عواصف البرادعي تفرّق جبهة الإنقاذ
20 ربيع الأول 1434
تقرير إخباري ـ نسيبة داود

وقعت خلافات داخل "جبهة الإنقاذ الوطني" المعارضة في مصر بعد دعوة قطبها محمد البرادعي -رئيس حزب الدستور- للحوار مع الرئاسة في وجود ممثلي الجيش والشرطة، وهي دعوة لاقت أيضا اعتراضا واسعا من الأطراف السياسية التي رفضت إقحام الجيش مجددا في الحياة السياسية، كما لاقت استهجانا واسعا لأنها أتت بعد يومين من رفض البرادعي دعوة حوار أطلقها الرئيس المصري.

 

البرادعي الذي اشتهر بمشاركته في الحياة السياسية عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر، حتى سماه المصريون "تويتر مان"، كتب أمس الأربعاء على حسابه على تويتر: "نحتاج فورا لإجتماع بين الرئيس ووزيري الدفاع والداخلية والحزب الحاكم والتيار السلفي وجبهة الإنقاذ لإتخاذ خطوات عاجلة لوقف العنف وبدأ حوار جاد"، في دعوة لا يخفى فيها محاولة إعادة الجيش للحياة السياسية.

 

وجاءت التغريدة بعد تغريدة أخرى سبقتها يوم الأحد الماضي، ردا على دعوة الرئيس المصري له للمشاركة في حوار وطني واسع غير مشروط. وقال البرادعي فيها: "أي حوار سيكون مضيعة للوقت" إذا لم يتحمل الرئيس محمد مرسي "مسئوليته عن الأحداث الدامية وتعهده بتشكيل حكومة انقاذ وطني ولجنة متوازنة لتعديل الدستور".

 

وفي أول رد فعل من داخل جبهة الإنقاذ على دعوة البرادعي لبدء "حوار جاد" في حضور وزيري الدفاع والداخلية، قال السيد البدوي، رئيس حزب الوفد وعضو الجبهة إنه يرحب بالمبادرة. بينما أصدر حزب التجمع (يساري) بياناً أعلن فيه أنها مبادرة شخصية من البرادعي، ولم تطرح للنقاش داخل الجبهة.

 

وبدورها، رفضت الجمعية الوطنية للتغيير المبادرة ووصفتها بالدعوة الفردية. واتفقت جميع الأطراف داخل الجبهة على ضرورة توافر ضمانات لبدء أي حوار مع الرئاسة.

 

وتشترط جبهة الإنقاذ الوطني استجابة الرئيس مرسي لعدد من المطالب الأساسية للموافقة على المشاركة في جلسات الحوار الوطني التي دعت إليها الرئاسة، بينما كانت دعوة الرئيس للحوار غير مشروطة.

 

وتتمثل مطالب جبهة الإنقاذ في إلغاء حالة الطوارئ التي فرضها مرسي في محافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد بعد اضطرابات أمنية كبيرة سقط خلالها 40 قتيلا، رغم أنه منذ إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول الجزئي لم يسجل سقوط قتلى.

 

كذلك تطالب الجبهة الرئيس مرسي بإعلان مسؤوليته السياسية عن الدماء التي أريقت خلال الأيام الماضية رغم أن مريقي الدماء هم من معارضي الرئيس. كما تشترط الجبهة تشكيل حكومة إنقاذ وطني جديدة، وكذلك اختيار لجنة لتعديل بعض المواد في الدستور المصري الذي صوت عليه المصريون بالموافقة الشهر الماضي بنسبة بلغت أكثر من 65%.

 

كذلك تطالب الجبهة بإلغاء الآثار المترتبة على الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المصري في 22 نوفمبر الماضي، والذي كان الرئيس قد تراجع عنه بعدها بأيام دون أن يلغي آثاره التي ترتبت عليه، والتي كان من بينها إقالة النائب العام السابق المعين من قبل نظام المخلوع حسني مبارك. لكن جبهة الإنقاذ تطالب الرئيس مرسي الآن بإقالة النائب العام الجديد. وكان مطلب إقالة النائب العام السابق أحد مطالب ثورة 25 يناير نتيجة ارتباطه الوثيق بمصالح النظام السابق.

 

وبعد هذا التباين في مواقف رموز الجبهة، والاعتراضات التي لقيتها دعوته الغريبة خاصة من قبل أنصاره، عاد البرادعي ليؤكد مطالب جبهة الإنقاذ في تغريدات جديدة على تويتر، قال فيها: "وقف العنف هو الأولوية وبدأ حوار جاد يتطلب الإلتزام بالضمانات التي طرحتها جبهة الإنقاذ وفي مقدمتها حكومة إنقاذ وطني ولجنة لتعديل الدستور"، وهذه التغريدة اعتبرت محاولة للم شمل الجبهة المتبعثرة بين أطياف سياسية لا يجمعها إلا معارضة الحكم الإسلامي لمصر.

 

وكان الرئيس مرسي، الذي استطاع إنهاء حكم المجلس العسكري ورفع يده عن الحياة السياسية المصرية بعد أقل من شهرين على توليه الحكم، قد أكد في مؤتمر صحفي عقده في برلين أمس الأربعاء على أن مصر تتجه نحو تكوين دولة مدنية حديثة لا دولة عسكرية.

 

وترفض الأطياف السياسية المصرية تدخل الجيش في الحياة السياسية خاصة بعد تجربة سيئة خلال تولي المجلس العسكري قيادة البلاد عقب سقوط نظام مبارك، وهي فترة اتسمت بالدماء وأطلقت فيها قوات الجيش والشرطة النار على المحتجين ووقعت عدة انتهاكات للناشطين السياسيين.

 

ومن بين ردود الأفعال على دعوة البرادعي، قال عصام سلطان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين في حسابه على موقع فيسبوك: إن أي اقتراح اليوم لتجاوز الدستور الذى وافق عليه الشعب هو إهدار ﻹرادة صاحب الحق الوحيد الذى يمارس السيادة وفق الدستور وهو شعب مصر؛ الذى لوﻻه لما كانت ثورة وﻻ انتصار، وبدونه لن تكون هناك تنمية وﻻ تقدم".

 

وطالب "كل الشباب واﻷحزاب والسياسين والمفكرين واﻹعلاميين احترام أهل مصر وشعبها الذين نبتوا منهم ويعيشيون بينهم ويرغبون فى تأييدهم".

 

إلى ذلك، كتب حاتم عزام نائب رئيس حزب الحضارة على صفحته بموقع فيسبوك: "أي منطق هذا في أن يدعو رئيس حزب أُسس منذ شهور، وليس في السلطة، رئيساً منتخباً وقيادات القوات المسلحة والشرطة التي يرأسهما للقاء للتحاور معه بدعوة منه في حين يرفض هو دعوة هذا الرئيس قبلها بساعات".

 

وأضاف مخاطبا البرادعي: "من أنت يا سيدي وما هي صفتك التي لا يعرفها الشعب المصري، مع كامل الاحترام لشخصك الكريم، ليهرول إليك هؤلاء بالمجئ اليك؟ هل تصدق نفسك؟ هل هذة هي قواعد السياسة والحوارات السياسية في المؤسسات التي عملت فيها سيادتك وتعلمت فيها أصول وقواعد التواصل السياسي؟ أرجو أن تراجع نفسك لأننا كنا في يوم ما نحترم شجاعتك ..كما أتمني ألا يكون هذا كبراً أو أحساساً متضخماً بالذات .. وإلا فالحمد لله لأنك لست الرئيس المنتخب".

 

أما السياسي الليبرالي المعارض أيمن نور الذي يشارك في الحوار الوطني مع الرئيس مرسي، فقد قال: "وصفنا الزميل حسين عبد الغنى المتحدث الرسمى باسم جبهة الإنقاذ بأننا حضرنا الحوار الوطنى على جثث الشهداء وخضنا فى بحور من الدم لنذهب للحوار.. أسأله الآن وماذا بعد طلب الدكتور البرادعى عقد حوار مع الرئيس بحضور الجيش والشرطة هل الجثث أختفت وبحور الدم جفت ويد الرئيس باتت نظيفة؟!"

 

واستطرد بالقول: "أنا صاحب قضية وحجة قوية لذلك لا أخشى من الحوار وأذهب لأفرض حجتى وعرض قضيتى لأنى لست فى موقف ضعف".