لبنان في طريق الانفجار
12 محرم 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

ظلت لبنان لسنوات طويلة أسيرة للنظام السوري العلوي حيث كان آل الأسد هم من يختارون رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية, وبعد دخول إيران إلى المشهد عقب ثورة الخميني الشيعية بدأ التحالف الإيراني ـ السوري يخطط لبقاء لبنان رهينة لمصالحه عن طريق مليشيات عسكرية موالية له فكانت حركة أمل ثم حزب الله..

 

كان التفكير في إنشاء مليشيات عسكرية شيعية استباق من التحالف الإيراني ـ السوري للضغوط الشعبية اللبنانية والخارجية بشأن ضرورة خروج جيش النظام السوري من لبنان مع أجهزة مخابراته التي عاثت فسادا في البلاد, وأصبحت هي الحاكمة الفعلية وأصبح أكثر السياسيين يخطبون ودها من أجل الحصول على منصب وزاري أو حكومي, وانتشر الحديث عن الرشاوى من أجل الحماية الشخصية لبعض رجال الأعمال والسياسيين في بلد كانت الانفجارات تزورها معظم الأوقات دون التمكن من العثور على مرتكبها....

 

وعندما اغتيل الرئيس رفيق الحريري الذي كان يمثل عقبة في طريق المشروع الإيراني في لبنان لم يجد الغرب مناصا من الإصرار على خروج قوات آل الأسد ومخابراته من لبنان وسط غضب وانتقادات من حلفائه..خرج جيش الأسد من لبنان ولكن وضع رجاله في كل أركان الأجهزة الأمنية والعسكرية والحكومية وظل القرار اللبناني رهين الخارج وبالتحديد إيران ونظام الأسد بعد أن تمكنا من زرع مليشيات مسلحة بشكل أفضل من تسليح الجيش اللبناني نفسه وعنما يتحدث فصيل سياسي عن ضرورة نزع سلاحها يتحججون بالمقاومة للاحتلال الصهيوني وهي نفس الذريعة التي كان يستخدمها النظام السوري من أجل تبرير تدخله في لبنان أو دعمه لحزب الله أو قمعه لشعبه..

 

لبنان البلد صاحب التركيبة الطائفية المعقدة التي لاتشبه غيره من البلدان العربية والحديث العهد بحرب أهلية طائفية ضروس يعيش اضطرابات كبيرة على المستوى الأمني والسياسي ليس بسبب خلافات داخلية فقط ولكن بسبب التدخلات المستمرة من إيران ونظام الأسد في شؤونه عن طريق أتباعهم من الشيعة ومن بعض "المسيحيين"  مثل ميشيل عون زعيم ما يسمى بالتيار الوطني الحر المتحالف مع حزب الله وحركة أمل..الحكومة اللبنانية الحالية فشلت في إجراء أية إصلاحات تنزع فتيل الأزمة الاقتصادية والامنية والسياسية لمتصاعدة في البلاد بعد أن وجدت نفسها لا تملك الوقوف أمام سلاح حزب الله وفرماناته, وعندما استقالت الحكومة فشل رئيس الوزراء المرشح منذ عدة أشهر في تشكيل حكومة جديدة بسبب محاولات التحالف الإيراني ـ السوري السيطرة على القرار الحكومي من أجل حماية أتباعه المتورطين في جرائم قتل وسرقة واعتداء على المواطنين.. المشهد اللبناني بعد الثورة السورية أصبح شديد التعقيد وينذر بانفجار رهيب بعد تصاعد الاشتباكات وأعمال العنف بين السنة المؤيدين للثورة والعلويين المويدين لنظام الاسد وإصرار حزب الله على الاستمرار في القتال في سوريا إلى جانب الأسد رغم أن الموقف الرسمي اللبناني يرفض ذلك..

 

لقد خرج نصرالله مؤخرا ليؤكد على بقاء مقاتليه في سوريا رغم المعارضة الشديدة في لبنان لهذه الحرب التي قد تجر لبنان معها إلى الهاوية خصوصا مع ضعف الدولة اللبنانية وعدم استطاعتها السيطرة على الحدود مع سوريا وتهديد الثوار بالانتقام من جرائم حزب الله ضد الشعب السوري داخل لبنان..لبنان أجلت الاستحقاق النيابي بحجة توتر الأوضاع الأمنية وسط معارضة شعبية كبيرة, وفي نفس الوقت  قادمة على استحقاق رئاسي وهو من نصيب "المسيحيين" ـ حسب اتفاق الطائف ـ لكن الخلافات محتدة بين الأطراف المتصارعة حول الشخصية المناسبة ومن أي جهة تكون؟ وهل ستستطيع الوقوف أمام أطماح حزب الله وإيران أم سيكون موقفها سلبي كما هو الحال الآن؟ ميشيل عون بدأ يلعب على جميع الحبال من أجل الوصول للرئاسة وهي حلم قديم له , بينما سمير جعجع المعارض لحزب الله يرى أنه الأولى وإن كان يخفي ذلك ريثما تتضح الأمور..

 

الرئيس اللبناني الحالي زار السعودية التي يعيش فيها منذ فترة طويلة زعيم كتلة المستقبل سعد الحريري والهارب من استهداف حزب الله له خوفا من اغتياله كما فعلوا مع أبيه, وسط أنباء عن محاولات لرأب الصدع بين الأطراف المختلفة من أجل أن تعبر لبنان الأزمة السياسية الخانقة التي تكبلها وتكبل أجهزتها المختلفة بما فيها قوى الأمن التي تعجز عن اتخاذ الإجراءات الرادعة لوقف المعارك والتفجيرات التي تستهدف العديد من المناطق.