13 جمادى الثانية 1435

السؤال

أنا طالبة جامعية أبلغ من العمر 22 سنة من أسرة متدينة وملتزمة تقدم لخطبتي شاب خلوق ومحترم ومن أسرة محترمة ومستواه التعليمي عال رفضته لأنه خارج نسبي، وعندما أصر أهلي على موافقتي له وأنه لا تجد عيوب لرفضي له وأنا أحبهم كثيراً وافقت من اجلهم وتم العقد قبل ستة أشهر وحصلت المكالمة بيننا وهو يحبني كثيراً ويظهر اهتمامه لي ويقدم لي النصائح في التعليم، لكني لا أشعر بالراحة معه ولا أحبه ولا أحب أسرته وأقلق كثيراً من مهاتفته لي وأبادله بالشعور بمجاملة وشكله لا يعجبني وكلما جاء بفكري أنه الشخص الذي أعيش معه أكره نفسي والحياة كلها وأندم على موافقتي له وأنا كنت قبل هذا في علاقة مع شاب صاحب دين وأسلوبه يعجبني لكني أنهيت علاقتي معه بسب بعدي عنه وخائفة من العلاقات المحرمة لكنة دائما بقلبي وأحبه وكنت أقارن هذا الشاب بخطيبي بكثير أنه أجمل منه وأني أحبه كثيراً وأتتبعه بالمواقع الاجتماعية ولا أتمنى شيئاً في الدنيا سوى ربي يجمعني به فأنا الآن حائرة ومهمومة قلبي مع الشاب الذي كنت في علاقة معه وأني لا أحب الشاب الذي تم عقدي معه رغم إني حاولت أن أغرس حبه بقلبي وأرى نفسي ظلمته بعدم حبي له وأتمنى أنهي عقدي معه ليبقى حبي لذلك الشاب وأن أعود إليه لأطلب منه أن يتقدم لخطبتي. أتمنى منكم الرد على استشارتي ولكم مني خالص الدعوات.

أجاب عنها:
سميحة محمود

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..
أما بعد.
أهلا ومرحبا بك علي صفحة الاستشارات بموقع المسلم، وندعو الله سبحانه وتعالي أن يصلح حالك ويوفقك لما يحبه ويرضاه، كما نشكرك علي حسن ظنك بموقعنا الكريم، وأسأل الله سبحانه وتعالي التوفيق في الرد علي رسالتك.
ابنتي الحبيبة .. لقد بدأت رسالتك بقولك أنك من (أسرة متدينة وملتزمة) وهذا تعريف رائع منك لنفسك ولأسرتك، ويجعل حديثي معك مبنيا علي قاعدة راسخة ومقنعة لك؛ بمعني أنك علي علم بما هو محرم في الدين وبما هو حلال طيب، والعاقل هو من يميل ناحية الحلال إرضاءً لله ولأن هذا الحلال يتناغم مع فطرته الطيبة النقية فيجد سعادته .. كل سعادته فيمن هو علي شاكلته، لأن النبع الصافي الذي يستمدان منه تغذيتهما الروحية تجعل قلوبهما متآلفة وصدق رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم حين قال: "الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ." صحيح البخاري.. فكيف بك يا قرة العين تتركين الطيب النقي وتهفو نفسك ناحية الخبيث المنكر؟ّ!
لقد رزقك الله بمن هو طيب خلوق محب كما ذكرتِ في رسالتك (خلوق ومحترم ومن أسرة محترمة ومستواه التعليمي عال) وأكثر من ذلك (هو يحبني ويظهر اهتمامه لي ويقدم لي النصائح في التعليم) ورغم ذلك أجدك تعرضين بحجج واهية وأسباب أجدك تختلقيها مثل (خارج نسبي) فهل الشاب الآخر الذي تعرفينه من نسبك؟! لا أظن، وإنما هي حجة فقط لترفضي الطيب الذي آتي وطرق بابك طالبا يدك وأنتي معززة ومكرمة ليتزوجك علي كتاب الله وسنة رسوله الكريم. وعلي علمي أن العائلات هي من تتمسك بموضوع النسب، وتضعه شرطا لقبول الزواج، وإن كان لا يمت للدين بصلة، أما في حالتك، فأجدك أنك من يثير موضوع النسب بينما أسرتك تصر علي هذا الشاب لما وجدته من خصال حميدة وطيبة فيه (أصر أهلي علي موافقتي عليه لأنهم لم يجدوا عيوباً لرفضه) فكيف بالله عليك وأنتي العاقلة المتدينة والملتزمة تتركين الطيب وتجرين وراء الخبيث المنكر؟
ثم بعد أن وافقتِ علي الخاطب وتم العقد تعودين وتفكرين في الآخر الذي كنتي معه (في علاقة) وتركته بسبب أنك (خائفة من العلاقات المحرمة)! ألم تعلمي أن عقد الزواج هو عقد شهد عليه الله سبحانه وتعالي وأسماه في كتابه (الميثاق الغليظ) لقدسيته ولغلظ أحكامه، فكيف تخونين الله وتخونين زوجك الذي ائتمنك علي نفسه وشرفه وسمعته، لسبب أن الآخر (أجمل منه) فهل الجمال صار مقياسا لاختيار الزوج؟! ما لك كيف تحكمين؟ ثم لماذا لم يتقدم للزواج منك هذا الشاب الآخر؟ وكيف تسمحين لنفسك أن تتورطي في علاقة مشبوهة مع شاب أجنبي عنك؟ كيف تعرفتِ عليه؟ وحتى لو كانت العلاقة بينكما مجرد أحاديث دون لقاءات فهي علاقة محرمة لا يرضي عنها الله.. أنتي يا ابنتي تعيشين في وهم اسمه الحب، يزينه لك الشيطان ليوقعك في فخ ترك الطيب واللهث وراء الخبيث المنكر.. أفيقي مما أنتي فيه، واعلمي أن الحب ينمو بعد الزواج في كنف رجل يتقي الله ويحترمك ويحفظك ويعينك علي طاعة الله، فإن كان حُرم جمال الوجه ووسامة القوام فانظري إلي صفاته الرائعة التي ذكرتيها أنتي، واعلمي أن الظفر بمثل هذا الزوج غنيمة وفوز، فإن من أعظم النعم على المرأة أن تظفر بزوج يعينها على طاعة الله، ويكرمها لأجل الله، ويحسن معاملتها طاعة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتذكري دوما أن الفرصة تمر وربما تتأخر بعدها، وربما لا تأتي مثلها أبدا.. فاحذري.
ابنتي العاقلة.. لفت نظري في رسالتك قولك عن الشاب الآخر (أتتبعه بالمواقع الاجتماعية) ما جعل ظني أنك عرفته من خلال النت، وعالم النت من أخطر أماكن التعرف بين الشباب، فهو مليء بالكثير من المشاكل والأكاذيب، وما يحدث بسببه مآسي يشيب لها الولدان، فالشاب يجلس خلف شاشة الكمبيوتر كمن يرتدي وجه غير وجهه وشخصية غير شخصيته، بل إن الفاسد السكير يستطيع أن يقنع الآخرين بأنه تقي وأنه مصلح بل إنه ملاك منزل من السماء، فاحذري يا غاليتي من كل ذلك ولا تقولي أنا أثق فيه، فهذا وهم كبير تعيشين فيه.
ابنتي الفاضلة.. لن أزيد عليك أكثر من ذلك فقط أريد منك أن تجاهدي نفسك بعدم التفكير في الشاب الآخر، اغسلي قلبك من الحرام ليحل مكانه الحلال الطيب الذي يرضي الله، توبي إلي الله وأكثري من الاستغفار واعلمي أن الشيطان هو من يتربص بك ليسلبك نعمة الله عليه ويجعلك تفرطين في هذا الزوج الصالح.. واتركي لنفسك فرصة مناسبة لتقييم وضعك، فإن لم تستطيعي تقبل زوجك فاتركيه لأن بقاءك معه وأنتي علي حالك هذه تكونين قد ظلمتيه ظلما بينا... استشيري واستخيري الله وأكثري من الدعاء لعل الله سبحانه وتعالي يغير حالك إلي الأفضل.
وفي الختام .. أسأل الله سبحانه وتعالي أن ينير لك الطريق ويبصرك بالخير ويهديك للقرار السليم، ونحن في انتظار جديد أخبارك فطمئنينا عليك.