تونس: استعدادات حثيثة للإنتخابات القادمة .. وجدل حول قضايا مهمة
23 جمادى الأول 1435
عبد الباقي خليفة

تستعد الأحزاب السياسية في تونس للانتخابات القادمة التي ستكون مصيرية بالنسبة للبلاد ، وقد بدأت الأحزاب والكتل السياسية بترتيب بيوتها الداخلية، والنظر في خارطة تحالفاتها المستقبلية، وتقييم أدائها في الفترة الماضية، استعدادا لموعد الحسم الانتخابي ، والذي يتوقع أن يدخل البلاد في مرحلة استقرار بعد فترة انتقالية قلقة ومتوترة وشابتها الكثير من الأخطار .

 


 استعدادات حثيثة :
وقال المنسق العام لحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي"مجلس شورى حركة النهضة سيعقد في النصف الأول لشهر أبريل المقبل من أجل ضبط خطة عمل حركة النهضة و أولويتها في الأشهر القادمة، لاسيما بعد صدور نتائج الاستفتاء الداخلي حول تاريخ عقد مؤتمر الحركة" وتابع" الحركة بصدد القيام بسلسلة من الجلسات الحوارية التمهيدية للنظر في المستقبل السياسي للحركة والتحالفات قبل الانتخابات المقبلة، إضافة إلى تقييم أنشطة الحركة، وتجربة الترويكا والتحديات الكبرى" وحول تحالفات حزبه القادمة أفاد "النهضة قامت وستقوم بعدة اتصالات مع الأحزاب السياسية دون اقصاء لأي طرف من أجل النظر في مسألة التحالف، وهي ستختار الأحزاب التي تشترك معها في البرنامج الاقتصادي والاجتماعي والتي تتميز بالوسطية والديمقراطية".

 

وبخصوص تقييم فترة الحكم التي قادتها النهضة، قال وزير الصحة السابق والقيادي البارز في حركة النهضة،عبد اللطيف المكي"حاربنا الفساد بأخلاقنا،لابأخلاق الفاسدين،ولم نخف شيئا عن الشعب و الوضع الذي ساد كان نتيجة خيارات حكومة الباجي القايد السبسي { حكومة ما بعد الثورة وهي غير منتخبة} وقطاع الصحة تعرض لتدمير ونهب ولا يصلح إلا بإصلاح الكنام{ التأمين على الصحة } وقد اخترنا الاصلاح الاستراتيجي بعيدا عن الدعاية لكن لوبيات قطاع الصحة تعارض وأصبح وزراء النهضة هدفا للافتراءات والتشويه لأن هناك نظام قديم أراد أن يرجع والنهضة وقفت عقبة أمامه".

 

وضع اقتصادي صعب: الوزيرالسابق المكلف بالملفات الاقتصادية رضا السعيدي، تحدث عن صعوبة الوضع الاقتصادي مؤكدا على أن رئيس الوزراء المؤقت مهدي جمعة لم يزد على ما ذكرته حكومة الترويكة من أن الوضع الاقتصادي صعب ، كما إن التفاوض مع صندوق النقد الدولي بدأ في عهد الترويكة ، ولم يتم دفع القسط الثاني من القرض الذي منحه صندوق النقد الدولي إلى تونس إلا بعد أن اتصل مهدي جمعة، بكريستين لاغارد، رئيسة صندوق النقد الدولي، وأكّد لها أنّ حكومته سوف تتبع نفس السياسة التي كانت تتبعها الترويكا. "مهدي جمعة قدّم  تقريرا عن الوضع الاقتصادي الحالي في خطابه الأخير، وإن دوره  يقدم كشفا بالاعمال الجيدة التي قامت بها الترويكا..الحكومات المتعاقبة بعد الثورة اتخذت قرارات عشوائية تحملت مسؤوليتها الترويكا، من بينها الزيادة في الأجور والانتدابات في الوظيفة العمومية دون الأخذ بعين الاعتبار متطلبات الدولة" وأوضح بأن "هنالك بعض اللبس عند الحديث عن عملية التدقيق التي كشفت أرقام كانت مخفية {ليست عملية تدقيق بل هي عملية تحيين} لانّ الحكومة السابقة سبق وأن أعلنت عن أن الاقتصاد التونسي يمر بصعوبات كما أعلن عن ذلك رئيس الحكومة المهدي جمعة".

 

وبخصوص مشروع الميزانية الذي تقدمت به ، الجبهة الشعبية، { يسارية } قال السعيدي"مشروع الميزانية البديلة التي تقدمت به الجبهة الشعبية هي ميزانية خارجة عن التاريخ، والنقاط التي تنبني عليها هذه الميزانية لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع، ولو دعيت لأكون وزير اقتصاد في حكومة ستعمل على تطبيق هذه الميزانية فسأرفض ذلك وأفضل البقاء في المعارضة".

 


ماكينة الإنتخابات:
بعض الشخصيات، حسمت أمرها في موضوع الترشح للانتخابات، مثل رئيس المجلس الوطني التأسيسي،ورئيس حزب، التكتل من أجل العمل والحريات، مصطفى بن جعفر، الذي ذكر بأنه إذا دعاه حزبه للترشح للإنتخابات الرئاسية فإنه سيستقيل من المجلس الوطني التأسيسي"إذا دعاني الحزب للترشح للرئاسة فإنه شرف كبير رغم ثقل المسؤولية ، وسأستقيل من المجلس" وعبر عن تأييده للفصل بين الانتخابات التشريعية، والرئاسية. ووصف بعض المستقيلين من حزبه بأنهم " انتهازيين" وأيد " قطع السبل أمام النظام السابق ولكن دون عقوبة جماعية ".

 

رئيس حزب المبادرة، محمد جغام،{ من الأحزاب التي تفرعت عن حل حزب التجمع} تحدث عن" تكوين، الجبهة الدستورية، لتفادي تشتت الدستوريين{ الحزب الاشتراكي الدستوري،الاسم الذي تم تغييره إلى التجمع الدستوري الديمقراطي،بعد انقلاب بن علي سنة 1987 م } في الانتخابات القادمة ".

 

ومن المسائل التي يدور حولها الجدل في تونس ما قبل الانتخابات القادمة التي يتوقع أن تجرى نهاية العام الجاري، موضوع تحصين الثورة والعزل السياسي،الذي طفا من جديد على سطح الأحداث ، وهناك كما يبدو صفقات تعقد بين أطراف سياسية،لا سيما وأن بعض الزعامات التاريخية لا ترغب في تسليط عقوبات جماعية على شخوص النظام السابق، وإنما الاقتصار على من تورطوا في الفساد ،وتزوير الانتخابات، والتعذيب بشكل مباشر. وهناك من يرى بأن هذا الموضوع قد يغض عنه الطرف لصالح تحالفات مستقبلية بين المعنيين . وقدعاد هذا الملف لتتجاذب بين مختلف الأطراف . وكان اقصاء المورطين مع النظام السابق، وتمكين الأمنيين والعسكريين من الانتخاب أوتحييدهم، والفصل بين الإنتخابات الرئاسية والتشريعية، من أهم النقاط التي ناقشها نواب المجلس الوطني التأسيسي في الفترة القليلة الماضية.

 

تحصين الثورة والصفقات : وكانت عودة التجمعيين إلى المشهد السياسي وظهورهم المتواتر بوسائل الاعلام ودفاعهم المستميت عن حقهم في الحياة السياسية قد أثارت ضجة كبيرة ،ورأى فيها البعض ضرب في العمق لاستحقاقات الثورة التي كانت أولى شعاراتها حل التجمع ومحاسبة رموزه. ويتساءل البعض،كيف ستضمن استحقاقات الثورة دون إبعاد المتورطين في الاستبداد ودعمه والعمل من خلاله وخدمته، ولو لمدة 10 سنوات. ويرى عضو الهيئة التنفيذية لحزب نداء تونس،{ أحد ورثة التجمع المنحل }محسن مرزوق "قانون تحصين الثورة لن يتم لااليوم ولا غدا لأنه فكرة مرفوضة لدى التونسيين"على حد تعبيره.لكن من يدافعون عن هذا القانون لاتزال لهم القدرة على فرض أفكارهم من خلال المجلس الوطني التأسيسي".ويراهن حزب نداء تونس، على رغبة حزب حركة النهضة في انجاح المسار الانتقالي في تونس، وتجنب البلاد أي هزات، لا سيما وأن شخوص النظام السابق لا يزالون فاعلين في مختلف الإدارات، ويمكنهم تعطيل مسار التنمية كما فعلوا في السنتين الماضيتين. لاسيما وأن تونس في حاجة الى التوافق بين مختلف الفاعلين السياسيين  في السنوات العشر القادمة. لكن استمرار التحالف بين نداء تونس، والجبهة الشعبية، وبعض الأحزاب الأخرى ،في ما يسمى ب "الاتحاد من أجل تونس"والحديث عنها كجبهة انتخابية قابلة للتوسع، من شأنها أن تجعل حزب حركة النهضة يتوجس من نوايا الأطراف التي تدعوه لعدم معاقبة شخوص النظام السابق، والترويج لامكانية عقد صفقة أوحتى شراكة في ما بعد الانتخابات القادمة.