زوبعة تشويه المقاومة
8 جمادى الأول 1434
حمزة إسماعيل أبو شنب

تشن بعض وسائل الإعلام المصري معركة شائعات ضد حركة حماس في قطاع غزة عبر نشر العديد من الأخبار الملفقة والأكاذيب، والتي كان آخرها أن تتهم الحركة بقتل الجنود المصريين في أغسطس العام الماضي، وتسمية قيادات من الجناح العسكري لحركة حماس كان لها دوراً بارزاً في توجيه ضربات موجعة للاحتلال مرغوا بها أنفه بالتراب، وقد فشل الاحتلال في اغتيالهم أكثر من مرة .

 

إذن نحن أمام مشهد الهجوم على المقاومة الفلسطينية لأن حركة حماس تمثل قيادة المقاومة في فلسطين، فالنيل من سمعتها وتشويهها إنما يندرج تحت محاولة تشويه مشروع المقاومة من خلال الزج بها في أتون المعركة السياسية الدائرة في مصر، وإبراز قياداتها على أنهم عبارة عن مجموعة من المجرمين القتلة الذين لا يراعون حرمة رمضان ويريدون أن يعلنوا الحرب على معارضي الرئيس مرسي .

 

محاولة زج المقاومة الفلسطينية في الصراع السياسي على الساحة المصرية يأتي من أجل نزع الشرعية الشعبية منها بين صفوف المصريين، فبالرغم من الاختلاف الفكري والأيديولوجي لحركة حماس والعديد من القوى السياسية المصرية سواء القومية أو الليبرالية أو اليسارية والتي تقف معارضة للرئيس مرسي, الذي تجمعه وحركة حماس أيديولوجيا مشتركة، إلا أن الجميع يتفق على قضية فلسطين ويدعم مشروع المقاومة الفلسطينية بكل سبلها لذلك يحاول أعداء المقاومة تشويهها .

 

لو بحثنا عن المستفيد من حملة تشويه المقاومة لن نجد أحداً غير الاحتلال وأعداء المقاومة الذين وقفوا ضدها في أحلك ظروفها، وبعد أن فشل الاحتلال في إسقاطها بالقوة، وبعد نجاها في الحرب الأخيرة على القطاع أصبح أعداؤها يبحثون عن وسائل جديدة لإسقاطها. 

 

من يطلق الشائعات والاتهامات عبر مواقعه وصحفه لم يكن يوماً ليدعم مشروع المقاومة من قبل، وبعد صمودها في المعارك مع الاحتلال لجأ أعداؤها إلى تشويهها ليحققوا ما فشلت الحرب والحصار في تحقيقه، فالناظر إلى حجم الأكاذيب والسموم التي تبث يعي أن الهدف هو ضرب العمق الجماهيري الشعبي بكافة تياراته الفكرية والأيديولوجية، الداعم للمقاومة والذي لم يتخلى عنها وكان سنداً لها في كافة الأوقات، وكان العون و المد الحقيقي لها خلال الحصار والحروب التي شنت عليها، لذلك نزع الشرعية الشعبية عن المقاومة وتشويه صورتها في مصر سيجعلها تعيش في عزلة عن الجماهير التي تستند إليها، ويسقط عنها هيبتها القتالية ضد الاحتلال من خلال زجها وكأنها طرف في اللعبة السياسية المصرية ضد طرف .

 

ثمة هدف آخر من وراء هذه الحملة يأتي في سياق نزع الشرعية الشعبية عن المقاومة، فموقف الرئيس المصري محمد مرسي الذي وقف إلى جانب المقاومة في الحرب الأخيرة على غزة، والذي أقلق الاحتلال بعد أن فقد الكنز الاستراتيجي بسقوط مبارك، هذا الموقف الرسمي المتوافق بعد الثورة مع الموقف الجماهيري والشعبي شكّل ضربة قوية لمشروع التسوية ومحور الاعتدال في المنطقة العربية، هذا الموقف المصري الموحد بين الرئاسة والمعارضة، لذلك فمحاولة الزج بحماس في إطار الخلاف المصري إنما هي محاولة خلق حالة من الجفاء بين المقاومة والرئاسة المصرية، وبين المقاومة والمعارضة .

 

بالرغم من هذه الحملة التي تستهدف المقاومة وعمقها العربي، ورغم التهويل من بعض الوسائل الإعلامية المناهضة لمشروع المقاومة فلن تنجح هذه الشائعات في رفع الغطاء الجماهيري، ولن تعود العجلة إلى الوراء، فلن تفلح في ثني مصر الثورة عن دعمها للمقاومة، فمشروع المقاومة في المنطقة يسير إلى الأمام والمشروع الأمريكي يتراجع بعد ضربات المقاومة في العراق وأفغانستان، فبدلاً من الهجوم على المقاومة التحقوا بها لأن الركب يسير معها، فما لم ينجح الاحتلال وحلفائه في نيله بالعصا لن ينالوه لا بالجزرة ولا بالتشويه المفضوح.