هل خذلت القمة العربية الشعب السوري؟
27 جمادى الأول 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

بعد أن اختتمت القمة العربية الأخيرة أعمالها في الكويت وإطلاقها لبيانها ثار جدل واسع في العالم العربي عن سر التراجع الواضح في دعم الشعب السوري ضد نظام بشار الأسد حتى وصل الأمر للبعض أن يعتبر ما حدث في القمة نجاحا للنظام الفاشي في سوريا...

 

القمة انطلقت وهناك خلافات واضحة لا يمكن أن ينكرها أحد فقد سحبت السعودية والبحرين والإمارات سفراءها من قطر قبل أيام قليلة من انطلاق القمة كما خفضت الإمارات وعدد من الدول من تمثيلها في القمة ناهيك عن الخلافات المحتدمة بين السلطات الجديدة في القاهرة والدوحة بسبب الموقف من عزل الرئيس مرسي والممارسات التي تبعت العزل وما تراه مصر من أن هذا الموقف يعد تدخلا في شؤونها...

 

الخلافات لم تقتصر عند هذا الحد فهناك خلافات واضحة في الطريقة التي يراد اتباعها في التعامل مع نظام الأسد فعراق المالكي الموالية لطهران والتي تشن حربا طائفية على السنة ترفض أي محاولة لإدانة نظام الأسد وتحاول أن تساوي بين الضحية والجلاد مركزة على ضرورة "مكافحة الإرهاب" لوصم جميع الكتائب المقاتلة ضد الأسد بـ "الإرهاب" وبالتالي يخرج نظام الأسد مظلوما ويحتاج إلى الدعم وليس الإدانة...

 

لبنان أيضا كان لها موقف سلبي تجاه الثورة السورية في القمة العربية ومعارض لشغل الائتلاف السوري لمقعد سوريا بسبب ضغوط تنظيم "حزب الله" المشارك في الحكومة اللبنانية الجديدة والذي أجبرها على الانصياع لمطالبه بشأن ذكر ما يسمى بـ " المقاومة" في بيانها الوزاري لكي يحافظ على "شرعية" سلاحه في الداخل والخارج حيث غزا الآلاف من عناصره الأراضي السورية تحت سمع وبصر الحكومة واللبنانية وجيشها؛ فالموقف اللبناني الرسمي مرتهن لتجاذبات من هنا وهناك ويرفض أن ينحاز للثورة بسبب حزب الله وإيران والتركيبة الطائفية والحزبية المعقدة التي أخرت الإعلان عن الحكومة الجديدة لأشهر طويلة..

 

أما القاهرة بعد عزل الرئيس مرسي فهي تسعى للسير عكس مواقف مرسي في كل شيء ما أمكن خصوصا وأن الثورة السورية تربت في أحضان ثورة 25 يناير التي يعتبرها بعض رجال النظام الحالي مؤامرة واستبدلوها بما أسموها "ثورة 30 يونيو" التي هي في حقيقتها محو لآثار ثورة يناير وتمهيد لعودة نظام مبارك حتى ولو بتغيير بعض الوجوه فهذا أمر وارد فلكل مرحلة رجالها وهو ما كان يجري حتى في عهد مبارك نفسه...على النقيض من ذلك فقد رأت المملكة العربية السعودية أن العالم أجمع أصبح يخدع الشعب السوري بعد أن تركه فريسة للنظام الأسدي الغاشم واستنكرت الصمت الدولي بشأن القضية السورية وطالبت بأن يشغل الائتلاف المعارض مقعد سوريا في الجامعة العربية ...

 

التباين الواضح في المواقف والذي ظهر من التراجع أكثر من خطوة عما تم في القمة السابقة التي عقدت بالدوحة والتي شهدت  شغل الائتلاف السوري لمقعد سوريا ورفع علم الثورة السورية بينما شهدت هذه الدورة رفع علم نظام الأسد في القصر الذي عقد فيه المؤتمر أصاب السوريين بخيبة أمل كبيرة...

 

إن التراجع إلى الخلف بهذا الشكل يرسل رسالة شديدة السلبية للشعب السوري الجريح بينما يرفع من معنويات الجزار الذي استباح الدماء والأعراض على نحو غير مسبوق...لقد أدان الائتلاف السوري مقررارت القمة العربية الأخيرة واعتبرها تراجعا واضحا في المواقف كما رآها ناشطون إحباطا وفشلا...لقد نجح الأسد في استغلال حالة الانقسام العربي لكي يخرج منتصرا من القمة الأخيرة  حتى وإن وضعت بعض العبارات في البيان الختامي تدين جرائمه فستظل مجرد حبر على ورق ما دامت الإرادة السياسية العربية تعاني من العجز والخلافات.