أنت هنا

إنها "الفتنة" يا سليمان.. ويا لبنان!
16 رجب 1434
موقع المسلم

من قلب قيادة الجيش ومن مبناها في اليرزة، خطب الرئيس اللبناني ميشيل سليمان في قادة الجيش عشية ما يسمى بذكرى تحرير جنوب لبنان؛ فقال: "معاني المقاومة أعلى وأسمى من كل المعاني ومن أن تغرق في رمال الفتنة سواء في سوريا، أو في لبنان، أكان ذلك لدى شقيق أو صديق"! يطير التصريح إلى أرجاء العالم؛ فالرئيس يرى أن انخراط ميليشيات "حزب الله" ـ من دون أن يسميها ـ ضالعة أو متورطة في "الفتنة"! أما المراد فهو توفير هذا المسكن السياسي للأبواق المسوقة للموقف "المتوازن" للرئاسة اللبنانية!

 

 

وتوازن الرئاسة المسيحية اللبنانية يعني أن تغض الطرف عن جموع من قوات "حزب الله" تمضي مغادرة بالآلاف من لبنان إلى سوريا عبر الحدود لارتكاب مجازر بحق السوريين الأحرار والمدنيين العزل فيما ترغي وتزبد، وتبرق وترعد عندما يعلن الشيخ أحمد الأسير أو أحد رفقائه مساندته للثورة السورية؛ فتنصب الحواجز، ويهان الشيوخ والأنصار ويلاحق المصليين بسببها! إنها "الفتنة" يا سليمان!

 

 

يتحدث الرئيس أمام قادة جيشه عن "الفتنة" وعن ضرورة تجنبها بينما هو وجلسائه غارقون فيها بسماحهم بهذه المجازر أن ترتكب تحت سمعهم وبصرهم؛ فسيل العدوان المتدفق عبر الحدود اللبنانية تحرسه كتائب جيش خاضع بالكلية لطهران، شأنه شأن حزب ولاية الفقيه الذي يتزعمه نصر الله سواء بسواء؛ فلا حاجة اليوم للحديث عن الفرق الطائفية في الجيش اللبناني ذاته، إذ يتخطى ذلك جريمة الجيش الذي يرفض تسليح نفسه، فضلاً عن نزع سلاح الميليشيات الفاشية التي تعيث الآن في القصير وريف دمشق فساداً، كذاك الذي عاثته مراراً داخل لبنان ذاته.

 

 

يخطب الرئيس في جمع من القادة العسكريين لمناسبة احتفال بما قيل عن تحرير لبنان، وهي الذكرى الثالثة العشرة، مضت كل سنيها دون أن يفكر هؤلاء القادة في بسط هيمنتهم على ربوع لبنان، أو دون النظر إلى الحدود وتأمينها كمهمة أساسية لأي جيش ـ غير عميل ـ نظامي في العالم.

 

 

ثلاثة عشر عاماً انقضت على الانسحاب "الإسرائيلي" من الجنوب، ولم يزل جيش لبنان يتولى مهمة تنظيم المرور! ثم لما يتكلم قادته فللتغطية على جريمة فتح الحدود مشرعة لتدفق آليات وصواريخ ومدفعية.. وهلم جرا لذبح السوريين! وحين يتكلم فللتمويه على جريمة تفجير الشمال اللبناني وحتى الجنوب من أجل عيون السفاح بشار؛ فيقتل ما بين العشرين والثلاثين في الجولة الخامسة والعشرين من جولات حروب جبل محسن (علويين) – درب التبانة (سنة)، منذ خروج الجيش السوري من لبنان العام 2005 ،ويصاب ما يقارب المائتين، في طرابلس نتاج عدوان مجرمي جبل محسن الذين يتبعون للحزب العربي الديمقراطي بقيادة رفعت عيد، رجل بشار الأول في طرابلس..

 

 

إن جيش لبنان مشارك في جرائم طائفية بصمته وتواطئه ضد سنة سوريا ولبنان معاً، وهو الآن يرمي عبر الرئيس عبارات تستبق خطاب نصر الله، تأميناً لموقفه، وتبرر بصفة استباقية لخذلانه أهل الشمال والجنوب وحتى بيروت إن فتكت بهم عصابات العلوية والإمامية في أي صراع يندلع، وهو صراع يبدو الآن ضعيفاً لأنه يهدف إلى تقويض فكرة "التناصر" بين المسلمين على جانبي الحدود، حيث يتماهى عمل الرئاسة والجيش اللبنانيين مع رغبة عصابة طهران في تحريك جبهتي طرابلس وصيدا تكتيكياً وبصورة محدودة تحول دون تواصل السنة على جانبي الحدود من جهة، ومن أخرى لا تتطور إلى الأسوأ، وهو اندلاع صراع كبير في مدن السنة يعرقل تدفق عناصر "حزب الله" إلى سوريا..

 

هذا ما تريده عصابة طهران، والجيش اللبناني ينفذ.. ثم الرئيس يتحدث عن "الفتنة"! "ألا في الفتنة سقطوا"