24 ذو الحجه 1434

السؤال

عمري واحد وعشرون عاما، أدرس بالطب البشري، تقدم لخطبتي منذ سنة شاب خريج كلية العلاج الطبيعي من أسرة ريفيه، وهو خطيبي الآن، فهو ملتزم وحافظ لكتاب الله تعالى، وقدم أهله مهرا عاليا، رغم إنه لم يعقد القران، وبعد استخارتي وافقت على الارتباط به، لكن قلبي قلق ولم أشعر بالسعادة، مرت سنة على خطبتي أظهر لي كرم خلقه، وأسرته أسرة طيبة، لكني أشعر بعدم قبول لعدة أسباب منها أنه نحيف جداً، وذلك لطبيعة عمله وسفره هنا وهناك، والأمر الآخر أني كنت أتمنى أن أرتبط بطبيب بشري، فأنا أحسد صديقاتي اللاتي ارتبطن بأطباء بشريين، وأيضاً أشعر بعدم الرضا على مستوى أهله الاجتماعي، فهو الوحيد الذي استطاع أن يحصل على مؤهل عالي بين أسرته، عكس أسرتي فجميعهم حاصلون على أعلى المؤهلات، أنا في حيرة كبيرة..

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
الابنة السائلة:
كلنا نتفق على أن من شروط الزواج الناجح حدوث القبول بين الطرفين، والتكافؤ العلمي والاجتماعي وغيره، لكنني أكاد لا أرى في مشكلتك ما يدعو إلى الألم أو الشكوى، إلا أن تكوني من النوع الذي يتأثر بكلام الصديقات المقربات، أو أن تكوني من النوع المحب للزينة أمام الناس والتفاخر عليهم ومثاله،،
ودعيني أسألك: أين عدم التكافؤ بينك وبين هذا الشاب! هل يا ترى لأن والدته لا تعرف القراءة والكتابة! أم لأنه نحيف! أم أن أهلك مؤهلهم عالٍ فذلك يكون سبباً في عدم تكافؤ؟
إنني أختلف معك في عده أمور:
- لماذا وافقت على هذا الشاب من بداية الأمر وأنت تعلمين أنه يتصف بكل هذه الأمور التي تقولين إنها لا تعجبك.
- ذكرت من صفات هذا الشاب الدين والخلق والكرم وحسن السيرة بين الناس، وأن أسرته طيبة، وهذا ما نصح به النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه".
- نظرت إلى الدنيا نظرة النساء المحبات لها، اللاتي يفرحن بالمظاهر الكاذبة فأصبحت تحسدين صديقاتك اللاتي تزوجن من أطباء بشريين، على أساس تخيلك أن خطيبك ليس طبيبا في حقيقة الأمر.
- لابد أن تعلمي أن كلية العلاج الطبيعي من كليات القطاع الطبي مثل الطب البشري والصيدلية والبيطري وأن درجاتها لا تقل عن درجات الطب البشري إلا درجة أو اثنتين وعادة ما يحدث ذلك لظروف الاختبارات وليس معنى ذلك تقليلا أبدا من قدرها، والمتخرج منها طبيب ولاشك.
- الكلية والحمد لله مستقبلها ممتاز فهي كمجال للعمل هو أكثر من رائع ومربح والله مقسم الأرزاق.
- أن الطب البشري عدد الخريجين منه كثيرون لدرجة أن تكليفهم أصبح في أماكن بعيدة.. إنني لا أقلل من مكانة كليات الطب البشري لكن عليك أن تعدلي في حكمك على الأشياء، فأنت إن تزوجتيه فستكونين زوجة طبيب أيضا – إن كنت تبحثين عن اللقب والمسمى – وإن كنت أضع علامة تعجب كبيرة حول طريقتك في التفكير!!
- أما كون هذا الشاب نحيفا فعلى أي أساس وافقت عليه في بداية الأمر؟! ألا تعلمين أن هذه المشكلة مؤقتة، انظري لكل من تعرفينه من أعمام وأخوال فلو سألتيهم لقالوا لك أنهم كانوا في وزنه أيام زفافهم والآن برؤيتك لهم سوف تعرفين الفرق..
الابنة السائلة.. لا تجعلي الشيطان يوسوس لك ليفسد عليك فرحتك من صاحب الخلق والدين، فأنت صاحبة عقل وذكية وعلى قدر واع لموازنة الأمور، فما ذنب هذا الشاب أن أهله كلهم مؤهلهم متوسط؟
بل عليك أن تفخري به أنه وصل إلى ما وصل إليه من هذه الشهادات العليا رغم أن أمه لا تجيد القراءة والكتابة فهذا في حد ذاته تفوق له ونجاح ومهارة تزيده عن الذي وجد من يوجهه ليصل إلى مكانته.
فلا تنسي أن هذا الشاب حافظ لكتاب الله تعالى كما ذكرت.. فهل توجد شهادة تعلو على حفظ كتاب الله؟!
عليك ألا تتسرعي في اتخاذ قرار ظالم لهذا الشاب، وأعطي لنفسك فرصة للحوار معه واستمعي إليه أكثر مما تتكلمين لكي تفهميه أكثر، فإن تأكدت من إيمانه وخلقه، وأعجبك تفكيره وطريقته وتم الارتياح النفسي لحواره وحديثه وسألتم عنه فوجدتموه حسن السيرة وأسرته كذلك، فاعلمي أن كل هذه الأفكار التي تراودك ما هي إلا نزغ من الشيطان، أما إذا وجدتِ نفسك مغلقة قلبيا ونفسيا تجاهه، أو أنك لم تقتنعي بخلقه أو لم تجديه صاحب دين، أو أن هناك ما تستريبين منه أو لم يتم القبول له.. فلا تفرضي على نفسك إنسانا سيكون شريكا لك طول الحياة، فلا بد أن تكوني مقتنعة به تماما وقابلة للزواج منه والله سبحانه هو الموفق إن الحياة يا بنيتي لا تقوم على الظواهر والمظاهر، بل تقوم على الجواهر والقلوب والإيمان، فابحثي عن الرجل ذي القلب المؤمن والخلق الحسن قبل أن تبحثي عن المظاهر، وفقك الله.