أنت هنا

علمنة مصر
27 رمضان 1434
موقع المسلم

لا تفتأ أبواق الإعلام المتغرب بمصر تؤكد على أن الخلاف بين أنصار الرئيس محمد مرسي ومناوئيهم هو خلاف حول قضايا سياسية، ووفقاً لعقيدة غربية تفصل بين الدين والسياسة، يقال أن هذا الخلاف ـ الذي تحول بالمناسبة من ملف سياسي إلى ملف أمني بعد اتهام أنصار الرئيس المنتخب بالإرهاب ـ هو خلاف لا يمس "الدين" بحال! غير أن جوهر المضمون الكاشف لطبيعة الصراع الحالي، وهو العقد الاجتماعي (الدستور) الذي رأته سلطة 3 يونيو العسكرية والقوى العلمانية المتحالفة معها معيباً وبحاجة لتعديلات، نمت "معايبه" التي عدتها القوى العلمانية كذلك عن رغبة جموح في تغيير وجه مصر إلى الشكل والجوهر الأتاتوركي العلماني المعادي للدين، والذي يفوق في تطرفه العلماني نظرة الغرب ذاتها للدين لديها إلى حالة صدامية واضحة مع دين الغالبية المصرية/الإسلام..
وقبل أيام كشف مقطع لندوة بثت على الهواء مباشرة في قناة "انجيلية" إخبارية مصرية (ONTV) لرموز علمانية مساهمة بشكل ما في صياغة التعديلات الدستورية، أو ذات اعتبار في توجيه دفة تلك التعديلات عن تطلع واضح إلى علمنة مصر على الطريقة الكمالية الأتاتوركية، فأكثر من طرف أثبت طموحه في دستور علماني صريح، جلاه مطالبة أحد الرموز وهو د.حلمي النمنم في تحديد ملامح المجتمع والدولة المصرية باختصار في عبارة أن "المجتمع المصري علماني بالفطرة".
على أن هذا التصريح لم يكن بدعاً ولا شططاً لا من الحضور، ولا مما سبقه من تسريبات واضحة لما سيكون عليه دستور مصر إذا قدر للأوضاع فيها أن تستقر على الوضع السلطوي الذي تعيشه مصر؛ فالتعديلات المطلوبة وفقاً لصحيفة تعبر عن جبهة الإنقاذ العلمانية المتطرفة حليفة العسكر، هي صحيفة اليوم السابع، ونقلاً عن مصدر بلجنة تعديل الدستور، حالياً تتمحور حول ما يلي:
المادة الرابعة، والخاصة بدور الأزهر في إبداء رأيه حول القوانين المخالفة للشريعة، واعتبار ذلك نوعا من "ولاية الفقيه"!
المادة العاشرة، والتي هي نصاً تقول : " الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون."؛ فالعلمانيون يعتبرونها تكأة لتدخل جماعات الأمر بالمعروف (غير الموجودة أصلاً) في تحقيق أخلاق الأسرة!
المادة حادية العشرة، والتي تنص على الأخلاق، والتي تعتبرها اللجنة المعدلة للدستور تعدياً على "الحريات الشخصية والعامة".
المادة الثالثة والأربعين، والتي تضع حدا لاحترام الأديان يخص "السماوية" منها فقط، والمبطلون يريدونها أن تتعدى إلى أي عقيدة كالبهائية ونحوها.
المادة الرابعة والأربعين، والتي تحظر الإساءة إلى الأنبياء، ويعتبرونها غامضة قد تؤدي إلى التعدي على الحريات.
!!
وهكذا؛ فإن ما رشح من هذه الجريمة يكشف بوضوح عن نية مبيتة نحو "علمنة مصر" بشكل فاضح، والأدهى أنه قد تم عرضه بلا مواربة، وعلى نحو يبين الهدف المرحلي المراد للمجتمع المصري خلال السنوات القليلة المقبلة..
لكن هل سيقتصر هذا الإجرام على مصر وحدها؟! بالطبع، لا؛ فما واجهته الحركة الإسلامية في تونس إزاء الموجة العلمانية السافرة في مسألة وضع الدستور، توضح أن ما يقال هنا ويقال هناك..
والسؤال الآن: هل ـ لا قدر الله ـ لو نجح هؤلاء المتغربون في تغيير وجه مصر وغيرها، هل سيمتد اللهيب ليأتي على الأخضر واليابس في دولنا الإسلامية؟