أقبية الموت في سوريا
1 ذو الحجه 1434
تقرير إخباري ـ المسلم

تعددت أشكال وألوان الموت في سوريا على يد عائلة الأسد وأعوان هذه العائلة من شيعة إيران , فهناك الموت ذبحا بالسكاكين والسلاح الأبيض , والذي يعيدنا إلى عصر هولاكو وجنكيز خان , وقد مارست هذا الأسلوب شبيحة الأسد وحزب الله في كل من الحولة بحمص إلى داريا بريف دمشق إلى البيضا في بانياس , في سلسلة من المذابح والمجازر المروعة على مدى عامين ونصف من عمر الثورة السورية المباركة .
وهناك الموت جوعا وعطشا في حصار يطال معظم المدن والمناطق التي خرجت من يد هذا النظام الغاشم , فحصار حمص تجاوزت مدته العام ونصف العام , حيث بدأ الحصار أوائل عام 2012م وحتى الآن , كما أن غوطتي دمشق والمناطق الجنوبية من العاصمة تعاني من موت بطيء جراء الحصار المفروض عليهم منذ قرابة العام , في شكل آخر للموت الذي يحصد الأرواح هناك .
ولكن أشد أنواع الموت قسوة ولا إنسانية تلك التي تحدث في أقبية وسجون عائلة الأسد في سوريا , فالموت هناك حلم يراود أي سجين للخلاص من التعذيب الذي يتجرعه يوميا , وتجنب أشكال الموت البطيء والتنكيل الذي لا يمكن أن يخطر على بال بشر , ممارسات وأساليب في التعذيب استلهمها شبيحة الأسد من شياطين الإنس والجن المنتشرة في هذا العالم , و باتوا اليوم يصدرونها لغيرهم ويعلمونها لإبليس .
ومن هنا يمكننا أن نفهم تلك الدعوة التي كان ثوار سوريا يرجون الله تعالى دائما أن يستجيبها لهم , أثناء خروجهم في المظاهرات السلمية قبل حمل السلاح , فقد كانوا يفضلون الموت على الاعتقال , ويدعون الله بذلك , نظرا لما رسخ في أذهانهم من صور التعذيب في معتقلات الأسد .
وفي هذا الإطار قالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان : إن عشرات الآلاف من المحتجين السلميين المناهضين لحكم بشار الأسد أودعوا السجون في سوريا ، ويتعرضون لتعذيب ممنهج .
وأوضحت المنظمة - التي تتخذ من نيويورك مقرا لها - أن المحتجزين تعرضوا للاغتصاب ولانتهاكات تضمنت الصدمات الكهربائية على مناطق حساسة ، والضرب بالعصي والأسلاك والقضبان المعدنية.
وجاء في التقرير أن الاعتقال التعسفي والتعذيب قد أصبح من الأعمال الروتينية المعتادة لقوات الأمن السورية , وأن كثيرين أودعوا السجن لمجرد انتقاد السلطات أو تقديم مساعدة طبية لضحايا الحملة العنيفة على المحتجين منذ عام 2011 , كما ألمح إلى أن التعذيب يحدث بشكل ممنهج , وأنه يمثل سياسة دولة وجريمة ضد الإنسانية.
وأشار التقرير لمقتل 1200 معتقل تحت التعذيب , إضافة لسجن سياسيين لأشهر دون اتهام ، وتعذبهم وإساءة معاملتهم ومنعهم من الاتصال بعائلاتهم ناهيك عن محاميهم ، حتى غدت أسرهم تتلهف لسماع أو معرفة أي شيء عنهم .
وأبرز التقرير 21 حالة فردية كحالة يحيى الشربجي وأخوه وثلاثة نشطاء آخرين وخليل معتوق ومازن درويش رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير , وغيرهم الكثير ممن لا يعلم شيء عن مصيرهم أو حتى أماكن تواجدهم , حالهم حال عشرات الآلاف المحتجزين في أقبية الموت السورية .
وإذا كان التقرير قد رصد غيضا من فيض مما يحدث في أقلبة عائلة الأسد , فإنه تغاضى عن المقابر الجماعية التي يدفن فيها الكثير ممن يموتون تحت التعذيب في هذه السجون , والتي نشر ناشطون سوريون على صفحات التواصل الاجتماعي فيس بوك بعض صورها وأماكنها , ومنها مقابر جماعية داخل سجن حلب المركزي .
كما تغاضى عن الإعدامات الميدانية التي يمارسها شبيحة بشار في السجون بحق المعتقلين السوريين بشكل دوري ومستمر , نظرا للاكتظاظ الشديد في السجون وعدم استيعابها للأعداد المتزايدة الوافدة , كما أعربت عن ذلك الرابطة السورية لحقوق الإنسان , ونشرت بعض أسماء من تمت تصفيتهم جسديا بطريقة وحشية .
ولم تكن هذه الممارسات جديدة على عائلة الأسد , فقد اشتهرت أحداث سجن تدمر في سوريا حتى أصبحت نارا على علم , وذلك من شدة فظاعة ما ارتكب فيه من أهوال تشيب لها الولدان , وهو السجن الذي كان مخصصا في الأصل لتأديب العسكريين المخالفين للتعليمات أو الهاربين من أداء خدمة التجنيد الاجبارية , ثم خصص فيما بعد لاعتقال السياسيين والمخالفين لمنهج وفكر عائلة الأسد وخاصة جماعة الإخوان المسلمين .
وتذكر إحدى روايات القتل والتعذيب في ذلك السجن الرهيب , أن ليلة 26/27 من حزيران (يونيو) عام 1980 شهدت عملية قتل جماعي مروعة , حيث قام جنود سرايا الدفاع بقيادة (رفعت أسد) شقيق (حافظ أسد) ، باقتحام مهاجع المعتقلين في سجن تدمر، ومعهم البنادق الرشاشة ، ولم يغادروا السجن إلا بعد أن تأكدوا أن أرواح المعتقلين قد صعدت إلى بارئها تدعو على القتلة والمجرمين .
كما أن حافظ الأسد أصدر مرسوما بقانون تحت رقم 49 لعام 1980 يقضي بإعدام عشرات الآلاف من المنتسبين لجماعة الإخوان المسلمين في سورية ، وقد نفذ هذا الحكم بآلاف من المعتقلين في سجن تدمر دون محاكمة ولا تهمة سوى الانتساب لهذه الجماعة المحظورة في سوريا .
وإذا أردنا تعداد السجون التي أوجدها حافظ الأسد في سوريا وورثها ابنه بشار من بعده فسيطول بنا المقام , ففي دمشق وحدها أكثر من 23 سجن ومعتقل , وفي حلب 19 , وقريب من ذلك في كل محافظة سورية , وقد أصبحت أضعاف ذلك بعد انطلاق الثورة السورية المباركة , فأضحت كل مدرسة ومستشفى ومركز حكومي سجن ومعتقل , ولا غرابة في ذلك فكل إناء بما فيه ينضح , فبينما يفتخر القادة العظماء ببناء المدارس والجامعات في بلدانهم , ليرتقوا بمجتمعهم إلى مصافي الدول المتقدمة , يتسابق الطغاة بإنشاء السجون والأقبية لضمان استمرار حكمهم .
والمفارقة أن كل هذه الأهوال والفظائع تحدث في سجون الطغاة على مرأى ومسمع العالم بأسره دون أن يحرك ساكنا تجاهها , بل يتعمد غض الطرف عنها , تماما كما حصل في مأساة حماة وسجن تدمر في الثمانينات , وإذا أراد أن يسلط الضوء على بعض ما يحدث فيها كما يحدث الآن , فإنه يقتصر على التوثيق وإصدار البيانات والكلام فحسب , دون أن ينتقل لأي فعل ينقذ به هؤلاء المعذبين .
إنها السياسة الغربية المعادية للإسلام مع أزلامها من الطغاة والمستبدين , تستخدمهم في تعذيب المسلمين وقتلهم في السجون والمعتقلات , فإذا ما انتهت صلاحيتهم ومهمتهم , جرتهم إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمتهم كمجرمي حرب , من خلال الوثائق التي تدينهم , أو تساهم في قتلهم وتصفيتهم بطريقة أو بأخرى , ومع هذا ما زال بعض الطغاة – أمثال بشار – يعملون مع الغرب وينفذون أوامرهم ؟!!!