لماذا يرفض العلمانيون ضرب نظام الأسد؟
2 ذو القعدة 1434
خالد مصطفى

في موقف تبدو من ظاهره علامات الشهامة والمروءة والخوف على أمن الامة العربية, يرفض كثير من العلمانيين العرب خصوصا من اليساريين, توجيه ضربة عسكرية مهما كانت محدودة لنظام بشار الأسد..

 

فهل هو حقيقي موقف أخلاقي مبدأي أم نفعي انتهازي؟وبما أنه لا يمكن أن نحكم على أحد دون معرفة حاله ومواقفه السابقة كان لزاما أن ندقق  في هذا الموقف.. المتامل لموقف كثير من العلمانيين بالنسبة للوضع في سوريا منذ اندلاع الثورة ضد نظام بشار الأسد قبل أكثر من عامين يجد ركوبا لموجة الثورات التي اجتاحت عددا من الدول العربية ورغم تحالف بعض هؤلاء العلمانيين مع الأنظمة الاستبدادية إلا أنهم لم يملكوا سوى تأييد الثورات في محاولة لكسب شعبية يفتقدونها وعدم إغضاب الجماهير التي يراهنون عليها للوصول للسلطة أو التصدر في القنوات الفضائية..

 

إلا أنه بمرور الأيام اتضحت الحقيقة جلية فقد بدأ هؤلاء يشككون في حقيقة الجرائم التي يرتكبها نظام الأسد وبدأوا يوجهون الطعنات للثوار ويتهمونهم بالعمالة والوحشية...

 

ومع بروز الوجه الإسلامي لكثير من كتائب الثوار؛ بدأت الحرب تتصاعد والإشاعات تتزايد من اتهامات بالتكفير إلى جهاد النكاح ..وأصبح الثوار هم المجرمون الذين يسعون لتقسيم سوريا هم ومن يواليهم وتجاهلوا تماما مقتل أكثر من 100 ألف معظمهم على أيدي قوات الأسد ونزوح أكثر من مليوني سوري بعد أن تهدمت بيوت البعض وأصبح البعض الآخر يخشى على نفسه وعرضه من شبيحة الأسد وحزب الله..لو عقدنا مقارنة  بين موقف العلمانيين من الضربة السورية المحدودة التي لن يتبعها احتلال أجنبي كما أكدت واشنطن وكما أكده العديد من الخبراء العسكريين, وبين غزو العراق وافغانستان لأدهشتك المقارنة ففي غزو كامل لبلدين إسلاميين لم تكن الممانعة والمعارضة بهذا الحجم بل برر الكثيرون منهم الأمر بأنه "مكافحة للإرهاب والظلم والاضطهاد"..

 

يا ترى ماذا تغير الآن؟ إن المحاولات المستمية لبعض الدول التي وقفت موقفا سلبيا من غزو العراق وبعض الإعلاميين والقوى السياسية, لمنع أي تحرك ضد نظام الأسد مهما كان محدودا وقصيرا, والإصرار على ضرورة الحل السلمي لما يحدث في سوريا رغم استخدام السلاح الكيماوي على نطاق واسع كما أكد عشرات من شهود العيان, لتلفت النظر بشدة للسياسة "الميكيافيلية" التي تتبنهاها عدد من الدول والقوى العلمانية في تعاطيها مع الشأن العام رغم الخطورة الشديدة جراء ذلك على أرواح ملايين الناس..العجيب أن نفس هذه القوى ترفض المصالحة والتسوية السلمية في أمور أقل من ذلك بكثير بدعوى أنه "لا تصالح في الدماء" رغم أن أنهار الدماء تجري من الأطراف الأخرى أكثر بكثير ولكن رغبة الاستحواذ والإقصاء والكراهية الشديدة للتيار الإسلامي أصبحت "فوبيا" تطارد العلمانيين العرب منذ انحسار شعبيتهم وتنامي شعبية الإسلاميين؛ الأمر الذي أفقدهم توازنهم وجعلهم يضعون أيديهم في أيدي ألد أعدائهم إن اقتضى الأمر وتغيير المبادئ والمواقف كما تغير الحية جلدها..

 

إن الموقف العلماني مما يجري في سوريا الآن هو موقف عنصري لأن المعارضة لنظام الأسد هي إسلامية في معظمها وهم يخافون من وصولها للحكم فيما يشكل خطرا كبيرا عليهم وعلى أتباعهم الذين وقفوا صامتين أمام مجازر الاسد بل أثنوا عليه كثيرا  هو ووالده بطل فضيحة سقوط القنيطرة..إنهم لا يستحون فهؤلاء هم من يرفعون صور عبد الناصر بطل هزيمة يونيو في العواصم العربية التي شهدت ثورات شعبية حقيقية ضد الظلم والاستبداد الذي كان عبد الناصر والأسد يمثلان رموزا صارخة لهما وبعد ذلك يمكن أن نتساءل لماذا يعارض هؤلاء ضرب نظام الأسد أو القضاء علي نظامه الفاشي الطائفي النصيري؟! كما يتساءل البعض الآخر لماذ يكرهون أردوغان صاحب التجربة الديمقراطية الرائدة في تركيا والذي استطاع بها أن يحيد أكبر مؤسسة عسكرية في الشرق الأوسط ويحقق طفرة اقتصادية غير مسبوقة في بلاده أصبحت مثالا يحتذى به عالميا..نعم إنهم لا يؤيدون سوى الطغاة والفاشلين الذين يتفنون في إفقار شعوبهم من أجل أحلام الزعامة..