4 رجب 1434

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أنا امرأة متزوجة من رجل من أصل سعودي من الأحساء، وأنا سعودية من أصل فلسطيني وهو يكبرني بـ 25 سنة، وهو متزوج بأربع نساء قبلي، طلق اثنتين وبقيت واحدة، وأخرى معلقة لا يريد أن يدفع لها المؤخر، ولديه 8 بنات وولد، ومشكلتي معه أنني أخشى أن أخسر أولادي بسببه، فهو يحرضهم علي، ويقول لهم أمكم مجنونة، لا تجعلوها تذاكر لكم دروسكم، ولا تسمعوا كلامها، ومشكلتي الثانية معه أنه بخيل، ومدمن خمر، وفساد، ومشاهدة المواقع الإباحية، وله كثير من العلاقات المحرمة مع كثير من النساء على كل شكل ولون، والأدهى من ذلك أنه يحضرهم لبيتي ويفعل الفاحشة أمامي، ومع ذلك يريدني خادمة خرساء عمياء، وأنا صرت أخشى على مصير أبنائي الصغار، خاصة وأنهم تعودوا على أن يصبوا الخمر لوالدهم، ويرونه يتجول في البيت بمنظر مخل تماما للآداب، وهو حاليا مريض وقبل مرضه امتنع عن الإنفاق علي وعلى أبنائي، وألزمني بالسكن مع زوجته وابنه في بيت مشترك، وأعطى لابنه الكبير توكيل عام وهو سيء المعاملة معي، ويشوه سمعتي وسمعة أهلي، فصرت لا أجد راحتي حتى لقمتي يطمعون فيها، وأولادي صاروا يقضون معظم وقتهم عند ضرتي أو عند أخوهم الأكبر، وللأسف كل من في البيت لا يصلون ولا يصومون، ولا سبق لهم أن أدوا فريضة الحج، ولا اعتمروا ولو لمرة، كل هذا جعلني أفقد السيطرة على أولادي، ولا استطيع أن أربيهم تربية صحيحة، كما أن هذه المشاكل جعلتني أكره زوجي ولا أهتم لأمره،، فهل تنصحوني بالطلاق، أو أن آخذ أولادي الثلاثة وأهرب من هذا المكان الموبوء، وألجأ إلى دار الحماية الأسرية، أرجو الحل فما عدت أتحمل وجودي مع زوج فاسد.

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: أختي السائلة الكريمة، بداية أشكرك على رسالتك، وعلى ثقتك بموقع المسلم وطرحك لاستشارتك، وهي تعرض مشكلة هي من معضلات العصر، حيث تعاني مجتمعاتنا من انتشار الفتن، وشيوع العلاقات المحرمة حتى ممن أكرمهم الله بالزواج الذي من مقاصده تحصين الإنسان من الوقوع في الحرام، ومن خلال قراءتي لرسالتك شعرت بما يخالجك من معاناة، وإحساسك بالألم، والظلم، والقهر..
ومشكلتك ألخصها فيما يلي:
ـ فساد زوجك وانحرافه السلوكي والأخلاقي، وخيانته المتكررة سرا وجهرا..
ـ بخله وامتناعه عن النفقة عليك وعلى أبنائك بشكل مستمر
ـ معاملته السيئة وسوء عشرته لك، وعدم احترامه لمشاعرك ومشاعر أبنائك، وهضم حقوقك الزوجية..
ـ الخوف على أبنائك من وجودهم في بيئة فاسدة، وتقليد والدهم في فساده وانحرافه وظلاله..
وهذه بعض الحلول التي تساعدك في التصرُّف مع زوجك:
لنتفق بداية على أن الزواج إنما شرع لغايات صالحة كلها، وانه إذا حاد عن تلك الغايات فسد طريقه، وإذا كان الزواج فيه إضرار بدين الزوجة أو نفسها شرع للمرأة أن تطلب التطليق، لكن دعينا نحلل الموقف لنصل إلى نتيجة.
بداية أقول لأختي الكريمة: وأنا أقرأ رسالتك من بدايتها حتى نهايتها اكتشفت حقيقة ربما أنت نفسك لم تلقي لها بالا، وهي التي دعتني لأطرح عليك أسئلتي هذه:
كيف تزوجت هذا الرجل بكل هذه الصفات السيئة، وبكل هذه الأخلاق الدنية، والسلوك المشين؟
كيف عشت هذه السنوات مع زوج لا يراعي حرمات الله، وأنجبت منه أبناءك الثلاث وتحملت عنه فساده وفساد أسرته؟
كيف تصفين زوجك بأقبح الصفات وأسوأ الأخلاق وتكشفين عوراته في رسالتك دون أن تذكري دوافعه ولا دوافعك للاستمرار معه؟
فالحاصل من طرحي لهذه الأسئلة ليس المعاتبة ولا المحاسبة، ولكنني أحاول أن أكون مرآتك الصادقة، وأساعدك في التفكير بمشكلتك بصورة إيجابية وعادلة، ولهذا أوجهك أولا لمحاسبة نفسك كمحاسبتك لزوجك، وكشف عيوبك أمام نفسك ككشف عيوبه، وسعيك نحو التغيير والمبادرة بالإصلاح ابتداء من نفسك، مصداقا لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}، وحرصك على الأخذ بالأسباب النافعة المعينة لك على حلِّ مشكلتك، والتزامك طاعة الله ورسوله، فقد يكون ما تتعرضين إليه من شرور، ومحن، ومعاناة بأسباب الذنوب والمعاصي، والإعراض عن ذكر الله، فعليك بالطاعة والاستقامة، لعل الله يغير حالتك السيئة إلى حالة حسنة، وما تعانين منه من مشقة، وتشاحن، وتنافر، إلى أمن، وعافية، ورخاء، ومحبة، وتقارب فضلاً منه وإحساناً.
ثانيا: الْجَئي أختي الكريمة إلى الله تعالى، وتوكَّلي عليه، واسْتَعيني به، واشْتَكِي إليه مصيبتكِ في زوجك، واسْأَلِيه أن يهدي زوجك وينير بصيرته للحق، ويُصلحَ أمره، وأن يغفر له ويتجاوز عنه، وأن يَهَبكِ القوة والعزيمة لمواجهة هذه التحديات، وأن يوفِّقَكِ لحفظ أبناءك وحمايتهم من الرَّذيلة، وحفظِ بيتك وتطهيره من المنكرات والفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا تَمَلِّي من طَرْق الباب، فالدعاء مُخُّ العبادة وسلاح المؤمن، ومهما تكالَبَتْ عليكِ الهموم واشتدت عليك الخطوب، أحسني الظنَّ بالله، وتأكَّدي بأن اللجوء إليه كفيل بأن يَصرف عنك كل ذلك، ولا تنسي بأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، اقتداءً بنبي الله يعقوب - عليه السلام -: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}.
ثالثا: قبل أن تفكِّري بالطلاق للأسباب التي ذكرتها أرى أن من الحكمة أن لا تُلقي اللَّومَ بكامِلِه على زوجك، بل حمِّلي نفسكِ كذلك جزءًا من التَّقصير في مشكلتك الأساس في علاقتك بزوجك والمتعلِّقَة بخيانَتِه وفسادِه، والنَّاتِجَة في أغلبِ حالاتِها عن رغبتِه الجنسيَّة المفرطة التي تشغل الحيِّز الأكبر مِن تفْكيره، من آثارِ مشاهَداتِه لأفلام ولمواقِع إباحِيَّة، ولتَردُّدِه على أماكن تشيعُ فيها المحرمات ومُثِيرات الغرائز والشَّهوات، وهذا يحتمل وجود خطأ كبير في علاقَتِك الحَمِيمِيَّة بزوجك، مما يستدعي أن تسْتَدركِي مواطن الخطأ والخلل في علاقتِك به، وتراجِعِي طريقة تعامُلِك معه، وتهتَمِّي بهذا الأمر كأحد أولَوِيَّاتِك، ولعلَّ نجاحَكِ في إشباعِ هذا الجانب يحقِّق لك السَّعادة والتَّغيير في علاقَتِك بزوجك.
رابعا: لا تَهْجُري زوجكِ ولا بيتك ولو كان بمشاركة زوجة أخرى وأولادها، خاصة خلال هذه المرحلة التي هو فيها مريض، ولا تتخَلَّيْ عنه في محنَتِه، وكوني أنت الأكرم والأفضل في سلوكك ومعاملتك له، وكوني إلى جانِبِه حتى يستَرِدَّ عافيته، وتحمَّلِي تصرُّفاتِه وتصرُّفاتِ أهله، وإساءتهم وإساءة ولده الأكبر، وتشويه سمعتك، وحجره على حقوقِك المادية والمعنويّة.
خامسا: لا تَجْعَلِي زوجكِ هدَفك الأعظم، وغايَتَكِ ورسالَتكِ في الحياة، بل لديكِ الكثير لتُنْجِزِيه وتَخْدُمِي به دينَكِ، ونفسَكِ، وأهلَكِ، وأبناءَكِ، ومجتمعك.. ولا تجعلي من جرح الخيانة وفساد أخلاق زوجك هاجِسَكِ وهَمَّكِ الوحيد، بل يجب عليك أن تعتني بنفسِك، وبصِحَّتِك، وجمالكِ، وبيتك، وأولادكِ، وتهتمِّي بتنمية هواياتكِ، وتطوير ذاتِك، والتَّجديد في بيتكِ، وحياتكِ، ونفسك، فالأشياء بالحياة تفقد جمالها وبريقها، كما تفقد لذَّتَها ومُتْعَتها مع توالي الأيام، والنفس لا تلبث أن تكرهها وتَمَلَّ منها بكثرةِ مُلازَمَتِها، فتبدأ تطلب سواها، وتبحث عما هو جديد، وتشتهي ما هو مختلف، وكذلك شأن الحياة الزوجية يصيبها الملل والكآبة فتحتاج إلى تجديد، وبثِّ الحيوية والنشاط في عروقها التي جفت.
سادسا: اجْتهِدِي في مكافحة بخل زوجك، وامتناعه عن النفقة عليك وعلى أبنائك، واكْسَبي رزقك بنفسك بالحلال، وتعلَّمي كيف تنتجين وتبدعين في ابتكار ما يدِرُّ عليك أرباحا، بتجهيز مبيعات منزلية، ومنتجات يدوية متعلِّقَة مثلا بالدِّيكور المنزلي، أو المفروشات، أو السَّتائر، وما يتعلق بالنَّسيج، والغزل، والتَّطريز، وخِياطة الملابس، وتجهيز الأطعمة والحلويات.. ويمكنك أن تُكَوني مع جاراتِك وصديقاتك ونساء الحي مجموعة طيبة، وفرقة عامِلَة من النساء النَّشيطات كخلية النحل تساهم معك في هذا العمل، وشاركي في تكوين ورشات عمل منزلية، ووَسِّعي نشاط عملك، وساهِمِي في توزيع إنتاجِك في المعارض والأسواق الكبيرة، حتى يصير لديك آفاق أوسع لنجاح مشروعِك وانتشارِه، وبهذا تتحَكَّمِي في نفقاتك ونفقات بيتك وأبنائك، ويصير لديك استقلال مالي، يحميك من الاعتماد الكلي على نفقة زوجك ولو أن هذا من حقوقك.
سابعا: أمَّا بخصوص ما ذكرتِ من تقصير زوجك في طاعة الله، وامتناعه عن أداء ما عليه من فرائض وأركان، فأرى أن الواجب عليك أولا أن تكوني أنت قدوة صالحة لزوجك ولأسرته ولأبنائك، وأن تسعي جاهدة لتكسبي فيهم ثواب، وتعينِينَهُم على طاعة الله، وعلى التوبة النَّصوح، والهداية، والاستقامة على الحق، وابْدَئِي أولا بتشجيع زوجك على المحافظة على الصلاة، مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾. وذَكِّريه بأحاديث رسول الله في تحذير تارك الصلاة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر تَرْك الصلاة)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَن ترَكها فقد كفر)، واغْتَنِمي الأوقات المناسبة التي يكون فيها هادِئَ النفس مستعِدًّا لسماعِك، واجْلِسي إليه، وعِظِيه بالحكمة، والموعظة الحسنة، وذَكِّريه بما عليه من حقوق اتجاهَ رَبِّه، واتِّجاه أولادِه، واتِّجاه زوجاتِه، واسْتَخْدِمي الطُّرُق المُحَبَّبة للنَّفس، المُرَغِّبَة لها على الإقبال على الطاعات وترك المنكرات.
ثامنا: أَظْهِري له مدى حُبِّك له وخوفَكِ عليه من عقاب الله وغضبه، ومن أن يلحقه من شَرِّ ما تقترفه يداه، لأنه كما يدِينُ العبد يُدان، وكما يعبث في أعراض الناس قد يسلِّط الله عليه من يعبث في عرضه، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ظهر في قوم الزنا أو الربا إلا أحلوا بأنفسهم عذاب الله)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قد أتاه آتيان في منامه – وهو وحي من عند الله – فقال: (فأتينا على مثل التنور – أي الموقد – فإذا فيه لغط وأصوات، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا – أي صاحوا – فقال صلى الله عليه وسلم: ما هؤلاء؟ فقالوا: إنهم الزناة والزواني)، وقوله صلوات الله وسلامه عليه: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)..
تاسعا: ابْعَثِي بداخله مشاعر الأُبُوَّة، حتى يخشى على أبنائه من سوءِ العاقبة، أو أن يكون مصيرهم كمصيره، ويدفعوا ثمن أوزاره ومعاصيه، أو أن يفقدوا احترامهم له، ويكبروا ويشِبُّوا ويترعرعوا على معصية الله، وعلى تقليده فيما يرتكبه من محرمات، ويتعوَّدوا على السُّكر والفساد تشبُّها به، من كثرة مشاهدتهم لتصرفاته الغير السَّوِيَّة..
عاشرا: اغتنمي أوقات وجود زوجك في البيت، وعَوِّديه على قراءتك لورد يومي من القرآن بصوتكِ الندي والشجي، وعوِّدي كذلك أبناءك على سماعك وأنت تقرئين وترتلين القرآن، وعلميهم مخارج الحروف وتجويد القرآن وطرق القراءة الصحيحة، وكيف يرددوا وراءك ويحفظوا ما تيسر من القرآن، وتخيَّري في قراءتك من السور والآيات التي ترقق قلبه، وتذكره بعذاب الله وعقابه الشديد، وعقاب شارب الخمر ومرتكب كبيرة الزنا كقول الله تعالى: {وََالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاما، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً، إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}، فعسى أن يرزق زوجكِ وأسرته الهداية والاستقامة على يديك.
الحادي عشر: احرصي على أن تربطي علاقات طيبة وكسب صحبة صالحة، ومخالطة أهل الخير من الأسر الفاضلة، التي تساعدك على هداية زوجك وصلاح حاله، وحثه على الصلاة في المسجد، والصيام، ومرافقته لأداء مناسك الحج والعمرة.. فإن الفساد مصدره في الغالب من صحبة السوء التي تدُلُّه على الحرام، وبذلك تحمينه من الإقبال على الحرام، وتُجَنِّبينه الوقوع في علاقات مشبوهة أو محرمة، ولعل الله أن يهديه وأن يرده للحق ردًّا جميلاً.
الثاني عشر: اعتني بأطفالك وتربيتهم التربية الحسنة، ورعايتهم وكسب محبتهم واحترامهم، وكوني أنت لهم بمقام الأب والأم والأسرة المربية، فأنت الآن في موقف أعظم من التركيز على علاقتك بزوجك، أنت في موقف بناء جيل المستقبل، هذه هي رسالتك التي عليك أن تركزي عليها مستقبلا، وتحرصي على أدائها بأمانة وإخلاص، ولا تهتمي لما يقوله زوجك لأبنائك، بل وَجِّهي كل اهتمامك لحمايتهم من هذا الجو الموبوء بالفساد، وحمايتهم من التأثُّر بما تراه أعينهم من فساد أبيهم، وعلِّمِيهِم أمور دينهم ودنياهم، واجتهدي في تعليمهم فالعلم ينير القلب والعقل، وهو سلاحهم ضد الجهل، وتذكري بأن حياة أبنائكِ ومستقبلهم مسؤوليتك، خاصة وأنهم فقدوا الراعي الأب، وعُدِموا المُرشد القدوة، فكوني أنت قدوتهم، وكوني أنت الراعية المسؤولة عن هذه الرعية الناشئة.
ويبقى الحلُّ الأخير بالنسبة لك هو طلب الطلاق، في حالة إن عدمت كل الحلول، وإذا لم يحصل أي تحسن أو استجابة على الرغم من أخذك بكل أسباب التغيير والإصلاح، ويئست من استقامة زوجك وصلاحه، وإقلاعه عن علاقاته المحرَّمة، وإفاقته من غفلته، ومن حقك كذلك اللجوء إلى أحد مراكز الإنصات أو الإرشاد الأسري، وبإمكانك أن ترفعي قضيتك للقاضي الشرعي، وتوضحي له حالة زوجك وواقعك وواقع أولادك، ولا أحد يملك أن يجبركِ على اختيار ما تكرهينه، أو أن تتحملي ما تتعرَّضين له من أذًى، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أيُّما امرأةٍ سأَلت زوجها الطلاق في غير ما بأسٍ، فحرامٌ عليها ريحُ الجنة)، ومعنى هذا أنه يحل للمرأة طلب الطلاق في حالة التعرض للبأس أي الشِّدَّة، وسوء العشرة، أو قُبْح خُلق الزوج، أو ضَعْف دينه..
فإذا كنت تخشين على نفسك أو دينك أو أولادك مما ذكرته عن حال زوجك وأسرته من المنكرات، فلك الحق في طلب الطلاق وأن وتستخيري الله في ذلك، ومن حقك أن تعيشي حياة طبية عزيزة.
أدعو الله العلي القدير أن يبدلك وأولادك خيرا، ويتولى أمرك برحمته التي وسعت كل شيء، وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك، وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه.