماد الدين، وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين الرجل وبين الكفر ـ أو الشرك ـ ترك الصلاة" أخرجه مسلم،وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة"، وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "من ترك الصلاة فقد كفر".. هذه العقوبة لمن ترك الصلاة بالكلية.
أما من يصليها لكنه يتكاسل في أدائها، ويؤخرها عن وقتها، فقد توعده الله بالويل فقال: {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون}.
والويل هو: واد في جهنم الصلاة، وقد أمرنا الله بذلك فقال: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}.
فلابد أن تنطلقي من قلبك للانتظام في الصلاة، فلتعقدي في قلبك حبها بعد معرفة قدرها وإيجابياتها وآثارها العظيمة، ومن ثم ترتبي حياتك عليها بصورة دائمة وخمس مرات في كل يوم وليلة، ولكل وقت فضائله وآثاره
أما ما تذكرينه من سبب للتكاسل عن الصلاة كونك لا تريدين أحدا أن يعلم أنك تصلين فهو سبب مستغرب وما أحسبه إلا من تسويل الشيطان لك، فليس لذلك معنى منطقي ولا عملي، وماذا يفعل لك الناس إذا ما أغضبت ربك وماذا يقدمون لك إذا عذبك ربك لاستهانتك بأوامره، كذلك ماذا سيكون أثرهم السلبي إذا أطعت ربك وأرضيته؟!
إن ترك العبادة مخافة مراءاة الناس هو أيضا نوع من المراءاة المذمومة، ولو تفكرت قليلا لعلمت أن هناك من العبادات لا تؤدى إلا أمام الناس ومنها الصلاة في الجماعات، فلو أن كل مصل فكر بفكرك لترك الناس الصلاة ولفسدت المجتمعات.
الابنة الكريمة: أنت ذكرت أنك تخافين الله سبحانه وتخافين غضبه عليك وتشعرين بعدم التوفيق، وهذا شيء حسن أن تخشي عذاب الله سبحانه، فليكن ذلك دافعا لك على التوبة العاجلة من تضييع الصلاة والوقوع في الآثام، والزمي الاستغفار، ولا تهتمي بمدح الناس لك أو ذمهم فهم لن يغنوا عنك شيئاً.