ما يطلبه السوريون
18 ربيع الثاني 1434
تقرير إخباري ـ نسيبة داود

بينما يطالب السوريون العالم بمساعدات حقيقية تمكنهم من تحقيق نصر على الأرض في مواجهة قوات الرئيس بشار الأسد الغاشمة، وفي الوقت الذي تتوارد فيه المعلومات من جهات غربية بأن المعارضة المسلحة تمتلك عددا كافيا من القوات البشرية وعدد محدود من الأسلحة، إلا أنها تنقصها وبشدة الذخائر، تأتي الجهود الأمريكية الأخيرة في اتجاه منح المساعدات للمعارضة "المدنية" وقصر المساعدات التي تقدمها للثوار الحقيقيين على المعونات الطبية والغذائية.

 

لقد أوجز رياض سيف نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض في تصريحاته الأربعاء طلبات المعارضة السورية بالقول "نطلب من أصدقائنا تقديم كل عون يمكننا من تحقيق مكاسب على الأرض ويسهل عملية الحل السياسي من مركز القوة وليس من مركز الضعف"، مؤكدا أن الائتلاف سيطلب "دعما عسكريا نوعيا" وذلك المؤتمر الدولي المنعقد الخميس في روما لدعم المعارضة السورية.

 

وتوقع سيف أن يكون الدعم "سياسيا إغاثيا ونوعيا تسليحيا". لكن تصريحات المسؤولين الأمريكيين تشي بغير ذلك.

 

فقد نقلت وكالات الأنباء عن مسؤولين أمريكيين بارزين دون الكشف عن هويتهم أن الولايات المتحدة ستقدم إمدادات طبية ومساعدات غذائية لمقاتلي المعارضة السورية، معتبرا أن هذا تغير إيجابي في سياسية أمريكا تجاه أؤلائك الذين يقاتلون قوات الأسد، بعد أن كان الدعم مقتصر على المعارضة "المدنية" الممثلة في الائتلاف السوري والذي يعيش قادته خارج سوريا ولا يلامس معظمهم أحوال السوريين على الأرض.

 

لكن هذه المصادر أكدت أن واشنطن مازالت تعارض تقديم معدات قتالية، ولا حتى تلك المعدات البسيطة، التي أفادت تسريبات بأن الإدارة الأمريكية ناقشتها، مثل السترات الواقية من الرصاص أو ناقلات الجند المدرعة أو الإسهام في تدريبات عسكرية.

 

هذا، بينما تشير أرقام وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة قدمت حتى الآن مساعدات للمعارضة "المدنية" المتواجدة في الخارج والمتمثلة في الائتلاف السوري المعارض. وهذه المساعدات تخطت قيمتها 50 مليون دولار وشملت معدات غير قتالية مثل أجهزة الاتصالات وتدريب على الإدارة.

 

ويأتي هذا الموقف الأمريكي في الوقت الذي أكد فيه السيناتور الجمهوري البارز ماركو روبيو على أن المعارضة السورية المسلحة لا تفتقر إلى القوات ولا إلى الأسلحة ولكنها تفتقر بشدة إلى الذخائر.

 

وقال روبيو إن المقاتلين السوريين يشعرون بأن الغرب خذلهم وخاصة الولايات المتحدة، مشددا على ضرورة أن تضمن واشنطن بأن تكون القوى التي ستبرز بعد سقوط نظام الأسد ليست معادية لها، في إشارة إلى أهمية دعم المسلحين غير القادمين من خلفية إسلامية بحتة مثل جبهة النصرة.

 

السيناتور الذي ينظر إليه البعض على أنه المرشح الجمهوري المحتمل للانتخابات الرئاسية عام 2016، قال في تصريحاته: "علينا فعل كل ما بوسعنا لضمان أن يكون لدينا قدرة التأثير على الجماعات الموجودة في سوريا بمرحلة ما بعد الأسد، وأن تكون تلك الجماعات راغبة بالحفاظ على وحدة الشعب السوري واحترام الحقوق في ذلك البلد المتنوع".

 

روبيو الذي هو أيضا عضو في لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس، أكد أن "كميات الأسلحة الموجودة في سوريا كبيرة، ولكن الثوار يعانون نقصا في الذخائر، وأضاف أنه على استعداد للعمل من أجل الترويج لفكرة توفير الذخيرة، مشددا على أن  سقوط الأسد سيكون ضربة قاسية تشل النظام الإيراني الذي تربطه علاقات تحالف واسعة مع طهران.

 

لكن ما الذي تلقاه السوريون المناضلون من الوعود الأمريكية؟ لقد قال وزير الخارجية، جون كيري، إنه سيعلن خلال مؤتمر روما الذي تحضره 60 دولة اليوم الخميس عن المساعدات الأمريكية التي ستشمل "مواد" مخصصة للمعارضة المسلحة، دون أن يحدد طبيعة هذه المواد.

 

لكن شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية نشرت على موقعها الإلكتروني يوم الخميس أن هذه المساعدات التي يستعد كيري لإعلانها على مسامع العالم ستتضمن بالأساس مساعدات إنسانية وتبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات.

 

وبحسب المصادر التي نقلت هذه المعلومة للشبكة، فإن الرئيس باراك أوباما لم يوقع على حزمة المساعدات بعد، ولكنه ينظر في "عدة خيارات" لدعم المقاتلين، من أجل تغيير حسابات الأسد وتسريع الانتقال السياسي، مشيرة إلى أن لدى الرئيس خيارات متنوعة والقرار النهائي يعود له".

 

وقال المصدر إن كيري سيعلن أولا عن مساعدات إنسانية، على أن يتطرق إلى سائر المساعدات في وقت لاحق.

 

وكانت الإدارة الأمريكية قد بحثت في السابق خيارات بينها تزويد المقاتلين المعارضين بمناظير ليلية ودروع ضد الرصاص والإشراف على عمليات تدريب، لكن تلك المصادر التي أوردت "سي إن إن" تصريحاتها رفضت تأكيد وجود تلك الخيارات على طاولة البحث.

 

ومن المتوقع أن تقدم الولايات المتحدة إمدادات طبية ومساعدات غذائية لمقاتلي المعارضة، لكنها بحال لن تقدم مساعدات عسكرية حقيقية، ولا حتى سترات واقية من الرصاص أو ناقلات جند مدرعة أو تدريب عسكري.

 

وبالمقابل، سيحصل الائتلاف السوري، الذي يجتمع كيري مع قادته اليوم، على قدر كبير من الأموال أكبر بكثير مما سيحصل عليه مقاتلو المعارضة الذين يمثلون القوة الحقيقية على الأرض والعنصر الفاعل في اتجاه إسقاط الأسد.

 

وتقول وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة قدمت للائتلاف السوري حتى الآن مساعدات تزيد قيمتها عن 50 مليون دولار تشمل معدات غير قتالية مثل أجهزة الاتصالات وتدريب على الإدارة، وكذلك قدمت مساعدات إنسانية قيمتها حوالي 365 مليون دولار للاجئين السوريين في دول مجاورة مثل تركيا والأردن ولبنان وللنازحين داخل سوريا وأرسلت هذه الأموال عبر منظمات غير حكومية.

 

وبهذه المعلومات، يبدو أن "أصدقاء" سوريا لا يريدون خلاصا سريعا للشعب السوري من جراحه المزمنة، والتي نزفت إلى الآن أكثر من 70 ألف شهيد، كما لا يلقون مسامعهم إلى المناشدات والمطالبات والاستغاثات التي يرسلها أبناء الشعب السوري، بل يحسبون لدولاراتهم حسابات سياسية وحتى انتخابية بعيدة كل البعد عن الحسابات الإنسانية.