اتحاد الفصائل الكبرى في سورية
3 صفر 1435
د. محمد العبدة

متابعات سياسية
                      ( 1 )
      اتحاد الفصائل الكبرى في سورية

لم أفاجأ بخبر الاتحاد بين الفصائل  المجاهدة في سورية الذي نشرته وسائل الإعلام ، فقد كنت على علم بأن هناك خطوات تمهد لهذا الاتحاد ، وقد تحدثت عن هذا الموضوع مع بعض الأخوة من هذه الفصائل لأهميته البالغة  ولأنه كان يشغل بال كل مهتم بالشأن السوري وتداعياته ، وكتبت عنه في موقعي والمواقع الأخرى  ، وتحدثت عنه في بعض القنوات الفضائية ، فهذا الاتحاد كان مطلبا وأملا ، ولهذا فإننا نبارك للأخوة هذا الإجتماع الذي هو على الحق ان شاء الله ، ونساندهم في الاستمرار على هذا النهج ، ونرجو ونطلب أن يتلو ذلك خطوات أكبر وأوسع وأشد وثوقا وصاحب الشرع يقول : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا " .

 

وبهذه المناسبة أقدم هذه الكلمة الرائعة للشيخ العلامة البشير الإبراهيمي فإنها في الصميم مما نريده ونسعى له ، يقول رحمه الله متحدثا عن جمعية العلماء الجزائريين التي أسسها هو والشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله :" ومن غرائب هذه الجماعة التي كان ابن باديس شارة شرفها أن الشيطان لم يجد منفذا يدخل منه إلى أخوتهم فيفسدها ، أو إلى علائقهم فيفصمها ، فعاشوا متآخين كأمتن مايكون التآخي ، متحابين كأقوى ماتكون المحبة ، ولقد كانوا مشتركين في أعمال عظيمة ، معرضين لعواقب وخيمة ومن شأن ما يكون كذلك أن تختلف فيه وجوه الرأي ، فيكثر فيه اللجاج المفضي الى الضغينة والانتصار للرأي المفضي إلى الخلاف ، فوالذي روحي بيده ماكنا نجتمع في المواقف الخطيرة إلا كنفس واحدة ، وكنا نفترق – وإن اختلف الرأي – إلا كنفس واحدة .

 

إن لهذه الحالة فينا علة وثمرة ، أما العلة فهي أن اجتماعنا كان لله ولنصر دين الله ، ولتأدية حق الله في عباده ، فلا مجال للمنافسة وحظ النفس، وأما الثمرة فهي هذا النجاح الباهر الذي نلقاه في كل أعمالنا للأمة :في تطهير العقول ، وفي تصحيح العقائد ، وفي استجابة داعي القرآن ، وفي تمكين سلطان السنة . إن هذا من صنع الله لا مما تصوغه الأهواء النفسية الخبيثة ،وما جمعته يد الله لاتفرقه يد الشيطان "

 

                                 ( 2 )
               الخاسر الأكبر

سيكتب الكثير عن اتفاق ايران مع الغرب حول برنامجها النووي ، وكيف استطاعت ايران انتزاع الاعتراف بالمشروع النووي وإن بشروط غربية ،  وكيف استرجعت بعض أموالها ، وكيف كسرت الحصار الإقتصادي المفروض عليها ، وسيكتب عن المفاوض الايراني الذي يمارس السياسة بعقلية تاجر البازار ، ولكن الذي لم يكتب وربما لن يكتب من قبل الصحافة والاعلام هو أن هذا التقارب بين الغرب وايران أو هذه الاجتماعات الطويلة التي كشف عنها أخيرا ، كل هذا يدل على أن الاستراتيجية الغربية البعيدة المدى الراسخة في عقول الغربيين هي أن الشيعة أقرب لهم من السنة ، فمن خلال الحاضر والماضي أثبتت التجارب والتاريخ أن الشيعة يتحالفون بسهولة مع الغرب ويشتركون معه في أمور كثيرة ، ذلك لأن هدفهم ليس ( الشيطان الأكبر ) كما يسمونه دجلا دعائيا ، ولكن هدفهم الأكبر هو إضعاف السنة بكل الأساليب ، سواء الدعاية أوالقتل والقتال أواستخدام المال والنساء .

 

الاتفاق كان بشكل عام لصالح ايران ، وأما قصة السماح للمفتشين الدوليين بزيارة المنشآت النووية فهذا ليس مشكلة لأن ايران تؤجل التخصيب الذي تريد إلى وقت مناسب ، المهم الآن أن تربح ليس مالاً وتجارة فقط بل سيطرة اقليمية ، هي الآن لاعب كبير في المنطقة ، والخاسر الأكبر هم العرب ، لأن تقوية ايران هو تقوية لنفوذها في العراق ولبنان ولطموحها وتدخلها في سورية .

 

الغرب أعطى ايران ما تريده ومعنى هذا أن المنطقة العربية لاتهمه كثيرا أوليس لها شأن كبير ، ولننظر ماذا يجري بين المغرب والجزائر وما يجري في تونس وليبيا وأما مصر فقد خرجت بالإنقلاب العسكري من الشؤون العربية والإقليمية . ولا يقال هنا هل تستطيع ايران أن تتلاعب بالغرب ؟ إن القضية ليست مسألة تلاعب ولكن الغرب ضعيف سياسيا لضعف أمريكا وعنده مشكلة ايران النووية فليحلها جزئيا ، وكما يقال الغرب عملاق اقتصادي وقزم سياسي