6 صفر 1438

السؤال

السلام عليكم.. أعيش مع زوجتي في منزل العائلة وعندي ابن عمره عشرة أشهر، والحالة المادية سيئة؛ مما تسبب في تعكر دائم لمزاجنا، مع العلم بأن زوجتي صعبة المراس، وأمي لم تكن راضية بزواجي منها.. وعندما علمت منها زوجتي ذلك بعد الزواج ازدادت مشاكلنا.. وزوجتي بدورها لم ترض من البداية بالعيش في منزل العائلة..
فلا أجد أمامي إلا حلين.. إما الطلاق أو اكتراء منزل آخر بعيد عن منزل العائلة..
إنني في أمس الحاجة للمساعدة.. شكرا.

أجاب عنها:
خالد عبداللطيف

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم.. ومرحبا بك بين إخوانك في موقع المسلم.. ويسر الله أمرك وأصلح لك شأنك كله.
مشكلتك أخي تتمثل في حالة عدم وفاق بين الوالدة والزوجة (الكريمتين).. مع حالة مادية سيئة (على حد وصفك) تزيد الأمر تعقيدا بخصوص أخذ مسكن مستقل.
أخي الكريم:
بادئ ذي بدء.. انبذ فكرة الطلاق تماما، أعاذك الله من ذلك؛ فليس فيما تذكر شيء من دواعي الطلاق وأسبابه، بل يكاد يكون ما تذكره من الأمور المتكررة في كثير من البيوت، التي تحتاج للتعقل والروية في معالجتها.
وكذلك استئجار مسكن خاص بأسرتك الصغيرة، ومع أهميته، فحتى لو استطعت بطريقة أو أخرى فعل ذلك.. فلا أتصور انتهاء الأمر عند هذا الحد!
فالأهم الذي أراه: أنه لا يصلح استمرار العلاقة المتوترة بين الوالدة والزوجة، نعم قد يكون المسكن المستقل عاملا مساعدا على تفادي الاحتكاك المباشر بالنظر للحالة الراهنة.. ولكن لابد أن تسعى جهدك في إصلاح العلاقة بين الطرفين بالحكمة وحسن التصرف؛ فلا تنقل – مثلا - عن إحداهما للأخرى ما يسوؤها، بل يسعك في ذلك ترخيص الإسلام في الكذب لإصلاح ذات البين عند الحاجة لذلك؛ كأن تنفي قولا مسيئا أو كلمة غضب صدرت من إحداهما تجاه الأخرى.
نعم أخي.. أريد أن تضع نصب عينيك الإصلاح بينهما على أنه القضية الأهم، ما استطعت إلى ذلك سبيلا؛ فأنت بين أمٍّ جعل الله حقها عليك أعظم الحقوق بعد حقه جل وعلا، وبين زوجةِ هي شريكة حياتك وأم ولدك، وقد أمرك الإسلام أن تحسن إليها وتصبر على ما يبدر منها من طبائع وأخلاق جُبلت عليها.
أخي الفاضل:
استعن بالله ولا تعجز في أخذ مسكن صغير مناسب لأسرتك الصغيرة، وأشعر زوجتك بأنك حريص على ما يريحها ويرضيها، وأنك تقدّر حقها في ذلك.
وذكّرها مع ذلك بحق أمك عليك، وأنكما تستجلبان الخير والبركة والتوفيق ببرها؛ لأن رضا الرحمن في رضاها، وأنك تريد أن يكون كل منكما عونا للآخر على هذا الأمر العظيم (بر الوالدين).. وبادر أنت من جهتك في ذلك بكل خير تجاه والديها؛ لتتحقق القدوة والمصداقية أمام عينيها.
وعلى الجانب الآخر الكريم:
الزم بر أمك؛ فصلاح دينك ودنياك في ذلك، فأكثر من زيارتها والإحسان إليها، وإذا بدرت منها شكوى تجاه الزوجة؛ فكن حصيفا حكيما، قل لها قولا كريما، وأشعرها بمكانتها، وأكّد لها أن زوجتك تحبها وتذكرها بالخير.
وخلاصة الأمر أخي المبارك:
أن تحسن إلى الطرفين كليهما بحكمة وذكاء.. وبما يناسب كلا منهما؛ فكن وسيط الخير بينهما بالكلمة الطيبة، والبسمة الهادئة، والحرص التام على صلاح ذات بينكم جميعا.
وأما ضيق الحال المادي والمعيشة فبين يديك من مبشرات سعة الرزق خير كثير بإذن الله؛ من البر والصلة، ووجود الذرية التي وعد الله بأن يرزقك وإياهم وفي آية أخرى أن يرزقهم وإياك، فضلا عن أن الزواج نفسه من أسباب سعة الرزق المعلومة بنص الكتاب والسنة.
وأضف إلى ذلك الاجتهاد في الدعاء والاستغفار والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم التي بها "تُكفى همك ويغفر ذنبك".. بفضل الله الكريم المنّان.
رعاك المولى وأفاض عليك من بركاته وأصلح لك النية والذرية وشأنك كله.