هل انهار التحالف الغربي ضد الأسد؟
24 شوال 1434
خالد مصطفى

لم يصب قرار مجلس العموم البريطاني "البرلمان" بشأن عدم توجية ضربة عسكرية لنظام بشار الأسد, رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بالصدمة فقط بل أصاب أمريكا وعدد من الدول الغربية الأخرى التي كانت تعول على المشاركة البريطانية في العملية العسكرية ضد الأسد, بالإحباط الشديد..

 

إن كاميرون ومثل كل البلاد التي تحترم إرادة شعوبها أكد أنه يحترم قرار البرلمان وأنه لن يتجاوز هذا القرار ولن يذهب إلى عملية عسكرية دون موافقة الشعب رغم تأكيده على ضرورة معاقبة الأسد على جرائمه..إن شبح العراق يخيم بقوة على المشهد الغربي الذي لم ينس التورط في حرب خاسرة على كل المستويات بسبب مزاعم لم تكن مؤكدة يومها عن امتلاك صدام لأسلحة نووية ولم تتمكن الدول الغربية حتى الآن من إقناع شعوبها بتقبل حجم الخسائر التي تكبدتها هناك .التحالف الغربي ضد الأسد لا يبدو مكتملا فبريطانيا أحد أهم عناصره والتي كان أوباما يعتمد عليها كثيرا في دعم موقفه أمام الرفض الروسي الصيني, وبدونها قد يصعب على الولايات المتحدة القدوم على ضربة عسكرية  منفردة خصوصا مع تحفظ الكونجرس حتى الآن على العملية..

 

فرنسا تصر على الذهاب إلى العملية العسكرية بدون بريطانيا وتدعم الموقف الأمريكي بينما تدعم كندا العملية نظريا دون موافقة على المشاركة في توجيه الضربة العسكرية وهو موقف شبيه بالموقف الأسترالي...

 

أما موقف مجلس الأمن الذي لن يستطيع التحرك دون انتهاء المفتشين الدوليين من عملهم ثم رفع تقريرهم عن استخدام الكيماوي في الغوطة الشرقية مع إصرار روسيا والصين على رفض العملية العسكرية؛ كل هذا أدى إلى تاجيل العملية لعدة أيام فيما يبدو بعد أن كانت على وشك الانطلاق وهو ما جعل نظام الأسد يخلي الكثير من مواقعه الاستراتيجية في العاصمة دمشق..

 

المشهد الدولي الآن بالنسبة للعملية أقل تماسكا وأكثر خشية وارتباكا ولم يعد الاندفاع الأمريكي كافيا وحده من أجل حشد التأييد اللازم من أجل إجراء عملية مثل هذه في منطقة تعيش على صفيخ ساخن منذ سنوات طويلة..حالة التصدع والتردد الدولي بشأن العملية ستجعلها أكثر محدودية على محدوديتها فمن قبل أكدت واشنطن أن الضربة هي عقابية ولا تهدف إلى إسقاط نظام بشار الأسد والآن سيكون العقاب أشبه بالتأنيب الكلامي وهو ما سيفقده محتواه وسيزيد من صلابة نظام الأسد الذي بدأ بالفعل في التهاوي بمجرد أن انتشرت أنباء عن قرب العملية العسكرية حيث أكدت مصادر معارضة أن مئات الجنود التابعين لنظام بشار الأسد بدأوا بالفرار إلى لبنان..

 

إن نظام الأسد يعاني أشد المعاناة من ضربات المعارضة المستمرة منذ أكثر من سنتين وسط أزمة اقتصادية خانقة لا يعوضها الدعم الروسي ـ الإيراني ولو عوضها الآن فلن يستمر في المستقبل كثيرا وبالتالي إمكانية حدوث انشقاقات كبيرة وواسعة في النظام عقب الضربة أمر وارد بقوة وهو ما يخيف الدول المتحالفة معه مثل إيران وروسيا والصين التي تحاول بشتى الوسائل إيقاف الضربة مهما كانت محدوديتها خوفا من انكسار الجبهة الداخلية للاسد والتي تقف على حافة الانهيار...

 

إن الغرب انتظر حتى ضعف نظام الأسد إلى أقصى درجة حتى يتدخل لكي يقطف الثمار ومع ذلك هو يقدم قدما ويؤخر أخرى خوفا من ردة فعل شعبية داخلية لا تعرف سوى حسابات الرفاهية.