"الزواج المصري الأمريكي"!
3 رجب 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

صادمة هي تصريحات وزير خارجية النظام المصري نبيل فهمي التي أطلقها في واشنطن خلال زيارته التي أراد من ورائها الترتيب لإعادة المساعدات الأمريكية للقاهرة والتي حجبتها عقب عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي منذ 10 أشهر تقريبا..

 

فهمي ليس مسؤولا صغيرا أو عديم الخبرة حتى لا يحسب بدقة مفرداته أو يحاول البعض تأويلها تأويلات عجيبة للدفاع عنه أو بالأحرى الدفاع عن النظام الذي يمثله, فهو دبلوماسي مخضرم ويعلم جيدا ما يقوله ويعنيه, عندما قال أن العلاقة بين "مصر وأمريكا زواج وليس نزوة"...

 

التصريح يعبر بدقة عن العلاقات بين النظام الحالي في مصر بعد 30 يونيو وأمريكا ويكشف أمورا كانت واضحة تماما للبعض إلا أن محاولات الإعلام الموالي للسلطة طمستها عن أعين الكثيرين, فواشنطن من أول لحظة لم تدن بوضوح عزل رئيس منتخب بشكل ديمقراطي ولم تصف ما حدث كعادتها في مثل هذه الأحوال بالانقلاب, إنما طالبت بإعادة المسار الديمقراطي وكأن المسار الذي تم إلغاؤه لم يكن ديمقراطيا...

 

 

في نفس الوقت دأب وزير الدفاع الأمريكي على الاتصال اليومي بوزير الدفاع المصري وقتها عبد الفتاح السيسي للاطمئنان على سير الأوضاع ثم ما لبث وزير الخارجية أن أعلن تأييده الواضح لما جرى واعتبار 30 يونيو ثورة وليست انقلابا, كما كان موقف الاتحاد الأوروبي مشابها للموقف الأمريكي حيث زارت آشتون القاهرة عدة مرات في ظل تأزم الموقف وقبل وبعد فض اعتصام رابعة والنهضة وكان كل ما سعت إليه الضغط على تحالف دعم الشرعية للقبول بما أراده الجيش والاعتراف بالنظام الجديد بحجة أن هذا يجنب البلاد الدخول في نفق الجزائر...

 

وفي وقت مبكر جدا أكد رئيس الأركان الأمريكي في شهادته أمام الكونجرس على ضرورة دعم الجيش المصري مهما جرى لأن في ذلك حفاظا على أمن أمريكا و"إسرائيل", مؤكدا أن علاقات قوية تربط الطرفين منذ فترة طويلة..ورغم وضوح الرؤية بشكل كبير إلا أن الإعلام المؤيد للسلطة القائمة أظهر الأمر أن واشنطن تدعم الرئيس مرسي وتريد عودته بشتى الطرق وأنها تعادي المشير السيسي والجيش وأن المصريين يجب أن يقفوا في وجه عملاء أمريكا ضد القيادة الجديدة التي ترفض التبعية ـ حسبما قالوا ـ وهي ادعاءات لا يمكن أن تصمد أمام أي مستوى من التحليل والمعلومات المتداولة بل رأينا ربطا بين السيسي والرئيس الأسبق عبدالناصر بشكل تعسفي بدعوى أن كليهما يعارض التدخل الأمريكي في شؤون مصر وازدادت هذه المزاعم بعد زيارة السيسي لروسيا...

 

السيسي نفسه كذب هذه الادعاءات تماما وأوضح مدى قوة العلاقات التي تربطه بالولايات المتحدة في لقاء عقده مؤخرا مع وفد من المسؤولين والخبراء الأمريكيين عندما أكد على ضرورة استمرار المساعدت الأمريكية لمصر لأن القاهرة لا يمكن أن تستغنى عنها, كما أكد على الروابط القوية بين البلدين ..

 

إن تصريحات فهمي وإن كانت صادمة إلا أنها واقعية ومتناسقة مع ما يجري في البلاد منذ 30 يونيو فحكم جماعة الإخوان والرئيس مرسي لم يكن ملائما لواشنطن ولا لحليفتها الأولى "إسرائيل" وقد أكد على ذلك الرئيس أوباما عندما قال إبان عهد مرسي أن "مصر ليست عدوة ولا صديقة" وهو تصريح لم يصدر من أي رئيس أمريكي خلال الـ 40 عاما الماضية..إن تصريحات فهمي ومعها التراجع الأمريكي عن حجب الدعم العسكري تبين طبيعة الرؤية الأمريكية لدول الشرق الأوسط وأنظمتها وما هو المطلوب منها وهو ما يوضح بعض أسباب الصعوبات التي تمر بها دول الربيع العربي حاليا.