2 ربيع الثاني 1436

السؤال

السلام عليكم.. أنا فتاة في الثاني والعشرين من عمري أدرس بكلية طبية، طوال حياتي علاقاتي الاجتماعية والصداقات تنتهي بالفشل، وذلك يؤثر على نفسيتي لفترة طويلة.. فمثلا أيام المدرسة كانت لي صديقة استمرت صداقتنا تسع سنوات وبعد ظهور نتيجة الثانوية العامة حصلت على معدل أعلى منها وعندما عرفت أغلقت سماعة الهاتف بوجهي وافترقنا في دخول الجامعة وأصبحت علاقتنا معدومة تقريبا، وبالجامعة صادقت زميلة أربع سنوات، حفظنا معا القرآن، كنت لها القلب الحنون واليد التي لا تنقطع بالمساعدة وكان الحب بيننا متبادلا لكنها عندما علمت بخطبتي وفي نفس الوقت أهلها يرفضون خطبتها إلا بعد تخرجها قامت بالاتصال بي ودمرت نفسيتي بكلام جارح عن خطيبي رغم أنها تزوجت، ومنذ ذلك الوقت ونحن أبعد ا نكون عن بعضنا..

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

لن يستطيع الإنسان أن يعيش وحيدا في مجتمعه، رغم أن كثيرا من الناس يجدون في العزلة عمن حولهم مفازة وراحة للبال، وقد يستطيع الإنسان أن يختلط بالناس في حدود، وبأسلوب معين من خلاله يكسب علاقات طيبة فيكون محبوبا منهم ولهم، وذلك عن طريق عدة نقاط:
1- محاولة القرب من الله تعالى والوصول لمحبته سبحانه وطلب رضاه، فإذا رضي الله تعالى على العبد أرسل مناديا ينادي في السماء إني أحب فلانا فأحبوه.
2- التحلي بحسن الخلق يقول صلى الله عليه وسلم " خير الناس أحسنهم خلقا " لكن لا داع أن يتحلى الإنسان بحسن الخلق لكسب مصلحة معينة وإنما يتحلى بالخلق طلبا لمرضاة الله تعالي، فيظهر حسن خلقه من قلبه خالصا.... ومن أخلص في عمله وفعله ظهر وجهه مضيئا ضياء يراه من ينظر إليه، ضياء لا يستطيع أن يصل إليه بالاصطناع.
3- مساعدة الآخرين لوجه الله تعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم " خير الناس أنفعهم للناس " ولابد أن تكون هذه المساعدة دون انتظار مقابل ولكن انتظار الأجر من الله سبحانه. فبذلك لا تكون مشكلة إذ لم يقابلك الرد بالمثل.
4- استقبال السيئة بالحسنة، فلن تخلو العلاقات من المشاكل ولكن عندما يستقبل الإنسان السيئة بحسنة يقدمها لمن أساء إليه تصل بركتها مباشرة ولن يستطيع الإنسان فعل ذلك إلا إذا هذب نفسه على التسامح والعفو.
5- محاولة إكرام الناس وإفشاء السلام والابتسامة في وجه من يقابله.
6- تفقد أحوال الناس والسؤال عنهم مع عدم التدخل فيما لا يعنيك وخاصة السؤال والتهنئة في المناسبات والأعياد وغيرها.
7- عدم ذكر سيرة الناس والغيبة والنميمة أو وقوع فتنة فكل ذلك لا يترك في وجه صاحبها إلا نقطة سوداء ويوقعه بالمشاكل والبغض مع الآخرين.
8- التحلي بالحكمة والصبر في استقبال المشاكل، والرحمة والرفق في مواجهة الأمور حتى في أسلوب النصح والحوار.
9- احسان الظن بمن حولك فلا نأخذ كل كلمة أو نصح أو مزاح بسوء ظن ولكن ليكن القلب متسعا والصدر رحبا.
الابنة السائلة.. شعرت فيك بالخير، لحبك للقرآن الكريم وإتمام حفظه، ووجدت فيك الذكاء بدرجاتك العليا في دراستك، وهذا الخير لابد أن يدفعك إلى فن في التعامل مع الناس واعلمي أن كثيراً من العلاقات الدراسية تنتهي بين الأصدقاء بمجرد دخول كل منهما جامعة أخرى، لذلك عليك عند المصاحبة التوسط في الحب وعدم الانبهار بالصديق وإعطائه الحب الزائد، وعدم الاندفاع المفرط بالعواطف حتى لا تُصدمي عندما يقع من ذلك الصديق أي خطأ تجاهك وفي الحديث الشريف "أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما".
وأيضا عليك إحسان الظن بصديقتك الأولى التي أغلقت الهاتف في وجهك فذلك ليس غيرة منها ولكنها ربما كانت حزينة وقت ذاك على نتيجتها ودرجتها، فالتمسي لها العذر، والصديقة الأخرى ربما كانت ناصحة لك وأن ذلك الخطيب فعلا كان غير أهل لك، فالأمر كله مرتبط بحسن الظن وتنظيف القلب وسلامته لكي تعيشي عيشة هادئة هنيئة..