زكاة الدين غير المرجو
11 رجب 1437
د. أحمد الخليل

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
أما بعد:
فإن من المسائل الفقهية التي يكثر السؤال عنها وتمس الحاجة لبيانها مسألة " حكم زكاة الدين غير المرجو".
تعريف الدين غير المرجو:
الدين غير المرجو هو الدين على معسر أو مماطل أو جاحد وكذلك الدين المؤجل.
اختلف الفقهاء في زكاة الدين غير المرجو على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه لا زكاة على الدين غير المرجو حتى يقبضه الدائن ويحول عليه الحول وهو رواية عن أحمد وقول قتادة وإسحاق وأبي ثور وأهل العراق[1]. واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية[2].
أدلة أصحاب القول الأول:
1ـ أن الدين غير المرجو مال غير مقدور على الانتفاع به، أشبه مال المكاتب.
2ـ أثر علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لا زكاة في الدين الضمار)[3].
3- أن هذا قول جماعة من الصحابة ، فقد صح هذا القول عن عثمان ، وابن عمر ، وجابر .[4]
القول الثاني: وجوب الزكاة في الدين غير المرجو على الدائن، ويخرج الزكاة إذا قبضه لما مضى، وهو قول علي وابن عباس رضي الله عنهما والثوري ورواية للإمام أحمد[5].
أدلة أصحاب القول الثاني:
1ـ الآثار المروية عن علي وابن عباس[6].
2ـ أن الدين غير المرجو مملوك يجوز التصرف فيه، فوجبت زكاته لما مضى كالدين على المليء[7].
القول الثالث: وجوب الزكاة في الدين غير المرجو على الدائن، ويزكيه إذا قبضه لعام واحد، وهو مذهب عمر بن عبد العزيز والحسن والليث والأوزاعي ومالك[8]. أدلة أصحاب القول الثالث:
1ـ لم أجد لهؤلاء أدلة بل قال أبو عبيد : " فأما زكاة عام واحد فلا نعرف لها وجها " [9]
الترجيح :
الراجح إن شاء الله بوضوح: عدم وجوب الزكاة؛ لأن الوجوب وإن كان مرويا عن علي (فإن إسناده منقطع) ، ولو صح فهو معارض بما صح عن جماعة من الصحابة من عدم الوجوب ، وإذا كانت الآثار المروية عن الصحابة توافق الأصول العامة، والقواعد العامة للزكاة فتُرجح بهذا السبب .

________________________________________
(*)وقد تكلمت عن هذه المسألة في شرحي لزاد المستقنع، وفي كتابي ( الأسهم والسندات وأحكامها في الفقه الإسلامي ) فرأيت أن أفردها بالنشر على موقعي؛ لتسهل الاستفادة منها.
[1] المغني 4/270.
[2] الاختيارات ص 146 بتحقيقي .
[3] ذكره الزيلعي في نصب الراية 2/334، وقال : غريب. وفي الأموال لأبي عبيد عن علي: " في الدين الضنون". وفي أبي شيبة: " المضنون"، لكن قال إن كان صادقاً فليزكه إذا قبضه لما مضى" فهذا يخالف أثر علي المذكور في الدليل، ولعله لهذا حكم عليه الزيلعي أنه غريب.
[4] الأموال، لأبي عبيد (2/87) طبعة دار الفضيلة .
[5] الأموال، لأبي عبيد ص 439، و مغني 4/270، والإنصاف 3/21.
[6] الأموال لأبي عبيد ص 436، والمغني 4/270.
[7] المغني 4/270.
[8]المغني 4/270، والكافي، لابن عبد البر 2931، و الأموال، لأبي عبيد ص 439.
[9] الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص: 532)