نداء للشعب المصري قبل السقوط في هاوية 30 يونيو
29 رجب 1434
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

أطلق معارضون للرئيس المصري محمد مرسي حملة ضده منذ أسابيع باسم "تمرد" للمطالبة بإسقاطه, وقد يبدو الأمر ظاهريا أحد أشكال التعبير عن الرأي في إطار "المنظومة الديمقراطية" التي تتبناها البلاد ووصل من خلالها مرسي للسلطة ولكن المدقق في الأمر يجد أمورا أخرى خفية حتى قبل أن تولد الحركة وتظهر للنور...

 

لقد وصل الرئيس مرسي إلى السلطة بعد ثورة أطاحت بنظام استمر في الحكم أكثر من 60 عاما؛ فمبارك لم يكن سوى آخر حلقات النظام العسكري الذي جاء بعد انقلاب يوليو الذي تحول إلى ثورة بعد تاييد الشعب لها في البداية قبل أن تتحول إلى سلطة غاشمة يتولاها مجموعة من العسكريين المستبدين الذين قبضوا على الحكم بأيدي حديدية وزوروا إرادته عبر انتخابات وهمية...

 

وعانت مصر معاناة شديدة طوال هذه السنوات اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ودفع المواطن البسيط ثمن مغامرات الزعامة في حقبة الستينيات والخمسينيات واستيقظ على عدة هزائم أطاحت بأحلامه وجعلته ينطوي على جروحه ويمشي إلى جانب الحائط... وفي عهد السادات جاء الانفتاح بلا ضوابط فعصف بالطبقة الوسطى المتعلمة وأفرز طبقة الانتهازيين و الفاسدين والمرتشين التي طفت على السطح وسيرت أمور البلاد.. وعندما جاء مبارك زادت سطوة الفاسدين حتى وصلوا إلى مقاعد الوزارة ورئاسة الوزارة وانفجر الشعب لكي يستعيد بلاده التي نُهبت وسُرقت على أيدي الغاشمين, وعندما اختار من يحكمه بإرادة حرة وعبر معرفة قوية به عبر سنوات طويلة وجد من يضغط على جروحه ويستغل فقره وآلام السنوات القاسية ليصفي حسابات سياسية وفكرية مع السلطة بعد أسابيع فقط من انتخابها دون اعتبار للوقت والظروف والملابسات والأخطاء المنطقية التي قد تحدث في مثل هذه الظروف..

 

والسؤال عندما يسقط مرسي ويأتي مرشح إسلامي آخر للرئاسة هل ستستمر هذه الفوضى؟ ثم ماذا بعد؟ وإذا جاء مرشح علماني من يضمن عدم نزول الإسلاميين بعد أيام للتعبير عن غضبهم من عدم تحسن الأوضاع على يديه كما فعل العلمانيون مع مرسي؟! هل يملك أحد هؤلاء الجهابذة إصلاح الأوضاع بشكل يلمسه المواطن العادي في خلال أشهر قليلة؟ من يريد سقوط مصر في الفوضى والدمار؟..

 

هل يتوقع هؤلاء السذج أن ينزل الشعب للمرة الثانية في غضون سنتين ونصف ليسقط النظام بعد كل ما عاناه جراء ظروف الثورة؟! أم أن الغرض هو إغراق البلاد في بحور من الدماء؟...لقد رفض هؤلاء جميع دعوات الحوار والمشاركة في الوزارات لإنقاذ البلاد من "التردي" كما يقولون, كما رفضوا الانتخابات البرلمانية التي ستتيح لهم إذا فازوا فيها أكثر من ثلثي السلطة بحسب الدستور الجديد ـ الذي يعترضون عليه ـ, فيا ترى ما هدف هؤلاء الذين إذا نزلوا في مظاهرات مهما كان حجمها انتهت على كارثة؟..

 

هل يصدق أحد أن يقتنع الشعب المصري أن هؤلاء (البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى) يريدون مصلحته ورفاهيته ورفع المعانة عن كاهله؟ أم يريدون مقعد الرئاسة؟! فليسقط مرسي الآن إذا كان هذا في صالح الشعب ولكن ما هو السيناريو المتوقع عند سقوطه؟هل فكر أحد كيف سيكون الحال إذا نزل العلمانيون إلى الشارع وأشعلوا النيران؟ ماذا سيكون رد فعل الإسلاميين؟ ليس كل الإسلاميين ولكن على أقل عدد غير قليل من الشباب الذي ظن أن التغيير يمكن أن يتم دون عنف فإذا به يستيقظ على انقلاب بدأ منذ أول لحظة وصل فيها الرئيس الذي اختاره الشعب للسلطة..ما هي الرسالة التي يريد العلمانيون المتطرفون الذين يقودون الشباب الغرّ إلى كارثة أن يرسلوها للجماعات الإسلامية في كل البلاد العربية؟ هل هي أنه لا فائدة من العمل السلمي وعليكم بالسلاح؟! السلاح الذي يستخدمه البلاك بلوك ضد السلطة ويجد من هؤلاء من يدافع عنه..

 

هل سيدافع هؤلاء عن الإسلاميين إذا نزلوا بالسلاح ضد البرادعي وصباحي إذا وصل أحدهم للسلطة لأنه يريد تغيير هوية البلاد ولا يريد تطبيق مواد الدستور الإسلامية؟..أم أن السلاح من حق الألتراس والبلاك بلوك وشباب "الثورة" فقط الذين حرقوا مقرات الإخوان وهاجموا الشرطة بقنابل المولتوف وبنادق الخرطوش أمام الكاميرات؟!..

 

إنها كارثة يريدون إغراق البلاد فيها فلاتلتفت أيها الشعب إليهم وإذا كان مرسي ليس على قدر المسؤولية فلتخرج في أول انتخابات وتنتزعه من مقعده وتضع من ترى فيه الكفاءة أما ما يريده هؤلاء فهو الدمار.. فحذار.