16 ربيع الثاني 1435

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 21 عاماً، أحافظ على صلواتي وأحب فعل الخير، تعرفت على شاب منذ سنة كنت في بداية مسيرتي الجامعية، بدأت أتعلق به، وبدأنا الخروج سوياً، كنت أعلم أن هذا شيء محرم، لكن نيتي كانت الزواج منه بعد أن وعدني أنه سيتقدم لخطبتي، فأنا لست إنسانة طائشة بالخروج ولكني متفوقة في دراستي، وفي يوم من الأيام أثناء خروجي معه، توقفنا في حارة، وبعد قليل أحاطت بنا الهيئة، وبعد هذه اللحظة تفرقنا بعد أن عرف أهلي كل شيء، وبعد سنة جاءتني رسالة من أحد برامج التواصل وكنت أضع صورتي وأنا أرتدي فستان زفاف أبيض، فجاءتني رسالة بأن أحد الشباب يريد أن يتقدم لي، ناقشت هذا الموضوع مع أبي وأمي اللذين تعرضا لأزمة نفسية شديدة بسبب ما حدث لي سابقاً.. فهذا الشخص لم يكن من عائلة معروفة، هل أقوم بالرد عليه برسالة؟ وكيف أقوم بإقناع أهلي بهذا الموضوع؟

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

هذه قضية الكثير من الأسر في هذا الزمان، يجد الأبوان ابنتهما تمتاز بالتفوق والعقل الواعي فيعطون لها الحرية الكاملة، لكن هناك حدودا لهذه الحرية، فالحرية الحقيقية هي الحرية البناءة التي تبني صاحبها في كل الأحوال روحيا وذهنيا، حرية تحفظ صاحبها من الوقوع في المنكرات، لكن تفوق هذه الابنة جعل الأبوين واثقيْن بأنها لن تندرج في تيار الفتن، فكانت الطامة عندما وجدوا منها ما حدث.
فالقضية مشتركة ليست الابنة وحدها هي المذنبة فقد نسي الأبوان أن في عصرنا أمواج من الفتن تتوالي بعضها تلو الآخر، فكثير من الآباء يهملون أبناءهم ويتركونهم دون متابعة بحجة الثقة في رجاحة عقولهم.
نست تلك الأم أن تصاحب ابنتها في ذلك السن وتركتها تواجه مشاكل المراهقة وحدها، عند الاصطدام بالعوائق والوقوع في الانحراف أو التمرد تجد الأبوين يلقيان على الأبناء العاقبة بأكملها، وما علموا أنهم هم السبب الأول في ذلك التمرد والانحراف والوقوع في الخطأ.
فكثير من الآباء يرى أن حسن التربية يقتصر على توفير الطعام الطيب والشراب الهنيء والملابس الفاخرة، والدراسة والتعليم العالي، والمظهر اللائق أمام الناس، ولا يدخل عندهم تنشئة الأولاد على التدين الصادق والخلق الكريم، فقد أحسنوا المظهر ونسوا الجوهر.
افتقدت الفتاة وسيلة النصح من تجاه والديها بسبب ثقتهما العمياء فيها لتفوقها الدراسي، ما جعلها تفقد التمييز بين الصواب والخطأ.
الابنة السائلة.. إذا كان هذا خطأ من جانب الأبوين، فأما خطؤك...
1- فقد استعملت الحرية التي تركها لك أبواك خطأ، وتجاوزت الحدود التي أوصلتك للخروج مع ذلك الشاب، وهذا لا يخرج من فتاة متفوقة دراسيا صاحبة عقل واعٍ.
2- استعملت ثقة والديك خطأ فلم تكوني أمينة على تلك الثقة بل اتبعت خطوات الشيطان فكانت صدمة والديك وآثارها السلبية ضدك.
3- وضعت نفسك في موضع الشبهات بوقوفك مع ذلك الفتى في تلك الحارة المشبوهة، فأصابك ما أصاب.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه ولعرضه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام".
لذلك عليك أيتها الابنة..
1- التوبة من المعاصي والذنوب والسيئات، فالتوبة باب أساس في تفريج الكروب وغفران الذنوب.
2- الاستعانة بالله تعالى واللجوء إليه وذلك بالتضرع إليه والدعاء الشديد في أوقات الإجابة خاصة في الثلث الأخير من الليل، ففيه ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا يعطي من يسأله ويغفر لمن يستغفره.
3- عليك بإصلاح نفسك وتهذيبها بالمحافظة على الصلاة في مواعيدها والإقبال على القرآن الكريم قراءة وعملا.. قال تعالى " فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى " طه فالنفس تهذب بالأعمال الصالحة وبها يقترب العبد من الله تعالى وينال محبته ورضاه.
4- البحث عن الصحبة الصالحة والذهاب لدروس العلم المفيدة التي منها تستطيعين التفريق بين الحق والباطل والحلال والحرام.
عليك أن تعلمي أيتها الفتاة أن الناس لا يتركوا دون ابتلاء واختبار، وما حدث لك من ابتلاء درس وعظة كي تتعلمي من أخطائك.
كما عليك أن تعلمي أن والديك هم أكثر الناس لك حبا، ولكن كل شيء يأخذ وقته، فالجرح يأخذ وقته حتى يجف ويشفي، لذلك عليك معاملة والديك معاملة حسنة، وتقديم الاعتذار لهم من وقت لآخر لاستمالة رضاهم والعفو والصفح عنك.
ولا ينبغي أن تراسلي هذا الشاب فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، فلا تفعلي أي شيء إلا باستشارة والديك فحاولي التقرب إليهما وإقناعهم بهدوء، وعرض وجهة نظرك لهما واسلكي معهما سبيل الحوار في أي مشكلة فلعل نتيجة ذلك الحوار الوصول للصواب.
فابدئي من جديد واعلمي أن خروجك مما أنت فيه هو بيد الله تعالى عندما يعلم صدق توبتك وإصلاحك الحقيقي لنفسك، وعودتك إليه عودة صادقة، فهو سبحانه الرحيم الكريم الذي يبدلك الفرج بعض الضيق ويعينك على سلك الطريق الصحيح.