هل تتعرض غزة لضربة مصرية ؟
30 ذو القعدة 1434
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

تصاعدت في الأيام الأخيرة حدة التصريحات التي تخرج من مسؤولين مصريين تجاه حكومة غزة , كما ازدادت لهجة التهديد والوعيد وهو ما أصاب الكثيرون في مصر وفلسطين بالفزع؛ فمن قبل كان الخوف من تلقي الفلسطينيين الضربات العسكرية من جانب "إسرائيل" فهل يتحول هذا الفزع الآن ليكون من الجهة الأخرى ومن "الشقيقة الكبرى" التي من المفترض أن تطيب وتداوي المكلومين وتهب لإنقاذ الثكلى والمجروحين؟...

 

إن المشهد يذكرنا على نحو ما بمشهد "أيلول الأسود" عام 1970 الذي هاجم فيه الجيش الأردني قوات منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تتخذ من الأراضي الأردنية مركزا لها عقب هزيمة يونيو عام 1967 وبعد هذا الصدام رحلت قوات منظمة التحرير إلى لبنان بعد خسائر كبيرة في الأرواح الفلسطينية...

 

لكن المشهد هذه المرة سيكون أكثر بشاعة حيث يعيش في غزة عدد كبير من السكان العزل المكدسين في مساحة ضيقة يعانون فيها الأمرين من الحصار الصهيوني وانقطاع أكثر سبل الحياة الكريمة من دواء وغذاء وكهرباء..لم تعد القضية قاصرة على بعض تصريحات خبراء ومحللين مقربين من السلطات المصرية أو بعض الإعلاميين المحرضين أو الذين يحاولون التزلف للسلطة الجديدة ولكن وصلت لتصريحات مسؤولين كبار منها تصريح لقائد الجيش في سيناء ووزير الخارجية بل والمتحدث باسم الرئاسة الذي قال، أن الأمن القومي المصري يسمو فوق أي اعتبار، وسيكون هناك رد فعل شديد القسوة وشديد الغضب ضد أي تهديد للأمن القومي المصري, في إشارة لما يروجه البعض عن مسؤولية حماس عن أحداث العنف في سيناء...لقد تحولت حماس إلى المتهم الأول في أحداث سيناء فقط منذ أن تم عزل الرئيس محمد مرسي رغم أن عهده شهد عدة هجمات مؤثرة.. فما التفسير لذلك؟! ثم إن المسؤولين العسكريين المصريين أنفسهم أعلنوا عدة مرات أن عناصر مسلحة كثيرة دخلت البلاد عقب ثورة يناير مستغلين حالة الانفلات الأمني فما دخل حماس في ذلك؟! فلقد دخلوا من منافذ لا علاقة لها بحماس مثل الحدود مع ليبيا.. 

 

إن الخلافات بين حماس والقاعدة أو "الجماعات التكفيرية" كما يسميها الامن المصري المنتشرة في سيناء أكثر من أن تعد وهي واضحة تماما لكل من هو مهتم بشأن الجماعات والحركات الإسلامية لذا من العجيب أن يصر بعض من يزعمون أنهم من المحللين السياسيين أو العسكريين الذين يخرجون في القنوات الفضائية ليل نهار, الربط بين الفريقين..لقد تجاهل الجميع بشكل مستفز اعتراف عدد من المقبوض عليهم في سيناء وعلى شاشة التليفزيون المصري بانتمائهم للأمن الوقائي التابع للقيادي الفتحاوي محمد دحلان والمعروف بعلاقاته المشبوهة مع "إسرائيل" وهو ما يثير العديد من علامات الاستفهام..حماس لا يمكن أن تخوض حربا مع مصر لأي سبب من الأسباب فهي ليست بهذه السذاجة أو على الأصح البلاهة لأنها لايمكن أن تضع نفسها في هذا المأزق وتصبح محاصرة من جيشين هما الأقوى في المنطقة وهي تعاني من أزمات  في التمويل والتسليح لا حصر لها, كما أنها تعتمد على رئة مصر للتنفس مع توقف رئتها الأخرى من ناحية الاحتلال..الوحيد صاحب المصلحة في هذا التدهور في العلاقات بين حماس والقاهرة هو الاحتلال الصهيوني الذي يريد إحكام الحصار على حماس ووقف المقاومة, والسلطة الفلسطينية التي تريد الضغط على حماس من أجل المصالحة بشروطها فلماذا لا يتم البحث في هاتين الجهتين ويتم تجاهلهما تماما؟! لمصلحة من التركيز على حماس الآن وبهذا الشكل وسط حديث عن محادثات بين السلطة والاحتلال تنطوي على تنازلات؟

 

إن الشعوب العربية لا تقبل بأي شكل الاعتداء على الشعب الفلسطيني وهي تصمت عن مواقف مخجلة لحكامها تجاه القضية الفلسطينية أحيانا من أجل الموقف الرسمي الدعائي المناصر للفلسطينيين لكنها لا تقبل بأي حال أن تستخدم أموالها وثرواتها وجيوشها في حرب ضد الفلسطينيين مهما كانت المبررات وهي الأزمة الحقيقية التي يعانيها حزب التحريض العربي الذي يريد أن يصنع من حماس عدوا وشيطانا, وهو يعلم أنها مهمة ثقيلة لذا يشن حملة عنيفة من التلفيق والفبركة والاكاذيب من أجل حشد رأي عام مؤيد لهذه الجريمة...

 

يرى البعض أنها محاولة لإضعاف جماعة الإخوان عن طريق تدمير حليف لها في غزة ولكنها وجهة نظر قاصرة فحماس هي التي تحتاج دعم الإخوان عندما كانوا في الحكم أما عندما ابتعدوا عنه فهي الطرف الأضعف والمحاصر و لا تستطيع ولا يمكنن للإخوان أن يطلبوا منها دعمهم لأن هذا يعني الانتحار للجميع, ولكن المكايدة السياسية التي يقوم بها بعض المهرجين في السياسة والإعلام تحاول خلط جميع الأوراق معا لكسب معركة الرابح فيها هو الاحتلال الصهيوني.