أنت هنا

هل يفجر جرادات الثورة الفلسطينية؟!
17 ربيع الثاني 1434
موقع المسلم

ما تشهده الضفة الغربية الآن من حراك شعبي واحتجاجات متصاعدة غاضبة لقتل الشهيد عرفات جردات من الخليل على يد جلاوزة التعذيب الصهاينة في قسم يتبع لتحقيقات الشاباك الصهيوني في سجن مجدو شمالي الضفة المحتلة بعد أقل من أسبوع فقط على اعتقاله، وتضامناً مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الصهيوني، أنعش الذاكرة الفلسطينية بأجواء الانتفاضة، وحدا بكثيرين على الاعتقاد بأن انتفاضة فلسطينية ثالثة قد اندلعت بالفعل، وأن هذه المسيرات التي عمت الضفة الغربية والاحتجاجات التجارية والتعليمية وغيرها في مدينة الخليل وما حولها هي تباشيرها.

الاعتقاد السائد اليوم يعززه تصور بأن عاصمة الثورات والانتفاضات/فلسطين والتي علمت ما حولها معنى الغضب الشعبي الثائر لن تكون خلواً من التفكير في إحداث نقلة نوعية في العمل الجهادي والنضالي ضد الاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية المحتلة. وما حصل من إرهاصات سابقة تمثلت قبل شهور في مظاهرات تطالب أبو مازن محمود عباس ورئيس حكومته سلام فياض بالرحيل تدل على أن سكان الضفة قد ضاقوا ذرعاً بسياسة الاحتلال والسلطة الفلسطينية على حد سواء.

وقد وُعد الفلسطينيون في الضفة الغربية بالأمن والرخاء بعد الحسم العسكري في غزة، وتخيل الكثيرون أن الضفة ستصبح عنواناً للاستقرار والرفاه نكاية في سلطة حماس بغزة، لكن ما حصل هو نقيض ذلك؛ فغزة اليوم هي أفضل حالاً بكثير من الضفة التي أوحى رئيس سلطتها أنه سيقايض الرفاه والاستقرار بالخنوع والخضوع للاحتلال فلا حصّل كرامة ولا منح رغداً، وتوالت نكبات الفلسطينيين من جديد مع تعنت صهيوني أوجد حالات فريدة من الاحتجاج الفلسطيني تجسدت في موجة الإضرابات عن الطعام في سجون الاحتلال، والتي أحدثت خلخلة في معادلة الاعتقال المفتوح التي تمارسها سلطة الاحتلال ضد أبناء الضفة (برغم تحفظ الكثيرين، ونحن منهم على آلية الإضراب المفتوح عن الطعام المفضي إلى الموت أو إلى ضرر لا يمكن تفاديه).

"إسرائيل" من جهتها لا تذهب في قلقها من حصول انتفاضة ثالثة بعيداً، لتصور قادتها أنها ستكون قادرة على التعامل معها استناداً إلى خبرتها في التعاطي مع هذا اللون من الاحتجاج، ويطمئنها إلى ذلك أن مجازر سوريا إلى الآن لم تحرك ساكناً لدعم السوريين، وبوسعها أن تنفذ حملات قمعية شديدة تمكنها من إجهاض فكرة الانتفاضة غير أنها مع ذلك تواجه اليوم ما لم تجابهه من قبل؛ فالانتفاضة الأولى (1987) كانت عبقرية لجهة سلميتها، وقد أحدثت تغييراً هائلاً في المعادلة على الرغم من أنها لم تحظ بفرص متوافرة اليوم للنشطاء الفلسطيينين/الإعلام بشقيه الموجه، والتفاعلي عبر صفحات التواصل الاجتماعي.

الأخطر فيما يمكن أن تلاقيه "إسرائيل" لاحقاً، هو حدوث انتفاضة شاملة في الضفة الغربية تغري عرب 48 بمحاكاتها، لا على شاكلة الانتفاضات الفلسطينية السابقة، وإنما على نمط الثورات العربية، وهو ما سيجعل موقفها الداخلي والخارجي في غاية الصعوبة، لاسيما أن الأوضاع العربية الآن مفتوحة على كل الاحتمالات برغم محاولات السيطرة الغربية على مجريات الأحداث، والصهاينة يضعون أيديهم على قلوبهم وهم يرون الحليفين بشار ونصر الله في وضع متراجع، ويرقبون بدقة ما يمور به الشارع الأردني وما قد يطور خريطته فجأة.