أنت هنا

الوصاية الأمريكية على حقوق الإنسان
5 جمادى الأول 1435
موقع المسلم

مع إطلالة كل عام ميلادي جديد، يطل علينا الوكيل الحصري للتجارة الأممية بحقوق الإنسان، وهو الولايات المتحدة الأمريكية، التي تنيب عنها وزارة خارجيتها في هذه الاحتفالية النمطية، ولولا النفعية "المقدسة" في الغرب، لأوكلت تلك التجارة إلى وزارة الخزانة، عملاً بطبيعة التخصص..

 

وما إن تنطلق أول "رقصات" العرس السنوي في واشنطن، حتى تهبَّ البلدان المتهمة بخرق حقوق الإنسان، في حفلة لطم وعويل، تتضمن شتائم لأمريكا،  واتهامات مضادة لها بأنها لا تحترم حقوق الإنسان الأمريكي... وأن رؤيتها انتقائية، ومكاييلها مزدوجة..... وكلا الطرفين كاذب، فلا الصين تحترم أي حق للإنسان ولا مافيا بوتن.. والأمريكان لا ينتهكون حقوق المواطن الأمريكي ولا سيما إذا كان من (الواسب): العرق الأبيض البروتستانتي الإنجلوسكسوني!! لكنهم يدوسون على حقوق البشر وبخاصة فئة العرب  والمسلمين..

 

بعيداً عن أهل العرس وعن أصحاب المناحة، ينبغي لنا نحن المسلمين، أن نقرأ ما وراء الحدث وما بين السطور، لتكوين موقف موضوعي مؤصل، لا يتأثر بالانفعالات الطارئة ولا بالأحكام المسبقة، فديننا دين الحق والعدل، بما لا مثيل له لدى بني البشر  من قبل ومن بعد، إلى أن يرث الله سبحانه الأرض ومن عليها..

 

وزيادةً في تحري الإنصاف، لن نحاكم دعاوى القوم، إلى حقوق الإنسان الثابتة في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه الخاتم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وبخاصة أن البون شاسع بين الحقوق المستمدة من الوحي الإلهي،  وتلك التي تأسست بأفكار البشر غير المعصومين، وبحسب مشاربهم ومصالحهم وأهوائهم.فالقيم بيننا وبينهم لا تلتقي إلا نادراً التقاء عَرَضياً،  فبعض ما يبيحونه هو من أشد المنكرات التي حرّمها الله تعالى.. وكثير من قطعيات ديننا يناوئونها ويعتبرونها مساساً بحقوق الإنسان،،،

 

فلنحاكم أدعياء حقوق الإنسان وفقاً لمزاعمهم نفسها، لنرى مدى صدقهم مع شعاراتهم نفسها، وذلك الانسجام هو الخطوة الأولى في امتحان الشعوب والأمم..

 

بدءاً، فإن أول ما يطعن في الوصاية الغربية بعامة والأمريكية بخاصة على حقوق الإنسان، هو مبدأ الوصاية الأممية ذاته الذي تأباه الفطرة السليمة،  ولا سيما أن الغربيين يسرفون في المقابل في عدائهم للوصاية الحميدة بضوابطها،  فهم يجحدون وصاية الوالدين على أبنائهما القاصرين!!

 

لكنها عقدة الاستعلاء الغربية البغيضة، فالغرب عندما كان يجتاح البلدان ويعتدي على الشعوب القريبة والبعيدة،  كان يفتري على الله ثم على عباده الكذب، فيقدم عدوانه على أنه "رسالة حضارية" كان يسميها بصفاقة: عبء الرجل الأبيض!!

 

ولو كان العم سام واثقاً من نفسه وصادقاً في مزاعمه،  لاعتمد فكرة إشعاع النموذج الناعم بدلاً من الوصاية الذميمة.. وها هم يجأرون بالشكوى ويعقدون المؤتمرات ويحيكون المؤامرات من انتشار الإسلام في بلدانهم،  بالرغم من تقصير المسلمين في واجب الدعوة إلى الله، ومن ابتعادهم عن تقديم نموذج كامل شامل على مستوى الدول والمجتمعات!!

 

فلنتفق مع العقلاء على نبذ الغطرسة التي تتناقض مع الكرامة الإنسانية الأصلية التي منحها ملك الملوك تبارك وتعالى لبني آدم،  والتي تنحر دعاوى حقوق الإنسان نفسها من عنقها–حتى في صيغتها الوضعية الغربية أساساً-

 

وإذا تجاوز المراقب المنصف تلك السقطة الفظيعة القاتلة.وأبحر في متن التقارير الأمريكية السنوية، فلن يحتاج إلى بذل كثير من الجهد، لكي يعثر على عفن السياسة والنفاق يفوح من السطور ذاتها-فلا حاجة به إلى تقصّي ما بين السطور-.. الكيان الصهيوني الغاصب المحتل المعتدي التوسعي،  لا يلام على جرائمه المستمرة منذ سنة 1948م إلى يوم الناس هذا !!  بل إن من المفارقة أن بعض الجماعات الحقوق اليهودية في فلسطين المحتلة، يمكن اعتبارها "متطرفة" ضد العدو إذا قيست تقاريرها بهرطقة الخارجية الأمريكية..

 

ولا داعي للرجوع إلى الوراء لنبش التاريخ العنصري الرهيب الذي ما زالت بقاياه ماثلة في الواقع وإن تخلصت منها القوانين بعد نضالات مضنية وتضحيات هائلة قدمها الزنوج .. فيكفي معتقل جوانتنمو عار أمريكا وتكفي طائراتها المجرمة بلا طيار حيث تقتل عباد الله بلا أدنى محاكمة...

 

وأما الموقف الفعلي ضد الطغاة فليس سوى كليمات باهتة في التقرير تناقضها السياسة الأمريكية على الأرض.. وبحسب هؤلاء من العار في هذا الموضوع أنهم حتى الآن يحتفظون بسفير طاغية الشام عندهم،  ويمنعون السلاح عن الثوار للدفاع عن النفس، بالرغم من التباكي على دماء الشعب السوري !!

 

 بل إن شر صفحات الحقد الأمريكي جرى فضحها قبل أيام، عندما رفض المجرم الأكبر أوباما نصح مستشاريه بمنع طائرات سفاح الشام من الطيران بوساطة الحاسوب!!