20 جمادى الأول 1436

السؤال

السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
للأسف لم يتقدَّم لأختي رجال أكفاء، وعندما تقدَّم لها الخاطب الـ 6 لم أقبل به، لأنَّه يصفِّف شعره بطريقة غريبة.
لكنَّ الصَّدمة أنَّني دخلت على أختي ذات يوم فوجدتها أكرمكم الله مع " قرد" يمارسان الفاحشة، فانهلت عليها بالضَّرب بعدما غطيتها باللِّحاف الموجود، وصدمت صدمة شديدة عندما رأيت المشهد، هل أنا السَّبب؟.
ما الحلُّ الآن؟ هل أقتلها أم أسجنها في غرفة؟ وإذا أردت تزويجها هل سيقبل بها أحد؟ وهي قد فضَّت بكارتها. ماذا أصنع؟؟

أجاب عنها:
سعد العثمان

الجواب

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه...
أخي الفاضل: أشكرك على ثقتك بموقع المسلم، ومتابعتك له، ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يجعلنا أهلاً لهذه الثِّقة، وأن يجعلَ في كلامنا الأثر، وأن يتقبَّل منَّا أقوالنا وأعمالنا، وأن يجعلها كلَّها خالصة لوجهه الكريم، وألا يجعل فيها حظَّاً لمخلوق..آمين.
أخي الكريم: فهمت من خلال عرضك لمشكلتك، أنَّك حريص على تزويج أختك من رجل ذي خلق ودين، وعندما تقدَّم لها غير الأكفاء رددتهم، حتى تسبب ردك للخاطبين غير الأكفاء لوقوع أختك فيما ذكرت من الواقعة الغريبة المشينة، وتطلب التوجيه والإرشاد والنصيحة في هذه الحادثة المؤلمة، ألخِّصُ لك أخي جواب استشارتك من خلال النِّقاط الآتية:
أولاً: لا تكن صلبًا فتكسر، ولا هينًا فتعصر.
لا أحد مكتمل الصِّفات، ولا أحد خالٍ من العيوب والنَّقائص، كلُّ شخص فيه محاسن ومساوئ، وأنت أخطأت في ردَّ الخاطبين لأختك، لمجرد أمور لا تمسُّ أصل الدِّين والخلق، فتصفيف الخاطب لشعر رأسه بطريقة ما لا يمسُّ دينه وخلقه، ولا ينقص من كفاءته ما دام مقيمًا لصلاته وملتزمًا بدينه، ولو كلّ شخص وقف ودقَّق عند كل صغيرة وكبيرة ما تزوج أحد من أحد، فكل ابن آدم خطاء، وخير الخاطئين التوابون.
ثانيًا: بادر بتزويج أختك.
أختك بحاجة ماسة وملحة للزواج، وعليك أن تسعى جادًا في زواجها وسترها، فعدم زواجها خطر عظيم وكبير وعريض، زوجها لصاحب دين، وتجاوز وتغاضى عن كثير من الصفات الأخرى، وإذا تقدَّم شخص لها فزوجها له، ولا تذكر له شيئًا عما حصل مع أختك، وانفضاض بكارتها، وإذا سألها زوجها عن ذلك هي تجيبه بطريقتها وأسلوبها، فأنت غير مطالب شرعًا ببيان ذلك وتوضيحه.
ثالثًا: الرفق ما كان في شئ إلا زانه.
تعامل مع الأمر بهدوءٍ وواقعية ومسؤولية، وعدم تعدٍّ، فقد جعل الله مِقدارًا للأشياء لا يتعدَّاه ولا يقصر عنه؛ فقال سبحانه وتعالى: ﴿ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ الطلاق: 3، ولتعلمْ أن قتلك لأختك شقاء لك في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾النساء: 93. والضرب ليس حلًّا لأي مشكلة، وإنما تُحَلُّ المشاكل بالمناقشة الجادَّة والحوار البناء، والبحث عن المدخَل المناسب لتغيير سلوكِها الخاطئ، ويحسُن الاستعانة ببعض الداعيات، ليَتَعهَّدْنها بالنُّصح والإرشاد والمراقبة، كل هذا مع الحَزْم، ولو أطلعت والديْك ليُساعداك على العلاج، وإرجاعها لرشدها، فهو حسن وجميل.
رابعًا: الأصل الستر على العصاة غير المجاهرين بمعاصيهم.
الستر على أهل المعاصي وعدم تتبع سقطاتهم من صفات المؤمنين الصالحين، ومن حقوق الأخوة الإسلامية، قال صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه مسلم. " أجمع العلماء على أن مَن اطَّلع على عيبٍ أو ذنبٍ أو فجورٍ لمؤمن من ذوي الهيئات أو نحوهم ممَّن لم يُعرَف بالشر والأذى ولم يشتهر بالفساد، ولم يكن داعيًا إليه؛ كأن يشرب مسكرًا أو يزني أو يفجر متخوفًا متخفيًا غير متهتِّك ولا مجاهر، يُندَب له أن يستره، ولا يكشفه للعامة أو الخاصة، ولا للحاكم أو غير الحاكم ". الموسوعة الفقهية الكويتية:24/169.
خامسًا: عظ أختك، وخوفها بالله.
أختك ما أقدمت على فعلتها إلا بسبب ضعف الإيمان والوازع الديني عندها، ولذلك عليك بتكثيف الوعظ والإرشاد لها، وإن كنت لست قادرًا على هذا، فعن طريق الشريط والكتاب، فإذا قوي الإيمان في قلبها، ولَّد فيها الخوف من الله، ودوام المراقبة له، وبالتالي سيمنعها إيمانها عن الوقوع في براثن المعصية، والارتماء في أوحال الرذيلة.