المعارضة السورية وتحديات المرحلة
22 جمادى الأول 1434
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

دخل الصراع بين المعارضة السورية ونظام بشار الأسد والمستمر منذ أكثر من عامين مرحلة حرجة ودقيقة حيث يسعى نظام الأسد أن يثبت للعالم أنه لا حل للصراع دون موافقته أو بمعنى آخر أن الحل العسكري غير وارد ويستدل على ذلك بطول مدة الصراع..

 

وليس من المفاجئ أن أطرافا دولية تؤيد ذلك أيضا رغم أنها تعلن ليل نهار ضرورة تنحي الأسد ولكنها إلى الآن ترى أن المعارضة في حالتها الراهنة والقوى المسيطرة عليها يصعب احتواؤها عند وصولها إلى الحكم, وترى أن المعادلة الجديدة قد تتضمن وجود بعض من رجال الأسد في الحكم لفترة على الأقل حتى تتبين توجهات المعارضة...

 

الصراع على الأرض مع بشار الأسد له طبيعة خاصة فرضت وجود كتائب مختلفة للمجاهدين تدار بشكل لا مركزي والتنسيق يتم بين الكتائب القريبة من بعضها, كما أن هذه الكتائب لها توجهات مختلفة وإن كانت في مجملها قريبة من التوجه الإسلامي ومع اقتراب الصراع من نهايته واحتدام المعركة قد تحدث بعض الخلافات أو التصريحات التي يشتم منها رائحة الفرقة وهو أخطر ما يمكن أن يحدث في مثل هذا الوقت وهو أكبر هدية لنظام الأسد الذي بدأ يتراجع عن تصريحاته العنترية بشأن "القضاء على الإرهابيين" إلى الشعور الواقعي بضرورة وجود حل سياسي وهو ما ظهر في تصريحات الدول القريبة منه مثل إيران وروسيا...

 

وليس غريبا أن نسمع تصريحات من هذه الدول لا تستبعد التخلي عن خيار بقاء الأسد ولكنها لا زالت متمسكة وبقوة بوجود بعض رجاله وهو ما يتفق مع رؤية بعض القوى الغربية التي تخشى من التوجه الإسلامي للمعارضة السورية وتسعى لكسر حدته ما يفسر عدم موافقتها حتى الآن على تسليح المعارضة بالأسلحة النوعية التي تحتاجها وتراجع بعض الدول عن ذلك مثل فرنسا, وتأكيد زعيم الائتلاف المعارض بأن ذلك يعد نوعا من دعم نظم بشار الأسد بشكل غير مباشر..الحقيقة أن الغرب لا يريد ذهاب نظام الأسد تماما ولا يريد المعارضة تماما هو يريد نظاما أطيع من الأسد ولكن ليس إلى درجة أن يكون إسلاميا يفكر جديا في تحرير الجولان والصدام مع الكيان الصهيوني..

 

مما سبق يتبين أن المرحلة القادمة تحمل في طياتها العديد من السيناريوهات التي ينبغي على المعارضة السورية أن تنتبه لها وهي سيناريوهات لا تخلو من التآمر عليها خصوصا إذا تركت الخلافات تتسع بين مكوناتها ومنحت الفرصة للمخططات الخارجية أن تفرض نفسها على الواقع.. بل قد يتعدى الأمر لإجبارها بشكل أو آخر على توقيع اتفاق مع بعض رجال نظام الأسد لترتيب مرحلة ما بعد الأسد...

 

استقالة معاذ الخطيب من زعامة الائتلاف وما حدث من تضارب في التصريحات بعد اختيار رئيس لحكومة المعارضة يؤكد أن صيغة التفاهم قد تكون  غائبة بين مكونات المعارضة السياسية وبعضها من جهة وبينها وبين المعارضة المسلحة من جهة أخرى وهو ما قد يزداد مع اقتراب الحسم مما يزيد المخاوف من اشتعال الموقف في حال سقوط الأسد بشكل مفاجئ مثلا مع عدم ترتيب الأوضاع بشكل دقيق بين كافة أطراف المعارضة...

 

ما نراه من مآسي في التجربتين المصرية والتونسية نتيجة خلافات من شاركوا في الثورة معا رغم سلمية الثورتين يجعل لهذه المخاوف رصيدا كبيرا لا يمكن تجاهله و يفرض على المعارضة السورية النظر إلى أبعد من سقوط الأسد.