امتحان المصالحة الفلسطينية
25 جمادى الثانية 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

المصالحة التي تم الاتفاق عليها منذ أيام بين كبرى الحركات الفلسطينية حركة حماس وحركة فتح لرأب الصدع والخلافات المتفجرة بينهما منذ سنوات عديدة عقب المعارك التي اندلعت بين الطرفين بتخطيط من أحد أكبر جواسيس الاحتلال الصهيوني داخل السلطة والذي تم تحذير حركة فتح منه أكثر من مرة إلا أنها أصرت على صم آذانها حتى تفاقم الخلاف والآن تبين لها كيف كان يخطط محمد دحلان لتفجير الأوضاع مع حماس في غزة وكيف أثر ذلك على القضية الفلسطينية طوال السنوات الماضية التي شهدت شق الصف الفلسطيني..

 

محمد دحلان الذي تنافح عنه حتى الآن بعض الدول العربية وأجهزة إعلامها هو نموذج لكيفية هدم المشاريع الوطنية في أمتنا العربية واستغلال النفوذ وتنفيذ مخططات الأعداء حيث لم يقف دوره على غزة فقط ولكن امتد إلى سيناء حيث ساهم مناصروه الذين فروا من غزة عقب هزيمتهم أمام حماس في تفجير الأوضاع وبث الفتنة وإلصاق كل ذلك بحركة حماس التي طالما حذرت من هذا الشخص وتآمره على القضية الفلسطينية وعلى رموزها وهاهو زعيم السلطة الفلسطينية يعترف أخيرا بأن دحلان كان وراء اغتيال عدد من كبار قادة منظمة التحرير ومن بينهم الرئيس الراحل ياسر عرفات وان له علاقات مشبوهة مع الكيان الصهيوني, ومع ذلك لا زالت بعض الفضائيات والأقلام المسمومة تدافع عن الرجل وتصب أكاذيبها وأكاذيبه على حركة المقاومة الوطنية الشريفة حماس لمجرد توجهها الإسلامي الذي أصبح كالعقرب يلدغ التيارات العلمانية في وطننا العربي و التي سيطرت على مقاليد الحكم والثقافة والإعلام عشرات السنوات في عدة بلدان وأثبتت فشلها الذريع وما زالت مصرة على الاستمرار وإبعاد كافة الكفاءات الوطنية البعيدة عن توجهها...

 

إن المصالحة الفلسطينية التي تمت عقب اجتماع هو الأول من نوعه في غزة منذ الخلاف الدامي ليس إلا إعلان مبادئ ورغم أهميته إلا أنه لا يعني أن كل شيء انتهى وأن الخلافات زالت تماما  فهناك الكثير من الصعوبات تواجه الاتفاق على رأسها وجود نية حقيقية هذه المرة للتنفيذ بعيدا عن الضغوط المعلنة وغير المعلنة والتي أدت إلى فشل جميع المحاولات السابقة التي جرت بوساطات مختلفة من أجل إنهاء الخلاف الذي دفع ثمنه الشعب الفلسطيني الجريح وقضيته العادلة...لقد بدأت الضغوط المعلنة فور إعلان اتفاق المبادئ حيث أعربت واشنطن عن قلقها من الاتفاق زاعمة  أن حماس "منظمة إرهابية" وأنها ترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني وبالتالي لا يمكن أن تكون طرفا في حكومة فلسطينية ـ على حد قولها ـ كما أعلنت أنها تدرس وقف المعونات المقدمة للفلسطينيين بعد هذا الاتفاق, وهو تدخل غريب في الشأن الداخلي الفلسطيني وفي خيارات الشعب الفلسطيني فهل يمكن لأمريكا أن توقف معوناتها لـ "إسرائيل" مهما كان تطرف رئيس حكومتها كما كان الحال مع الإرهابي الدولي شارون مثلا والمتهم في عدد من المجازر؟!....في نفس الوقت أعلن الاحتلال تعليق التفاوض مع السلطة وطالبها بإعادة النظر في الاتفاق مع حماس إن أرادت أن تستمر ما أسمته بـ "جهود السلام" والسؤال أين هو السلام الذي يتحدث عنه الكيان الغاصب منذ أن جلس الطرفان معا في أوسلو ؟! وكم حرب دارت وكم قتيل سقط وكم مناضل اعتقل وكم أرض اغتصبت وكم مستوطنة بنيت؟ماذا استفاد الشعب الفلسطيني من المفاوضات والموائد المستديرة والتعاون الأمني مع الاحتلال للقضاء على المقاومة؟!...

 

بالإضافة للضغوط المعلنة هناك ضغوط غير معلنة من دول قد ترى المصالحة تقوية لحماس وهي تريد كسر أنفها لحسابات داخلية بحتة وهذه الأطراف لها دلال ما على السلطة الفلسطينية وعلى عباس وقد تجعله يسوف أو يضع شروطا تعجيزية من أجل تنفيذ  الاتفاق ...عباس ذهب للمصالحة بعد أن فشلت تماما مفاوضات "السلام" مع الاحتلال وشعر أن ظهره للحائط وأنه لم يعد يملك أي أوراق؛ فهل يا ترى هو صادق اليوم في المصالحة وسيتحمل الضغوط المعلنة وغير المعلنة أم أنه يريد منح نفسه حرية أكبر في الحركة ثم يعود مرة أخرى لما تريده أمريكا؟.

 

.إن الايام القادمة هي التي ستجيب على هذه التساؤلات وتكشف الناجح من الراسب في امتحان المصالحة.