الملايين"الحرام" والمتاجرة بمآسي البسطاء
15 رجب 1434
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

فجرت أزمة الجنود المختطفين في مصر قضية في غاية الخطورة لا تخص بلدا عربيا واحدا ولكن تعم الكثير من الدول التي أصبح الإعلام فيها يقتات على مواجع ومآسي البسطاء ويضرب عليها بشدة ليس طلبا في نصرتهم ولكن تنفيذا لأهداف دنيئة تتعلق بعقائد "أيديولوجية" ضيقة ومصالح مادية لا تهم الفقراء من قريب أو بعيد بل تتاجر بهمومهم وأحزانهم في سبيل كسب المزيد من الإعلانات وانتفاخ جيوب أصحاب القنوات والصحف بالمال الحرام..

 

من الطبيعي عندما يتم خطف جندي بسيط من قرية فقيرة أن ينقم أهله على كل شيء وأن ينفثوا عن غضبهم بأي كلمات تعبر عن ذلك ولكن من غير المعقول أن تستغل القنوات والصحف الحاقدة على نظام ما لأسباب وجيهة أو غير وجيهة هذه الأزمة وتذهب لهؤلاء وتبدأ في الضغط على جروحهم وألمهم لكي يهاجموا النظام بأبشع الألفاظ؛ فهل يمكن أن نسمي هذا إعلاما موضوعيا؟هل هذا إعلام يمكن أن يختبئ وراء حرية الرأي والفكر أم هو إعلام مريض يحتاج إلى طبيب نفسي؟! إن قضايا الاختطاف والقتل تحدث في كل بلدان العالم المتقدم وغير المتقدم وتحاول السلطات في هذه الدول التفاهم مع الخاطفين خوفا على الرهائن وقد تنجح في ذلك وقد تفشل وقد تنتهي العملية بضحايا من بين الرهائن بالعشرات ولم نشاهد هذا العبث بعقول الناس وتعليق المشانق للنظام من أول لحظة وكأنها أول حادثة اختطاف في العالم, بل وجدنا نوعا رخيصا من المزايدات ومن تنفيث الأحقاد من كل موتور من الإسلاميين من اليسار واليمين في حملة بشعة لم تراع مشاعر الأهالي الذين ينتظرون كلمة تطمئنهم وتطفئ لهيب قلوبهم...

 

لقد خرج عدد من الإعلاميين والصحفيين ليثأروا من هزيمتهم وهزيمة تيارهم الفاشل في جميع الانتخابات السابقة في البلاد ولسان حالهم يقول: "هيا أيها الشعب هؤلاء من منحتموهم أصواتكم ماذا فعلوا لأبنائكم؟" "هيا قوموا وتخلصوا منهم"!" لماذا تنتظرون لقد سئمنا من هؤلاء الإسلاميين الذين هزمونا بأيديكم"..

 

إن هؤلاء الذين يقبضون بالملايين شهريا من أموال رجال الأعمال المشبوهة والذين كسبوها في عهد النظام الفاسد يتباكون وينتحبون على الفقراء فياللعجب! لقد دافعوا سنين طوال عن نظام فاسد ظالم قاتل لعشرات السنين ومع ذلك هم لا يطيقون صبرا على نظام منتخب بإرادة الشعب لأول مرة لمدة عام واحد فقط.......

 

لقد ضغط هؤلاء بقسوة ومن أول لحظة من أجل الإسراع في عملية تحرير الجنود رغبة منهم في توريط النظام في عملية غير مدروسة يروح ضحيتها العشرات فتنصب المآتم في هذه القنوات والصحف لشهور طويلة ويستضاف أصحاب الألسنة الحداد الأشحة على الخير لكي يكيلوا الاتهامات "للوحوش الإسلامية التي خرجت على حين غفلة لتصل إلى الحكم" لقد بانت من أول لحظة خطة الأشاوس في الإعلام المرتزق وعندما تم تفويت الفرصة عليهم وتمهل النظام حتى استطاع أن يطلق الجنود بغير قطرة دم واحدة بلع إعلام الكذب لسانه ووجه المدح كله للجيش! وركز على عدم القبض على المختطفين, والسؤال الآن هل لوقتل الجنود المختطفين في عملية عسكرية "قادها الجيش" ضد الخاطفين كانت سهام النقد ستوجه للجيش أيضا أم ستوجه للقيادة السياسية "الغشيمة" التي ورطته؟! لقد فضحت هذه القضية المتاجرين بأحلام ومآسي الفقراء وكشفت زيفهم وأظهرت للبسطاء من الذي يقف بجانبهم بصدق في محنهم ومن الذي لا ينزل إليهم إلا إذا أراد نهب بعض الملايين لزيادة حساباتهم البنكية...

 

التغطية الإعلامية التي شاهدناها من إعلام الكذب والتضليل عقب الإفراج عن الجنود خلال أقل من أسبوع على اختطافهم, كانت خليطا عجيبا بين غضب مكبوت بعد فشل مخططاته وبين محاولة قلب الحقائق وترويج شائعات عن صفقات وأسماء معتقلين تم تحريرهم, رغم اكتشاف وفاة بعضهم منذ سنوات...

 

لقد نجح نظام مصر الإسلامي في إنهاء قضية الرهائن خلال أقل أسبوع بينما فشلت بعض الدول الكبرى في إنهاء خطف بعض مواطنيها لعدة أشهر في بعض الأحيان وانتهت بعض القضايا بقتلهم.. فهل غابت هذه الحقيقة عن أصحاب الأجندات الرخيصة؟!