الجهود الإغاثية في الشام.. لا يزال الطريق طويلاً!
17 صفر 1435
تقرير إخباري ـ محمد لافي

لا يزال أبناء الشام من الرجال والنساء والأطفال يواجهون أخطاراً محدقة بعد بعد انكشاف العاصفة المطرية الثلجية التي ضربت بلادهم والتي لا تزال تحصد أرواح العديد منهم, هذا بالإضافة إلى ما يكابدونه من بطش النظام النصيري قتلاً وتشريداً وتهجيراً, فلا تزال التحذيرات تتوالى بإمكانية تعرضهم لشتاء طويل قارس ولموجات أشدة قسوة ستزيد حتماً من معاناتهم وستواصل حصد أرواحهم.

 

وفي الوقت التي تتدفق فيه الصور ومقاطع الفيديو التي يبثها ناشطون على مواقع التواصل تحكي قسوة ما يعانيه السورين في الداخل أو في مخيمات اللاجئين على الحدود السورية جراء البرد والجوع, وتنقل توسلاتهم للعالم للمسارعة في إغاثتهم. لا يبدو حتى الآن, أن هناك ردود أفعال توازي الحجم الكبير للمأساة وتسهم بشكل ملموس في التخفيف من هذه الأزمة, حيث يؤكد مراقبون ضرورة أن تكون هناك استجابة أكثر شمولية وتنظيماً وعلى مستويات أكبر بكثير مما هي عليه الآن.

 

ويعاني ظروفا إنسانية قاسية أكثر من مليونين ومائتي ألف لاجئ مسجل، وستة ملايين وخمس مائة ألف سوري نازح داخل سوريا بعد أقوى عاصفة تضرب المنطقة منذ عقود, خاصة مع الحصار وشح الموارد وانعدام وسائل التدفئة ونفاذ المواد الغذائية، وانقطاع الكهرباء.

 

ومع هذه المعاناة التي لم تشهدها بلاد الشام منذ عقود, والتي أحدثتها موجة البرد "ألكسا" القادمة من مناطق سيبيراً لا يزال من المتوقع أن تتبعها موجات أخرى لا تقل عنها, فقد أطلقت وكالة ناسا تحذيراً هو الأول من نوعه لدول الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط منذرة بقدوم عاصفتين ثلجيتين ستضرب بلاد الشام عموما وسوريا ولبنان بشكل خاص.

 

حملات ضئيلة
وعلى الرغم من تبني جمعيات خيرية و دعاة وشخصيات في السعودية وعدد من الدول الخليجية حملات إغاثية لتخفيف المعاناة عن المتضررين السوريين وبالرغم من الاستجابة الشعبية لها والتي تفاوتت في حجمها من دولة لأخرى, لا تزال تلك الحملات محدودة التأثير,  إذا لن يكون بوسعها إحداث أثر ملموس في هذه الأزمة خاصة في ظل غياب دور العديد من حكومات الدول الإسلامية وكبرى الجمعيات الخيرية في العالم الإسلامي, بالرغم من النداءات المتزايدة لضرورة الإسراع في تقديم المعونات العاجلة.

 

قضية إنسانية
ويرى مراقبون أن التنازعات السياسية التي تشهدها القضية السورية, ألقت بظلالها على العملية الإغاثية للشعب السوري وجعلت بعض الدول تقف موقف المتفرج لما يحدث, في الوقت الذي تحتم فيه مثل هذه الظروف تغليب الجانب الإنساني على ما سواه خاصة و أن المتضرر في الكارثة جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ أو من النازحين الذين هجروا مسكنهم واستقر بهم الحال في مخيمات تؤويهم بالآلاف.

 

كما أن الكارثة التي أحدثتها العاصفة الثلجية, لم يقتصر تأثيرها على أبناء الشعب السوري وحدهم ففي قطاع غزة حيث يقيم 1.7 مليون فلسطيني أدى تساقط الثلوح إلى حدوث فيضانات أغرقت أجزاء من القطاع، و بلغ ارتفاع المياه مترين في بعض المناطق. كذلك تعاني من ظروف مشابهة سببتها العاصفة مناطق في كل من  تركيا ولبنان والأردن وفلسطين وحتى مصر وشمال المملكة العربية السعودية.

 

دعوات للتحرك:
ومع هذا الصمت الدولي المريب تجاه المأساة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب السوري جراء الكارثة الجوية وقبل ذلك صمته تجاه ظلم نظام بشار المجرم القاتل , تعالت الأصوات المنادية للعالم الإسلامي حكومات وشعباً بضرورة التحرك السريع والفاعل لحماية أرواح المنكوبين والمتضررين من هذه الظروف القاسية وآثرها وما قد يعقبها من ظروف مستقبلية.
فقد وجه الائتلاف السوري المعارض نداء دعا فيه إلى لرفع مستوى المساعدات العاجلة والسريعة والأساسية"  للسوريين المحتاجين، سواء داخل أو خارج البلاد، لتجنيب الأطفال والنساء والشيوخ الموت.

 

وحمل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الشيخ يوسف القرضاوي الدول الإسلامية حكومات وشعوباً المسؤولية أمام الله تعالى من أن يموت أحد من السوريين بسبب الجوع والبرد, داعياً جميع المسلمين والهيئات الخيرية الإسلامية والعربية والمنظمات الإغاثية الدولية وكل من له قدرة، إلى مد يد العون والإغاثة  والتدخل لإنقاذ هؤلاء والأطفال والعجزة والمرضى في محنتهم الراهنة.

 

وفي السعودية ناشد الشيخ الدكتور سعد البريك الحكومة السعودية لإطلاق حملة لمساعدة السوريين من خلال الجمعيات التي تعمل بالميدان وكذلك الحملات الموثوقة واستقبال التبرعات لإيصالها في أسرع وقت للأشقاء السوريين.

 

وحذر الأمين العام لرابطة علماء المسلمين فضيلة الشيخ ناصر بن سليمان العمر من التخاذل في مساعدة الإخوة السوريين الذين أصيبوا بشتى الابتلاءات إذ أن لهم علينا حق الإخوة في الإسلام وحق الجوار, وأكد على ضرورة إيجاد شتى السبل لإيصال المساعدات لهم.

 

وناشد فضيلة الشيخ محمد المنجد إلى تقديم المزيد من الجهود والمزيد من البذل لإغاثة 8 ملايين لاجئ سوري تكالبت عليهم صنوف الفقر والحاجة مؤكداً أن  المأساة أكبر وأعظم ما قدم ويقدم الآن.+

 

ومن الكويت أكد الشيخ نبيل العوضي أنه على الرغم من الحملات التي انطلقت من الكويت إلا أن الحاجة أكبر بكثير, واقترح أن تتكفل كل اسرة خليجية بكفالة أسرة سورية خلال هذه الأزمة وحتى بعدها مؤكداً ضرورة المؤاخاة الآن بين السوريين والخليجيين

 

وعلى الرغم من المبادرات التي أطلقت لتقديم ما يمكن تقديمه, فإن الأزمة الإنسانية التي يواجهها أخوة الدين في سوريا وما حولها من المناطق جعلت من تقارب المسلمين واتحاد كلمتهم واجتماع جهودهم ضرورة ملحة قائمة لدفع مثل هذه الأزمات وغيرها بالإمكانات التي يتطلبها حجم تلك الكوارث, خاصة في الوقت الذي يشاهد فيه الشرق والغرب يتآمر على قتل المسلمين وتجويعهم وتشريدهم في كل مكان