الليبرالية تغزو بلاد المسلمين
17 ربيع الأول 1434
منذر الأسعد

الكتاب: الليبرالية وموقف الإسلام منها
تأليف: د.عبد الرحيم بن صمايل السلمي
الناشر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث
551 صفحة

*******

 

الليبرالية مذهب إلحادي كما يقرر الباحث، نشأ في الغرب للتحرر من قيود الكنيسة والجهل الذي تفرضه باسم الدين والظلم الذي تشارك فيه الحكام المتألهين والإقطاع الجائر.إن الليبرالية هي مذهب الجاهلية المعاصرة، وقد ازدهرت مجدداً على يد الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان ورئيسة الحكومة البريطانية في فترة السبعينيات مارجريت ثاتشر، حيث باتت تُعْرَف بالـ"الليبرالية الجديدة"، والتي قامت على أساسها "العولمة" في أشد صورها وحشية وأنانية.

 

ويعزو المؤلف انتشار هذا المذهب الفاسد عالمياً إلى تبنيه من قِبَل دول كبرى ذات إمكانات هائلة وهي تسيطر على مقدرات البشر عسكرياً واقتصادياً، كما أسهمت فيه المنظمات الدولية بكل تعسف ابتداء من الأمم المتحدة وانتهاء بصندوق النقد والبنك الدوليين....

 

وأسوأ ما يؤذينا نحن المسلمين من الليبرالية أنها الأكثر تأثيراً سلبياً على أمتنا، وتفشيها المدمر من خلال الدعاية الهائلة التي تقوم بها مؤسسات إعلامية ضخمة، وتفرضها أنظمة حكم بالقهر، وبعبارة أخرى: فهي تنتشر بوسائل غير نزيهة قوامها الترغيب المزور والترهيب المخيف. وبذلك أفقدت الليبرالية أمة الإسلام من حريتها في صياغة نظمها السياسية والفكرية والقانونية والاجتماعية.على أن شر وسيلة أخذت في الانتشار حيث يجري فيها التسويق لهذا المذهب الإلحادي من خلال فرية كبرى هي أنه لا تناقض بين الإسلام والليبرالية!!!

 

وإذا كنا نعترف بريادة الدكتور السلمي في بحثه وبخاصة في بيان موقف الإسلام من الليبرالية، فإن تفاصيل كتابه تشهد معنا بعمقه الفكري وحرصه على سلاسة الأسلوب في القوت نفسه.

 

يتكون الكتاب بعد المقدمة الطيبة، من خمسة أبواب هي:

1-نشأتها وتطورها في ظل الثورة على الانحراف الديني والاستبداد السياسي والتي شهدت تحولات فكرية هائلة وأسهمت الطبقة البورجوازية الناشئة ثم الطبقة الوسطى في تعزيزها. ومع ذلك فقد شهدت الليبرالية في مهدها الغربي فترات مَد وجَزْر لخصها المؤلف في أربع فترات أو مراحل.

 

2-مفهوم الليبرالية واتجاهاتها وهنا نتبين حجم الضابية في مفاهيمها لدى سدنتها أنفسهم وتناقضاتها واضطراب الرؤية حيالها وإن كان الثابت الرئيسي فيها هو الالتصاق بالرأسمالية المتوحشة بخاصة.ثم يعرض الباحث الأسس الفكرية لهذا المذهب الهدام وهي: الحرية والفردية والعقلانية-بزعمهم وإلا فهي عقلانية انتقائية ومبتسرة-.

 

كما يوضح السلمي الاتجاهات الشائعة في سياق الليبرالية ومنها: الليبرالية التقليدية (الكلاسيكية) – المدرسة الطبيعية-الراديكالية الفلسفية-الكلاسيكية الحديثة-الليبرالية الاجتماعية-المدرسة الكينزية-مدرسة الطريق الثالث....

 

3-مجالاتها وهي السياسة والاقتصاد بالدرجة الأولى والتي يختم الباحث مناقشته لها ببيان مدى الأزمة التي تعاني منها الرأسمالية والتي هي الوجه الاقتصادي القبيح لليبرالية.

 

4-الليبرالية في العالم الإسلامي وعوامل دخولها وانتشارها فيه، من انحراف عقدي ودسائس الفرق الباطنية واستبداد سياسي يعزز الوهم القاتل بان الليبرالية هي المَخْرَج الصحيح من كوارثه...ثم يجلي الكتاب مظاهر التغلغل الليبرالي في ديار الإسلام ابتداء من تأثر العثمانيين في الجوانب القانونية بالغرب تحت ذريعة التنظيمات الحديثة...

 

5-موقف الإسلام من الليبرالية وتحته فصول مهمة، تبدأ ببيان موقف الإسلام من الحريات الفردية والعامة، وهو بيان يشتمل على التأصيل الشرعي من النصوص والقواعد الفقهية المنبثقة منها، وعلى نماذج تطبيقية لذلك في التاريخ الإسلامي...

 

وفي فصل آخر نقف على الحكم الشرعي في الليبرالية ويتضمن حقيقة دين الإسلام لنلج بعدها إلى ما أورده المؤلف من نواقض الإيمان التي تنطوي عليها الليبرالية وهي: كفر الاستحلال- كفر الشك- كفر الإباء والامتناع-الحكم بغير ما أنزل الله-شرك القصد والإرادة.

 

يلي ذلك عرض للعورات الأخلاقية التي تنتجها الليبرالية وهي: الأنانية-اتباع الهوى- الظلم.

وقبل خاتمة الكتاب نطالع ثلاث شبهات وردود المؤلف عليها، وهي: شبهة التكفير- شبهة أن الليبرالية آلية وليست عقيدة-شبهة اشتمال الليبرالية على إيجابيات!!