10 جمادى الأول 1437

السؤال

أنا آنسة لم أخطب حتى من قبل تقدم لي شاب ملتزم مطلق يكبرني بـ7 سنوات ترددت في البداية ثم وافقت أن أراه الرؤية الشرعية وبعد ذلك تقبلته وجدت كلامه مطمئنا يشعرك بالأمان والالتزام جلس معي مرتين ثم سافر لعمله بالخارج والمفروض أن يتم أهله الخطبة وعلي الزواج مع أهلي لكني خائفة لأقصي حد، بصراحة لا أشعر بالفرح الذي تخيلته عندما أخطب بقدر الخوف، أهلي سعداء به وبالتزامه ويتمنون أن تتم الزيجة ثم أنا خائفة، أردت ان اخطب بوجود الخطيب وما إلى ذلك كذلك المفروض أن نتكلم من خلال الإنترنت خلال فترة الخطبة بدلا من الزيارات المعتادة للخطيب كل ذلك يزعجني ويشعرني بالقلق.. أنا حقا خائفة كذلك أنا دائما إذا ما تقدم لي خطيب لم أتقبله لا أفتح بالا ولا أقبل الخطبة أبدا هو مرتاح ماديا وأنا تقبلت موضوع الطلاق بسبب هذا أنا لم أرد أبدا أن أزن شخصا لمادياته أو لجيبه فهل أقبل به؟

أجاب عنها:
سميحة محمود

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم..
أهلا ومرحبا بكِ علي صفحة الاستشارات بهذا الموقع المتميز، وندعو الله سبحانه وتعالي أن يكتب لك السعادة ويوفقك لما فيه الخير في الدنيا والآخرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ابنتي الحبيبة.. في البداية نشكرك علي التوجه إلينا بهذه الاستشارة، فالكثير من الفتيات يهملن أخذ الرأي والمشورة عند الإقدام علي الزواج، ويكتفين بالراحة النفسية والمعلومات السطحية والمقدرة المادية فقط، دون التعمق في أمور كثيرة علي قدر كبير من الأهمية. ومع الأسف يتم الموافقة علي الخاطب دون تحري الدقة، فيحدث أن تفاجأ الفتاة بسوء اختيارها وعدم قدرتها علي التعايش مع هذا (الشخص الغريب) الذي لا تستطيع أن تأتلف معه، وإحباط لتوقعاتها التي كانت تنشدها لفارس الأحلام الذي كانت ترسمه في خيالاتها، فتلجأ إلينا بعد تعقد الموقف لعرض معاناتها ومشاكلها، وخصوصا عندما يكون قد تم الإنجاب وتعقد الموقف أكثر وأكثر.
لهذا نعيد شكركِ ونثمن لك رجاحة عقلك وبعد نظرك، وإن كنا نتمنى أن إفادتنا بمعلومات أوفر عن هذا الخاطب، علي سبيل المثال:
قد ذكرت أنه مطلق؛ فما سبب طلاقه؟ وهل له أبناء؟ وهل بإمكانكم سؤال من علي معرفة بطليقته أو أحد من أهلها عن سبب الطلاق؛ علي أن يكون السؤال بطريقة خفية؟
كذلك هل تم السؤال عن هذا الخاطب من المحيطين بأسرته كالجيران أو إمام المسجد القريب منهم؟
أيضا تقولين إنك جلستِ معه لمرتين، فما هو الذي دار بينك وبينه؟ هل هو ملتزم دينيا، علي سبيل المثال: يسارع للصلاة عند سماع الأذان؟
هل مفردات حديثه تتسم بالذوق والاحترام؟
ما هو مفهومه للزواج؟ هل يتسم بالصدق والأمانة؟ ما هي أهدافه في الحياة؟ ما هي أمنياته ورؤيته للحياة الزوجية؟
ماذا يتمني في أبنائه؟
ما هو تقديره للمرأة؟ بمعني هل هو منفرد برأيه ولا يقبل مشاورة زوجته؟ ما هو موقفه من الرجل الذي يضرب زوجته؟
ما شكل علاقته بأسرته؟ هل هو بار بوالديه؟ كيف يتعامل مع أخواته؟ هل قراره من رأسه بمعني أنه صاحب رأي وفكر، أم أنه لا يستطيع أن يأخذ قرارا دون الرجوع للآخرين؟
وغيرها من الأسئلة التي يجب أن تكون إجاباتها حاضرة أمامك حتي تكتشفي شخصيته، وتكوني علي علم بشخصية القائد في رحلة حياتك؟ بالطبع لكل فتاة مواصفات وسمات تتمناها في شريك حياتها، فهل هذا الخاطب يحقق لك ما تتمني ولو بنسبة ترضيكِ مع الوضع في الاعتبار أن الخاطب كامل الأوصاف لا يوجد إلا في القصص فقط، فكما أنت لديك إيجابيات وسلبيات فكذلك غيرك لديهم إيجابيات وسلبيات، ولكن نتوقف كثيرا حينما تكون السلبيات في الدين والأخلاق فهذا لا نقبل به أبدا.
ابنتي الغالية.. أنت محقة في قولك (خائفة لأقصي حد) فجلوسك مع هذا الخاطب ولم يحصل القبول والاطمئنان المناسب لا يكفي، ولعل توكيله لأسرته كي تتم الزواج سبب قلقك، فمن حقك التواصل معه في وجود محرمك ووليك ليحصل القبول
أما ما ذكرتيه عن التواصل عبر الانترنت فلا باس بذلك بشرط أن يكون ذلك في حدود الشرع وضوابطه وفي وجود وليك وأهلك ومحارمك وبالتزامك بالزي الشرعي وإلى أن يتم القبول، ولك الحق في سؤاله عن الجوانب التي تريدين معرفتها، فإن تم القبول فليتوقف ذلك فهو ما يزال أجنبيا عنك
فقد جاء في "الموسوعة الفقهية" (19/200، 201):
"للخاطب أن يكرر النظر إلى المخطوبة حتى يتبين له هيئتها فلا يندم على نكاحها، ويتقيد ذلك بقدر الحاجة، ومن ثَمَّ لو اكتفى بنظرة حرم ما زاد عليها، لأنه نظر أبيح لحاجة فيتقيد بها" انتهى.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين
هل يجوز للخاطب أن يكرر زيارته إلى أهل الخطيبة ويجوز أن تجلس معه بالحجاب ما عدا الوجه والكفين وبوجود المحرم معهما؟ أم ليس للخاطب إلا زيارة واحدة فقط ينظر فيها إلى المرأة بوجود أهلها؟
فأجاب:
" نعم، الخاطب لا ينبغي أن يكرر الذهاب إلى أهل الزوجة والتحدث إليها، ولكن ينظر إليها حتى يتبين له الأمر فإذا لم يتبين له الأمر في أول مرة وأراد أن يعود فلا حرج، ويكرر ذلك حتى يتبين له الأمر. أما بعد أن يتبين له الأمر ويقدم أو يعزم على الخطبة فإنه لا حاجة إلى أن يزورهم.وهذا لاشك ينطبق على كليهما " فتاوى نور على الدرب
كما أنصحك أن تجالسي أمه، وهذه الخطوة تتجاهلها الكثير من الفتيات، فمعرفة الأهل وطباعهم وكيفية التعامل بينهم ومفردات لغتهم أمر هام، فالزواج لا يتم بين شخصين بمفردهما، ولكن يتم الانصهار بين أسرتين، ولا تنسي أن أهل الزوج هم أعمام وعمات أولادك بعد ذلك.
ابنتي العزيزة.. من الأمور المهمة جدا والتي نطالب بها دوما للمقبلين والمقبلات على الزواج حضور الدورات المتخصصة والتي تؤهلهم لاستقبال الحياة الجديدة وكيفية التعامل مع شريك الحياة والتعرف على شخصيته، وفنون التعامل مع الاختلافات وكيفية حل المشاكل، وهذه الدورات قد بدأت بالفعل في كثير من البلدان؛ ولاقت إقبالا رائعا ومردودا طيبا في التقليل إلى حد كبير من حالات الطلاق. وإن تعذر إقامة حضور هذه الدورات فهناك كتب كثيرة تتحدث في هذا الشأن.
كما أنصحك – يا قرة العين – أن تستخيري الله – سبحانه وتعالي- في أمر هذا الخاطب، فإذا هم الإنسان بأي عمل، فلابد من استخارة الله، فهو وحده الذي يعلم الغيب، وصلاة الاستخارة معروفة للجميع. ثم ألحي على الله تعالى بالدعاء بأن يوفقك ويهديك للصواب، وأن يقر عينك بالزوج الصالح.
وفي الختام... أدعو الله سبحانه وتعالى أن يشرح صدرك بالزوج الصالح الذي يقر عينكِ ويعينكِ على طاعة الله ويكون لكِ نعم الزوج.. ونعم الحبيب.. ونعم الصديق.. ونعم الأخ.. اللهم آمين.. ونحن في انتظار جديدك فطمئنينا عليك.