16 شعبان 1434

السؤال

ابتلاني الله بحب المعاصي وابتلاني بنفس لا تكف عن لومي.. ولكن لا تستطيع إيقافي عن فعل الذنوب من شدة حبي لها.. ما الحل؟!

أجاب عنها:
د. خالد رُوشه

الجواب

الأخ السائل:
تبدو خبيرا بنفسك، عليما بحالها، وهو منطلق حسن لمن أراد إصلاح نفسه، أن يعلم داءها، ويعلم أسباب تخاذلها، ولكني ابتداء أبشرك - إن بقلبك حياة تنبض، بدليل بقاء لوم نفسك واستمرار منعها لك، نعم أنت تسقط في المعاصي، لكن لديك ضمير يندم عليها، ويرجو الابتعاد عنها..
وواجبك ابتداء هو اتباع منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: "وأتبع السيئة الحسنة تمحها"، وأؤكد عليك في الانتظام على صلاتك إذ هي غاسلة للذنب مانعة منه.
والمرء المراقب لنفسه يستطيع أن يعرف مواطن الضعف ومواطن القوة.. ولي معك ههنا نصيحتان:
الأولى: بناء العزيمة: فالعزيمة عمل قلبي بالأساس، وإذا فقد القلب عزمه خارت قوى الجسد مهما كان قويا، وكان صلى الله عليه وسلم يركز في توجيهه لأصحابه نحو بناء العزيمة في نفوسهم،فلابد من همه القلب قبل همة الأعضاء، والطريق إلى الله إنما يقطع بقوة العزيمة وعلو الهمة وتصحيح النية ودفق الطموح، وأن عملاً قليلاً قد يصل صاحبه بعزمه ونيته إلى أضعاف مضاعفة مما يقطعه قليل العزيمة ضعيف النية.
إن قدرتك على بناء عزيمتك أيها الأخ لتيسر عليك محاربة نفسك وهواها، وتضعف في صدرك قوة الجذب، فتستطيع أن تتغلب على ما تجد من ذنوب وآثام، أما إن تركت نفسك للاماني، فلا أمل مع مجرد التمني.
لقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن إرادة المرء تذهب مشقة الطريق، وضعف العزائم من ضعف حياة القلوب، وأن القلوب كلما كانت أتم حياة، كانت أكثر همة وقدرة وقوة أمام الشهوات..
بل إنها أيضا لتحسن شكل الحياة في عينيك ونفسك، فعزيمة قوية لهي سبب إلى حصول حياة أكمل وأطيب، فإن الحياة الطيبة إنما تنال بالهمة العالية، والمحبة الصادقة، والإرادة الخالصة، فعلى قدر ذلك تكون الحياة الطيبة، وأخس الناس حياة أخسهم همة، وأضعفهم محبة وطموحاً.
الأمر الثاني: هو الخطوات العملية بعد الذنب، تلك التي ننصح بها الجميع، من الابتعاد عن مواطن الفتن، وقطع العلائق بها، وقطع صحبة السوء، وإشغال النفس بالخير.
وبالعموم.. فإن الدعاء والمناجاة سبيلان لا يخيب تابعهما، لو أخلص لربه وندم على ذنبه..
وفقك الله.