دستور "التطفيف" و"استغلال الجهل"
13 ربيع الأول 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

التسريب الذي أذاعته قناة الجزيرة الفضائية أمس لوزير الدفاع المصري الفريق عبد الفتاح السيسي بشأن رأيه في الدستور الجديد الذي قامت لجنة الخمسين المعينة من قبل الجيش بوضعه يكشف عن أمور خطيرة في الوقت الذي بدأ فيه المصريون اليوم التصويت على الدستور...

 

بعد إطلاق الفريق السيسي لخريطة الطريق التي شملت تعطيل الدستور الذي وافق عليه الشعب بنسية 64 في المائة تم تشكيل لجنة مكونة من 10 خبراء لإجراء تعديل قانوني على الدستور ثم بعد ذلك تم تشكيل لجنة مكونة من 50 شخصا من أجل استكمال التعديلات إلا أن هذه اللجنة التي كان يغلب عليها العلمانيون وخصوصا الاتجاه اليساري قامت بوضع دستور جديد في مخالفة لخريطة الطريق وللإعلان الدستور وهو ما يبطل الأساس القانوني لهذا الدستور..العجيب أن الفريق السيسي اعترض على هذا الأمر كما يبدو من التسريب واتهم اللجنة بشكل واضح بأن عملها منقوص وتطفيف في الميزان وأنها تستغل جهل الناس, جاء ذلك في الحوار الذي أجراه معه رئيس تحرير جريدة المصري اليوم منذ شهرين ولكن هذا التصريح لم يخرج إلى النور لأسباب غير واضحة إلا أنه بمرور الوقت وجدنا الفريق السيسي يروج للتصويت بكثافة على الدستور الذي يعترف هو نفسه بأنه منقوص  فكيف حدث ذلك؟! وما الأسباب الحقيقية يا ترى؟!..

 

لقد تعرض الدستور لانتقادات واسعة حتى من بعض من دعوا إلى مظاهرات 30 يونيو و كانوا يعارضون الرئيس محمد مرسي وهذا لعدة أسباب من أهمها: إن الدستور حصن وزير الدفاع في منصبه لدورتين متتاليتين ومنع تعيين وزير الدفاع إلا بإذن المجلس العسكري بالإضافة إلى السماح بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري, كما أقر الدستور أن تكون ميزانية الجيش رقما واحدا في الموازنة العامة وهو ما يضعف الرقابة عليها,هذه البنود فسرت من جانب البعض على أنها جاءت لمصلحة الجيش وبطلب من مندوب الجيش في اللجنة خصوصا أن هناك تسريبا للفريق السيسي يطالب فيه بتحصين منصبه إذا ما اعتزم أن يترشح للرئاسة على أن يعود إليه مرة أخرى إذا فشل في ذلك..

 

 

فهل يا ترى تراجع الفريق السيسي عن هذا الراي الواضح في الدستور بعد أن تم الاستجابة لمطالب الجيش؟! وإذا كان هذا قد حدث فما المقابل الذي حصل عليه العلمانيون المتطرفون في اللجنة والذين يبغضون التيار الإسلامي والشريعة الإسلامية بشكل واضح؟!..

 

إن نظرة متفحصة للدستور الجديد يجد أنه تم حذف عبارة أن مصر "جزء من الأمة الإسلامية" كما تم حذف معاقبة الذين يسيئون للذات الإلهية و للرسل والانبياء عليهم الصلاة والسلام, في نفس الوقت جعل الدستور مرد تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية للمحكمة الدستورية والذي ينص آخر أحكامها على استبعاد 95 في المائة من الشريعة.. فهل تم هذا مقابل ذاك؟! وهل الشعب هو الضحية لهذا الدستور المنقوص كما وصفه الفريق السيسي نفسه؟....

 

إن أسئلة كثيرة تتوارد على الأذهان بعد هذا التسريب الخطير وكيف أن الإعلام الأحادي والموجه والذي يستبعد تماما الرأي الآخر منذ عزل الرئيس مرسي يمكن في مجتمع تزيد فيه نسبة الأمية عن 40 في المائة أن يسوق الناس إلى ما فيه هلاكهم وهم لا يعرفون!...

 

إن الدستور الذي وضع في عهد الرئيس مرسي انتقده معارضوه بأنه لم يأت بتوافق حيث انسحب من اللجنة عدد من الليبراليين واليساريين قبل التصويت عليه وهم لا يمثلون في الشارع أكثر من 30 في المائة بحسب آخر انتخابات شهدتها البلاد, أما الدستور الأخير فيستبعد أكبر حزب سياسي في البلاد والذي اكتسح جميع الاستحقاقات الانتخابية النزيهة التي جاءت بعد ثورة يناير.. فهل يمكن أن يكون دستورا توافقيا؟!