صفعات مصرية على وجه "نجاد"
28 ربيع الأول 1434
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

تسعى إيران منذ قيام ثورة الخميني في عام 1979 لاختراق العديد من دول المنطقة بشتى الوسائل من أجل تنفيذ مخططها التوسعي, وعلى رأس هذه الوسائل نشر التشيع ودعم الحركات المعارضة خصوصا القريبة من فكر إيران وحتى وإن اختلفت معها في بعض الأمور فهي تسعى لاصطيادها بالتدريج إلى نهجها..

 

ولم تكن مصر بثقلها الدولي والإقليمي بعيدة عن ذلك إلا أن خلافات سياسية كثيرة مثل استقبال السادات للشاه السابق في مصر كلاجئ سياسي ثم ترحيب طهران باغتيال السادات وإطلاق اسم قاتله على أحد شوارع طهران ومخاوف النظام المصري خلال عهد مبارك من محاولة نشر إيران لثورتها عن طريق بعض الجماعات الإسلامية, باعدت بين الطرفين طوال أكثر من 30 عاما وعندما قامت الثورة في مصر ـ والتي لم يكن لإيران أي يد فيها ولم تعلم بها إلا عند قيامهاـ ظنت طهران أن الوقت حان لكي تخترق حصونها وتركب موجتها, ورحبت إيران بشكل فوري بالثورة على نظام مبارك كما رحبت بشدة بصعود التيار الإسلامي إلى سدة الحكم في البلاد ولكنها لم كن تتوقع أن تتلقى هذه الصفعات من النظام الجديد..

 

لقد كان الخلاف بين إيران وبين الانظمة السياسية في مصر قبل ثورة يناير خلافا سياسيا تماما فهذه الأنظمة لم يكن يهمها في قليل أو كثير وضع السنة في إيران أو سب مرجعياتهم للصحابة رضي الله عنهم ولكنها كانت تخشى من تمدد طهران وتأثير ذلك على حكمها..بدأت الصفعات من النظام المصري الجديد ضد إيران في وقت مبكر عندما زار الرئيس المصري محمد مرسي طهران ووجه انتقادات شديدة لنظام الأسد الذي تدافع عنه إيران بشراسة وترضّى عن الصحابة الكرام وذكر الخلفاء الأربعة بالإسم في عقر دارهم وأصيب المترجم الفارسي بصدمة جعلته يغير اسم سوريا إلى البحرين في فضيحة كشفت سوء نوايا نظام إيران..

 

ومع مرور الأيام استغلت طهران قمة التعاون الإسلامي في القاهرة لتحاول أن تحدث اختراقا قويا فأعلن الرئيس الإيراني عن حضوره وجاء إلى القاهرة في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس إيراني لمصر منذ أكثر من 30 عاما وقرر نجاد أن يزور الأزهر الذي يمثل قلعة من قلاع أهل السنة في المنطقة والذي حذر مرارا في الفترة الأخيرة من نشر التشيع في البلاد.. وظن نجاد أن هذه الزيارة سوف يخرج منها حاصلا على شرعية لاضطهاد السنة في بلاده ومانحا مئات الشيعة في مصر رخصة لتنفيذ مؤامراتهم وإطلاق دعوتهم فما كان من الأزهر إلا أن حذر نجاد بوضوح من التدخل في شأن دول الخليج ومن نشر التشيع في الدول السنية واحتج على اضطهاد إيران للسنة وسب الصحابة رضوان الله عنهم على ألسنة الكثير من المرجعيات الإيرانية, وظهر ذلك على الملأ في المؤتمر الصحفي الذي لم يحضره شيخ الأزهر وأناب عنه كبير مستشاريه الذي وجه انتقادات حادة لنجاد لم تحدث له من قبل وهدد نجاد من هول المفاجأة بالانسحاب وظهرت الصدمة على وجه المترجم الذي قاطع كبير مستشاري شيخ الأزهر أكثر من مرة ولكنه لم يعره التفاتا..لقد ظن نجاد أن سيف الحياء سيمنع من إحراجه داخل الأزهر وسيكتفي بالكلمات المطاطة من نوع "الوحدة والإخوة" التي رددها كثيرا خلال المؤتمر الصحفي حتى يكسب الرأي العام في مصر إلا أن ظنه خاب بشدة..

 

وليس هذا فحسب فقد حصل نجاد على الرقم القياسي لرئيس أجنبي في مصر من حيث محاولة الهجوم الجسدي عليه خلال زيارته القصيرة فقد تعرض لمحاولتين الأولى: عندما حاول شاب سوري ضربه بالحذاء عند خروجه من مسجد الحسين وعندما فشل قذفه عليه, والمرة الثانية: في حديقة منزل القائم بالأعمال الإيراني خلال لقاء مع بعض السياسيين عندما حاول شاب مصري ضربه إلا أن رجال الأمن منعوه...

 

الأكثر من ذلك هو الموقف الرسمي المصري الذي يتميز في مثل هذه الأحوال بالدبلوماسية ولكن الرئاسة المصرية صرحت قبل أن يغادر نجاد الأراضي مصرية أن التقدم في العلاقات مع إيران مرهون بالموقف من النظام السوري وبموافقة الرأي العام المصري, في إشارة إلى أن طموحات طهران في التغلغل عن طريق زيارة نجاد ذهبت أدراج الرياح..النظام المصري يسعى إلى توسيع علاقاته الخارجية في محيطه الإقليمي وخارج محيطه في وقت يمر فيه بظروف صعبة على الصعيد الاقتصادي والسياسي جراء العنف الذي تمارسه جهات معارضة مخترقة من فلول النظام السابق, ولعله يرسل رسالة إلى بعض دول الخليج التي تتخذ مواقف سلبية منه نتيجة لحسابات خاطئة بأن تدرك أهمية الدور المصري في المنطقة وضرورة إبعادها عن محاولات المغازلة والإغراء المستمرة من نظام طهران الطائفي والذي هو عدو للجميع.