في لبنان..الجاني معروف والتحقيق ممنوع
24 صفر 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

استيقظ سكان العاصمة اللبنانية بيروت اليوم الجمعة على دوي انفجار هائل هز وسط المدينة مع سقوط 8 قتلى على الأقل حتى اللحظة من بينهم الوزير البارز في حكومة سعد الحريري ومستشاره محمد شطح الذي كان يتولى حقيبة المالية والمعروف بانتقاداته المستمرة لتدخل حزب الله في سوريا..

 

ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تعيش فيها العاصمة اللبنانية على وقع هذا المشهد العبثي وسط برك من الدماء ودوي صفارات سيارات الإسعاف التي تنقل القتلى والجرحى, والعجيب أن هذا المشهد المتكرر لا يسفر أبدا عن ضبط للجناة وتقديمهم للمحاكمة من أجل ردع من يفكر في تكرار هذه الجرائم, رغم أن الأدلة تكاد تتوحد في اتجاه معين..لبنان تعيش حالة من الصراع السياسي المسلح بشكل واضح منذ ظهور تنظيم حزب الله على السطح واختبائه وراء شعار المقاومة للاحتلال وطوال هذه الفترة قاتل "إسرائيل" ـ وفق حساباته ـ  قليلا وقاتل في الداخل ومن أجل إيران ونظام بشار كثيرا ومع ذلك يصر على الاحتفاظ بسلاحه متحديا الدولة والقوى السياسية المختلفة في لبنان....

 

قتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري منذ سنوات عديدة وهز مقتله المنطقة كلها وليس لبنان فحسب وشكلت لجان تحقيق محلية ودولية وعندما اقترب التحقيق من القبض على عدد من عناصر حزب الله تجمد التحقيق وأصبح في خبر كان تحت دعاوى مختلفة من بينها الحفاظ على وحدة البلاد والتوازنات السياسية وعدم زيادة الاحتقان ورغم ذلك تزداد التفجيرات ويزداد الاحتقان لأن هناك طرفا في المعادلة رهن الوطن من أجل مصالحه وأصبح دولة فوق الدولة وهو ما ترفض أطراف داخلية وخارجية حتى اللحظة الاعتراف به أو مواجهته....

 

استهداف قادة وسياسيين من أهل السنة أو من المنتمين للتيار المعارض لحزب الله جعل رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري لا يأمن على نفه ويغادر بيروت قبل أشهر لأنه يعلم جيدا أن الدولة اللبنانية لا تستطيعع حمايته من بطش حزب الله الذي قتل والده من قبل وفلت بفعلته حتى الآن...

 

منذ بدء الثورة السورية وحزب الله يجاهر بدعم نظام بشار الأسد الذي استخدم القوة منذ اللحظة الأولى لقمع الانتفاضة والاحتجاجات السلمية  وعندما تحولت الثورة إلى جهاد ضد النظام النصيري قرر حزب الله أن يشارك في قتل السوريين دعما لبشار وهو ما استفز السوريون واللبنانيون معا ومنذ ذلك الوقت ولم تهدأ أعمال العنف والتفجيرات في لبنان وكلما علا صوت برفض التدخل تمت مهاجمته وتخوينه من خلال اللوبي الإعلامي الذي يسيطر عليه حزب الله وإيران ونظام الأسد في لبنان..

 

لبنان بلا حكومة منذ عدة أشهر بسبب حزب الله وحلفائه الذين يصرون على تشكيلة حكومية تنفذ لهم ما يريدون من وضع لبنان وشعبها رهينة لأطماع إيران ومخططاتها في المنطقة متجاهلين أن التركيبة الطائفية للشعب اللبناني تنذر باندلاع حرب أهلية في أي وقت ويبدو أنهم لا يأبهون بذلك ظنا منهم أنهم الأجدر بالبقاء بعد الحرب الأهلية بل ويستطيعون بعدها إعادة رسم الخارطة اللبنانية بشكل يضمن مصالحهم بصورة أكبر وهو وهم سيقضي على الأخضر واليابس في هذا البلد الصغير...

 

إن حزب الله يطمح للعب دور أكبر من حجمه عبر التدخل في شؤون الدول المجاورة مدعوما من إيران وهو في هذا الطريق يحرص على  قمع السنة والانتقام منهم في لبنان وسوريا فيقتل أي سياسي محسوبا عليهم ويهاجم أي داعية يوحد صفوفهم كما فعل مع الشيخ الأسير الذي دبر له مؤامرة لطرده من البلاد بالاتفاق مع حلفائه في الجيش وهو أمر ينبغي على اللبنانيين الاعتراف به ما داموا يريدون حلا لأزمتهم..

 

إن حزب الله اخترق الجيش وقوى الأمن والشرطة اللبنانية منذ فترة طويلة كما أنه يعرف أدق الأسرار عن الدولة وعن القوى المعارضة عن طريق تحكمه في شبكة اتصالات تابعة له لذا يسهل عليه معرفة خط سير أي شخصية ويستطيع التربص واقتناصها في الوقت الذي يريده..

 

كنا نتمنى لو قلنا أنه ينبغي انتظار التحقيقات لمعرفة الجاني الحقيقي وفقا للقانون, إلا أنه في لبنان الجاني معروف والتحقيق ممنوع.