أنت هنا

التمييز ضد السنة في لبنان.. وحصار ابن رباح
2 جمادى الأول 1434
موقع المسلم

ما الذي يجعل الجيش اللبناني يتفرغ عن مهام عمله الأصلية، ويتصدى لحصار مسجد بلال بن رباح الذي يؤمه الشيخ أحمد الأسير، ويفرض عليه طوقاً ويحشد آليات وينشر جنوداً في محيط مربع المسجد.. ويتتبع تراخيص سيارات المصلين في عمق صيدا؟!

ما الذي يجعل الجيش يرسل لواءه الثامن المعروف بدوره في الحرب الأهلية بالذات لمحاصرة المسجد منذ أكثر من أسبوع، ويقترب من محيطه أكثر دون تفسير مقبول؟!

لماذا صيدا وحدها التي يضرب فيها الحصار، مثلما وصف المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في جنوب لبنان بسام حمود (وهو مسؤول جماعة توصف بأنها معتدلة في لبنان)، مستغربا "كيف تصبح صيدا أشبه بثكنة عسكرية دون غيرها من المناطق اللبنانية"؟!

إن الجيش اللبناني الذي لم يسبق له على الإطلاق أن حاصر حسينية أو مسجد تابع للطائفة الشيعية في لبنان، ولا كنيسة تابعة لأي مذهب، ولا مقام درزي، لكنه يتجرأ للاقتراب بكل عتاده الممكن على بعد 20 متراً فقط من باحة مسجد بلال بن رباح رضي الله عنه، ويجترئ فحسب حينما بدا أن للمسلمين السنة رأيهم الواضح في إجرام ميليشيات "حزب الله" الموالية لإيران وسوريا التي يتدفق عناصرها بالآلاف عبر الحدود لقتال السوريين وقتلهم في حمص بالأساس، بل إن هذا الرأي محظور في بلاد تدعي الديمقراطية والليبرالية احتجاجاً على وجود شقق أمنية مشبوهة لـ"حزب الله" في قلب مدينة سنية، تهدف إلى تحقيق أهداف طائفية في مدينة هادئة لا تبد إلا مناهضة سلمية للإجرام الذي يجسده نظام بشار في لبنان.

لقد استفز المسلمين السنة في لبنان رعاية الجيش اللبناني لحملة التعبئة العامة التي أطلقها "حزب الله" سراً لمساندة جنود السفاح العلوي بشار الأسد في سوريا، وغضه الطرف عن هذا العمل العسكري الهائل في منطقة حمص المتاخمة للبنان، والتي يعدها نظام الأسد لتكون عاصمة لدولة علوية ساحلية إن هو انهزم تماماً في معركة دمشق، واستفزهم موقف بلادهم المطالب بتسليم مقعد سوريا في الجامعة العربية إلى نظام بشار بعد أن سحب منه، فكان الاعتصام في المسجد، وكانت النداءات التي وجّهها الأسير إلى الشعوب الإسلامية للاعتصام أمام سفارات لبنان في مختلف الدول العربية والاسلامية والاوروبية، وصرخته التي قال فيها: "نداء استغاثة لأنصارنا: حقناً لدماء العلماء والمشايخ والمصلّين من الرجال والنساء والاطفال والشيوخ في مسجد بلال بن رباح الذي يقف بوجه الاحتلال الإيراني للبنان بقيادة الشيخ أحمد الأسير، ندعوكم للاعتصام بأسرع وقت أمام السفارة اللبنانيّة في بلادكم للضغط السلمي والمطالبة بفك الحصار العسكري عنّا!!"، فسمع رجع صداه في الداخل والخارج؛ فقطع أنصاره الطرق في عدة مدن احتجاجا على هذا التمييز ضد السنة، وعلى حصار مسجدهم، وعلى توفير الغطاء الرسمي لعدوان ميليشيا "حزب الله" على الشعب السوري، أما في الخارج وفي القاهرة تحديداً؛ فإن حركة "أحرار" الإسلامية الثورية قد أكدت عزمها على حصار السفارة اللبنانية، وهددت بالتصعيد.

الحجة كانت أن الشيخ الأسير قد أطلق تهديدات باقتحام شقق مشبوهة للحزب الإيراني، لكن المطلوب هو رأس هذا التوجه الجديد للسنة، والذي برز فيه تحديداً الأسير في صيدا، والشهال في طرابلس، وبدا أن لون السنة سيكون مغايراً للوجه التغريبي الذي ظل يتصدر المشهد السني أو يقوده بالأحرى، وهو ما بدأت ترتعد له فرائص الطائفيين في لبنان، فشرعوا في التحرش بالمتدينين السنة لتحويل "ظاهرة" الأسير من حيزها الدعوي السياسي إلى ملف أمني يتم حشره فيه ومن ثم تجريده من حصانته الشعبية السياسية، لكن يبدو أن الرياح لم تأت ـ حتى الآن ـ بما لا تشتهي السفن الإيراني؛ فأفاد الرجل من وقفته هذه، وأدار عملية حشد سريعة لأنصاره أقلقت مهاجميه وحملتهم على التراجع التكتيكي، الذي يمكن أن يصنع منه بطلاً في عيون من لم يكونوا يعتبرونه كذلك من غير أنصاره..