أنت هنا

عباس ودحلان.. من كرزاي فلسطيني إلى آخر
19 جمادى الأول 1435
موقع المسلم

ثمة مثلٌ شعبي شائع في أكثر من بلد عربي، مضمونه: لم يروهم عندما سرقوا لكنهم سمعوهم عند صراعهم على تقسيم المسروقات!!
وهو ينطبق اليوم كل الانطباق على حملات "الردح" المتبادلة بين رئيس سلطة أوسلو محمود عباس ورجل العمليات الاستخبارية القذرة  سابقاً محمد دحلان..

 

الاتهام الأبرز في الحملة  وجهه عباس إلى شريك الأمس بأنه تعاون مع الاحتلال الصهيوني في تسميم ياسر عرفات، وكان رد دحلان ساخناً وبذيئاً، كما هو متوقع، مع ملاحظة أن إحدى القنوات المصرية كانت منبر دحلان لشتم عباس،  الأمر  الذي طرح علامات استفهام كبرى عن البعد الإقليمي للمواجهة الشرسة بين الشخصين اللذين اختطفا حركة فتح منذ  تغييب قائدها وهو  رمزها عرفات.

 

ومن المعلوم أن دحلان يقيم في دبي منذ مغادرته الضفة عشية بدء التناحر بينه وبين عباس، في ما يشبه صفقة غامضة، إذ كيلت له اتهامات بالفساد ونهب المال العام علانية، وأما تسريباً فقد اتهمه فريق عباس بالمسؤولية عن اندحار أجهزة الأمن السلطوية من قطاع غزة، إذ كان أكبر قيادي فيها!!

 

الشارع الفلسطيني الذي لم يفاجئه في المواجهة الضارية سوى توقيتها، راح يطرح أسئلة منطقية، أهمها:إذا كان كلام عباس صحيحاً فإن سكوته عليه طيلة هذه السنين –عشر سنوات!!-هو مشاركة فعلية منه في جريمة تصفية عرفات، وهو ما ألمح إليه دحلان ضمناً بدهائه المعروف  عنه؟

 

وبالرغم من سوء سيرة دحلان فإنه استطاع تسديد لكمات قوية إلى خصمه عباس،  متكئاً على ما يختزنه من معلومات عن تواطئهما الضمني ضد عرفات عندما قررت سلطات الاحتلال تصفيته جسدياً.. فدحلان توعد شريكه السابق أنه سيكشف للناس السر وراء لقب " كرزاي فلسطين" الذي أطلقه عرفات على عباس، في إشارة إلى القرار الأمريكي اليهودي بالتخلص من عرفات عبر توسيع صلاحيات عباس الذي  سبق لهما فرضه ك رئيس للوزراء ..

 

يضاف إلى ذلك تهرب سلطة عباس من التفاعل الإيجابي المفترض مع التحقيق العلمي الدولي، الذي قام به مختبر سويسري عريق حول ملابسات وفاة عرفات، ولا سيما أن فرنسا التي توفي فيها الرجل عملت على "لملمتها". فقد كشف صحافي أمريكي يعمل في الجزيرة الإنجليزية بالصوت والصورة مطاردة استخبارات عباس له خلال تغطيته للتحقيق الجنائي العلمي السويسري الذي رجّح بقوة قتل عرفات بوساطة سم مصنّع في جهاز أمني رفيع وذي قدرات وخبرات واسعة.. ثم هرب عباس من القضية كلها باعتماد مختبر روسي -!!!!- انتهى إلى أن عرفات لم يمت مسموماً!!

 

يبدو أن محمود عباس استشعر الآن أن "السادة" في طريقهم إلى تجريعه الكأس المُرّة التي سقاها هو لزعيمه أبي عمار.وإن لم تكن بوساطة السم..

 

هذا ما يقرؤه المراقبون  بين سطور كلمات عباس وبخاصة قوله: (عمري 79 عاما،  وأنا أحد مؤسسي حركة فتح،  ولن أسمح بالإساءة لها، ولن يستطيع أحد تحقيق النصر غير هذه الحركة الموحدة المتماسكة البعيدة عن كل الضغوطات في العالم.. أريد أن أحقق شيئاً لوطني،  ولن أنهي حياتي بخيانة.)!!

 

 والظروف  الفلسطينية والإقليمية والدولية كأنها تلعب لفائدة دحلان حتى  اللحظة،  فبث شتائمه عبر قناة مصرية  ليس أمراً هامشياً، وإقامته في الإمارات تفرض عليه مراعاة حدود الضيافة، إلا إذا أدرك أن مضيّفيه لا يمانعون في  سب عباس بأقذع الألفاظ..وقد نسبت مصادر فلسطينية إلى عباس مؤخراً هجوماً في جلسة سرية على قيادات خليجية –لم يحددها- أنها باعت القدس من أجل عروشها!!

 

وليس خافياً على متابع أن عباس يزعم أن هناك صلة خفية بين دحلان وبعض قيادات حركة حماس، بالرغم من الكراهية المتراكمة بين الطرفين!! ويسرّب عن طريق أجهزته أن العلاقة أكيدة!!

 

لكن مريدي عباس يتهربون من الإجابة عن أسئلة تفرض نفسها، ليس عن البغضاء المزمنة بين حماس ودحلان فالتقلبات هي سمة السياسة في العصر الحاضر. وإنما السؤال :كيف ترضى قوى إقليمية مؤثّرة بحماس شريكاً سياسياً، وهي تحاصرها وتطاردها بكل السبل المتاحة؟، كيف يوفق عباس بين هذا الكلام المرسل وبين اتهاماته لحماس بأنها لم تقطع صلتها بملالي قم؟