أنت هنا

الأقصى.. هل من انتفاضة جديدة؟
23 ذو القعدة 1434
موقع المسلم

أكثر من لفت أنظار المراقبين للشأن الفلسطيني في ذكرى انتفاضة الأقصى الثالثة العشرة التلويح بانتفاضة جديدة نصرة للأقصى من أكثر من طرف في المقاومة الفلسطينية.
البعض عدها نوعاً من ذر الرماد في عيون الناقدين لمساعي صد الهجمة الصهيونية عن الأقصى، وتهديداً في الوقت ذاته لهم وكبحهم عن التمادي في مشروع تقسيم الأقصى أو هدمه.
والآخرون اعتبروها تهديداً حقيقياً له ما بعده، وتطويراًَ ذا أبعاد مختلفة، داخلية وخارجية، لاسيما أن الظرفين المحلي والإقليمي يستدعيان وضع الأفكار المطروحة حول الانتفاضة أو المقاومة عموماً حيز التطبيق في ظل جمود يعتري الملف، وانكفاءً على أوضاع معيشية تستهلك فصائل المقاومة بعيداً عن أهدافها الأصلية، لاسيما أن وضع المسجد الأقصى، ومدينة القدس قد صارا في محل الخطورة والقلق البالغ.
وفي السياق الأخير، يمكن فهم العرض العسكري اللافت الذي "غامرت" به كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحركة حماس، بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية، واستعراضها المقصود لأسلحة تعد استراتيجية نسبياً وتمتلكها الحركة، ومنها صاروخ m75 القادر على استهداف مناطق في تل أبيب ذاتها، والذي جرى استخدامه في صد العدوان الأخير على غزة، ويمكن فهم ذلك في ضوء حرص على تلويح بالقوة ينذر بفعل لا مجرد تهديد، وهو لا يشير بأصبع السبابة لـ"الإسرائيليين" وحدهم، وإنما لكل قوة رأت أن الحركة بدت ضعيفة بعد موقفها من نظامي مصر وسوريا.
المقاومة الفلسطينية تلوح بفعل حقيقي، وهي شرعت في التأكيد على جهوزيتها وجديتها عبر وسائل عديدة كلامية، وميدانية؛ فنكأت في عسقلان، وقتلت في الخليل، وواجهت في القدس وغيرها، وهي ظواهر ربما تحمل على الاعتقاد بأن فلسطين تجهز ذاتها لانتفاضة جديدة غير واضحة المعالم..

ولكن ما إن تجول في بعض صفحات المقاومة الفلسطينية مستكنهاً ردات الفعل الشبابية على دعوات تفجير انتفاضة جديدة حتى ترصد استبعاداً مشوباً بالحسرة لحصول هذه الانتفاضة، فالكثيريون يتمنون لكنهم لا يتوقعون اندلاع مثل هذه الانتفاضة، والأسباب عديدة، وفي قلبها نجاح نظام الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته منذ سنوات، محمود عباس في إخماد قدرات المقاومة في الضفة الغربية، والزج بكوادرها في سجون السلطة وإجهاض كل محاولة لإحياء قدرة المقاومة فيها على استنساخ مناخ انتفاضة الأقصى عام 2000 والتي تفجرت في الضفة الغربية وقطاع غزة معاً.
على أن حماقات الصهاينة التي تجرهم أحياناً إلى إشعال الحرائق مطمئنين إلى ردات الفعل العربية الباهتة، وربما الآن غير الموجودة بالأصل، قد تجعلهم لا يقدرون حالة السيولة الإقليمية جيداً، والتي لم توفر بلدا في محيطها لم تطله تأثيراتها، بما لا يجعل تشجيع الشباب الفلسطيني على إعادة تصدير ريادته في المنطقة مرة أخرى بعد فترة من التفات الناس إلى مناطق ثائرة أخرى، أمراً مستغرباً..
الأقصى يستأهل تثويراً بالقطع، وتصدير أزمات المقاومة مع دول مجاورة باتجاه "إسرائيل" تستحق بالطبع، ولكن المحاذير لم تزل موجودة؛ فالحراك مستمر، والانتفاضة ربما مؤجلة.. ربما!