خمس خطوات لتمنع نفسك من مشاهدة المحرمات
17 جمادى الأول 1435
د. خالد رُوشه

[email protected]

البعد عن الذنب هدف لأصحاب القلوب الطاهرة , ورجاء إرضاء الله سبحانه رجاؤهم , والسعي لكسب الحسنات سعيهم , والتوبة من المعاصي أملهم .
ولئن زلت بهم خطواتهم يوما , فتراهم يسارعون إلى تقويم العوج , وتطهير النفس , والإنابة إلى معبودهم الحق لا إله إلا هو سبحانه .

 

وههنا أحدثكم عن ذنب بغيض , سقط فيه الكثيرون , نتيجة ضعف النفس تارة , والغفلة تارة , وقلة الخشية تارة , وتسويل الشيطان القابع قرب الإنسان يدعوه لكل خطيئة , مع تيسير تلك المعصية وسهولة الحصول عليها في عصر الهواء المفتوح والاتصالات السهلة , إنه ذنب الوقوع في مشاهدة المحرمات ومتعلقاتها

لست ههنا أتحدث عن هؤلاء الذين يستهينون بتلك المعصية , ولا عن الذين لا يأبهون لوقوعهم فيها , ولا عن الذين يستصغرونها ويستقلون ذنبهم تجاهها , لكنني أتحدث ههنا إلى الذين يصيبهم الحزن إذا ما واقعوا تلك المعصية , ويصيبهم الألم بعدما يقضون أوقاتا في متابعتها , فيتمنون البعد عنها , ويرتجون مفارقتها ..

 وتيسيرا على هؤلاء أذكرهم بخطوات خمسة اسأل الله تعالى أن يجعلها سببا في منعهم عن تلك المعصية ودفعهم للتطهر منها :

 

الأولى : نظرة للذنب وترسيخ كرهه في نفسك

لكي ندفع أنفسنا نحو طاعة ما أو ترك معصية ما يجب أن نقنعها بسبب ذلك , والسبب الأعظم لترك معصية مشاهدة المحرمات أن نعلم أنها تغضب الرب العظيم سبحانه , وتشيع الفاحشة في الذين آمنوا , وتطلع الناس على العورات , وتدعوا الناس إلى البحث عن المحرمات , وتجرىء الناس على أعراض بعضهم بعضا , وتعرض المرأة على أنها سلعة رخيصة بزيئة , وتنادي المشاهدين لرؤية أفعال الملعونين المجرمين .
فلنخط الخطوة الأولى في تدبر سوء هذا الذنب وسوء أثره , وغضب الرحمن منه , وسوء عاقبته , ومن ثم اقنع نفسك بكراهيته , وبغضه , واسع جاهدا لتحرق في قلبك حلاوة فعله بمرارة اثره .

 

الثانية : أتبع الذنب بالتوبة والاستغفار

اتبع الذنب بتوبة عاجلة , عملا بنصيحته صلى الله عليه وسلم وأمره " واتبع السيئة الحسنة تمحها " , وبوصف الله سبحانه لأهل الإيمان " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم " .. فإن إتباع الذنب بالتوبة يباعد عن الذنب ولا يجرئك عليه مرة أخرى , ويقوي في نفسك وازع الامتناع عنه , فإن وقعت فيه مرة أخرى فعاود التوبة مرة أخرى ..

 

فإذا وقعت في الذنب فسارع بتوبة واستغفار , وجدد عهدك مع العزيز الجبار , وبث الندم في نفسك من خلوتك بالمعصية التي تغضبه سبحانه وانت تعلم أنه يراك , قم فتوضأ وصل ركعتين تب فيهما واستغفر , قال علي بن أبي طالب حدَثَنِي أَبُو بَكْرٍ وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلا غَفَرَ لَهُ " ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ : وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ .." أخرجه أحمد

 

الثالثة : اقطع الطرق للذنب

اسع جاهدا لقطع الطريق على الذنب , ستجد نفسك في بعض الأحيان قريبا من الطاعة وستجد قلبك في بعض الأحيان محبا للتوبة , فاستغل هذه اللحظة فورا , وبادر بالبحث عن قطع الطريق على ذلك الذنب بل وقطع الخيوط التي توصل إليه ..

 

فإن أمكنك أن تبحث عن برنامج ليحذف الخلاعة من جهازك فافعل وسارع إليه , وإن أمكنك أن تضع جهاز الكمبيوتر في مكان مشاهد للجميع فافعل , وابحث عن وضع المعوقات لنفسك في سبيل الحصول على ذلك الذنب , وإذا كان الطريق للذنب صديقا أو صحبة أو مثالها فقاطعها وابتعد عنها , وإذا كان الطريق لها وحدة وخلوة فاسع جاهدا ألا تختلي بها .

الرابعة : قم باكرا واشغل نفسك بنافع

القيام مبكرا سبب من اسباب النجاح والفلاح , ففي البكور البركة , وغالب المشاهدين للإباحيات يختلون بها في سهراتهم وخلواتهم الليلية , فاقطع على نفسك ذلك , وجدد حياتك بالبكور , واقصد بالبكور وقت السحر ثم صلاة الصبح فهو أول البكور , فلا تفوت على نفسك أن تبدا يومك بصلاة الصبح ولا تنم بعدها , إلا قليلا في قيلولة
لكن البكور وحده لن يكفيك في منع الذنب , فلابد أن تصحبه بشغل نافع لنفسك , وجهد وبذل طوال يومك فيما هو صالح لك في دنياك وأخراك , فأتقن عملك وكن من المصلحين بشتى السبل التي تستطيعها .

 

الخامسة : أدع ربك بصدق .. وأكثر من الاستعاذة من الشيطان

هذه هي الخطوة الأخيرة , وهي ليست أخيرة في العمل , بل هي تصحب كل الخطوات السابقة , فالدعاء اساس عظيم ومعين مؤثر كبير في منعك عن الذنب ,والاستعاذة من الشيطان توجيه رباني عظيم , ولكن كن صادقا مع ربك وادعه مخلصا من قلبك بأن يعينك على ترك هذا الذنب , وكرر دعاءك مرات ومرات , والله سبحانه يستجيب الدعوات ويقضي الحاجات ويغفر الزلات

وأخيرا أود أن اؤكد عليك أيها القارىء الكريم أن تلك الخطوات مرتبطة ببعضها , فاحرص على أن تطبقها جميعا , فتقمع الذنب وتقضي عليه , ولئن عاودك فعاوده أنت بها , وادع ربك أن يختم لك بالحسنى والتوبة الصادقة , واذكر أخاك كاتب الكلمات بدعوة صالحة .. جمعني الله وإياكم في جنات عدن إخوانا على سرر متقابلين ..آمين