تركيا بين الهوية الإسلامية والتخريب العلماني
27 رجب 1434
خالد مصطفى

كشفت الاضطرابات العنيفة التي شهدتها تركيا مؤخرا عن فضيحة جديدة للمعارضة العلمانية في البلاد الإسلامية, واظهرت أن المشروع العلماني في بلادنا ليس مشروعا نهضويا أو تقدميا كما يزعمون إنما هو تخريبي في المقام الأول..

 

لقد صدّعت هذه المعارضة رؤوسنا بأنها ليست عندها مشكلة مع هوية الأمة الإسلامية وثوابت الشريعة وأنها فقط تختلف مع طريقة قيادة التيارات الإسلامية للبلاد وأنها تخشى على مستقبل الشعوب العربية والإسلامية بسبب التدهور الاقتصادي والاجتماعي...

 

إن المعارضة العلمانية يسارية كانت أم يمينية دائما تخفي وجهها القبيح خلف شعارات براقة تستغل بها معاناة الفقراء والبسطاء الذين إذا علموا نواياها الحقيقية للفظوها بعيدا...الأرض الخصبة التي يرتع فيها العلمانيون حاليا هي الأوضاع المتوترة والأحوال الاقتصادية المتدهورة التي أعقبت الثورات العربية وهي أوضاع لم يساهم فيها الإسلاميون بمثقال ذرة بينما ساعد بعض العلمانيين الذين كانوا جزءا من الانظمة السابقة فيها بقدر كبير..اللافت للنظر هنا أن تركيا لا تعاني بتاتا من أية أزمة اقتصادية بل على العكس فهي الدولة الـ17 على العالم في النمو الاقتصادي, واستطاع أردوغان منذ وصوله للسلطة تحقيق طفرات هائلة في تركيا فقد تجاوزت الاستثمارات المباشرة فيها 100 مليار دولار منذ العام 2003 ووصلت قيمة الصادرات التركية إلى 152 مليار دولار خلال العام الماضي، أي عشرة أضعاف قيمة الصادرات التركية قبل تولي أردوغان السلطة..

 

لا انقطاع في الكهرباء ولا المياه في تركيا لا معدلات عالية في البطالة..لا قمع ولا ظلم ولا خروج على القانون..

 

هذه هي الأسباب التي تدفع للتظاهر في شتى بلاد العالم الغنية والفقيرة معا, فماذا يريدون في تركيا؟! هل يمكن أن يصدق طفل صغير أن هذه الاحتجاجات التي سقط فيها قتيلان وعشرات الجرحى جاءت من أجل حديقة قديمة أراد أردوغان أن يحولها إلى مجمع تجاري ضخم ؟!

 

إن العلمانيين يفتقدون للخيال وخططهم نسخ كربونية هنا في العالم العربي وهناك في العالم الغربي..لقد أشعل العلمانيون وعلى رأسهم حزب الشعب المعارض الاحتجاجات وهاجموا الشرطة بقوة ليستفزوها حتى ترد عليهم ويصبحوا شهداء أمام العالم نفس سياسة البرادعي وصباحي وشركاء جبهة الخراب المصرية والبديل هو أن تترك الشرطة الاحتجاجات تتسع وتقوم بتخريب المنشآت وتنتشر أعمال السلب والنهب تمهيدا لانهيار الاقتصاد ـ كما حدث في مصر تماما ـ الذي يمثل نقطة قوة أردوغان وحزبه..

 

وقد يتساءل البعض عن أسباب تنفيذ المخطط في هذا التوقيت وهو ما أوضحته الصور التي نشرتها بعض المواقع وتبين زجاجات الخمر في أيدي المتظاهرين وعلى الأرض بكميات كبيرة فيما يبدو كاحتجاج على القوانين التي أصدرها أردوغان لتقييد بيع وشرب الخمور في البلاد...أردوغان لم يطبق الشريعة الإسلامية في تركيا, كل ما فعله هو أنه يريد الحفاظ على الحد الأدنى من الهوية الإسلامية للبلاد ورفع العداوة القانونية والدستورية مع الإسلام وشرائعه والتي دامت عشرات السنين في تركيا, لكن الغل العلماني لايعرف سوى الإقصاء والهدم...

 

هذا رجل ناجح بكافة المقاييس يتعرض لمؤامرة واضحة المعالم وسط صمت أدعياء الحرية والديمقراطية في عالمنا العربي بل هم يطبلون للاحتجاجات ووجوههم تنضح بالشماتة وأقوالهم تنم عن فرحة بالغة ؛ فهل فهمت الشعوب العربية البسيطة لماذا يريدون إفشال كل صاحب هوية إسلامية في عالمنا العربي؟! حتى لو نجح الرئيس مرسي في مصر أو النهضة في تونس لن يكف العلمانيون عن ألاعيبهم وسيجدون "خرم إبرة" يفجرون به البلاد.