الربيع العراقي ضد المالكي.. يؤتي ثمره ولو بعد حين
20 صفر 1434
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

ثار الشعب العراقي وخرج في عدة مدن سنية للمطالبة بإسقاط النظام الطائفي الذي يتزعمه نوري المالكي الموالي لإيران في ثورة شبيهة بثورات الربيع العربي وإن تأخرت قليلا ولكنها كل عزم على الإطاحة بالمالكي الذي يفرش البلاد للاحتلال الفارسي.

وبدأ التحرك الشعبي في مدن الأنبار ، محافظة العشائر العربية السنية ذات النبض الشعبي المناهض للنظام السياسي في العراق، وخصوصا الرمادي والفلوجة، بعد عملية مداهمة واعتقال طالت حراس وزير المالية رافع العيساوي، القيادي في قائمة "العراقية" المعارضة لرئيس الوزراء نوري المالكي وأحد وجهاء الأنبار، لكن هذا التحرك سرعان ما تخطى الشرارة الأولى ليشمل مطالب أكبر.
وكان المطلب الأول والأكثر إثارة للغضب هو إطلاق سراح المعتقلات في السجون العراقية، فآلاف المعتصمين يتهمون القوات الأمنية باعتقال عراقيات عوضا عن أزواجهن أو أبنائهن المطلوبين في قضايا أمنية مزعومة.
كما يطالبون أيضا بخروج معتقلين قالوا إن "المحاكم برأتهم لكنهم لا يزالون في السجن، وآخرين اعتقلوا بعد الإبلاغ عنهم بواسطة مخبر سري، وبدون تحقيق"، فضلا عن إلغاء ما يعرف بالمادة "أربعة إرهاب" في القانون العراقي، التي أصبحت مسيسة ولا تستهدف سوى العرب السنة.
ومنعت السلطات العراقية عددا من القنوات والوكالات الأجنبية والعربية من الوصول إلى موقع الاعتصام في الجمعة التي سميت جمعة العزة، حيث تحدثت بعض التقديرات يومها عن أكثر من مئة ألف متظاهر في موقع الاعتصام، إضافة إلى أعداد كبيرة ايضا في الفلوجة ومدن أخرى.
ويشدد المعتصمون على أنهم ضد الحكومة وليسوا ضد الشيعة، وأن المالكي "لا يمثل الشيعة،" وإنما يحاول تخويفهم من خلال الإيحاء بأن هذا التحرك هو تحرك طائفي، وكسب المتظاهرون دعما من عدد من الوفود التي جاءتهم من الجنوب، إضافة إلى موقف مؤيد لتحركهم جاء عن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وإن كان موقف معلن ولا يعلم أحد مغزاه.
ولقي تحركهم أيضا دعما من إقليم كردستان الذي يخوض معاركه السياسية الخاصة به مع الحكومة في بغداد، وشارك في التظاهرات علماء دين وشيوخ عشائر ومسؤولين محليين أبرزهم محافظ نينوى اثيل النجيفي.
أما في بغداد، فقد رد المالكي على المعتصمين بخطوات ترقيعية حيث أعرب عن استعداده لتشكيل لجنة تقصي حقائق في قضية المعتقلات والمعتقلين، لكنه اتهم بعض المتظاهرين بافتعال أزمة طائفية وبالـ"جعجعة" لتقسيم العراق.
ويقول محللون إنه ليس في مصلحة المالكي أن يتفجر الغضب في المحافظات الشرقية والشمالية من العراق وتحديداً في هذا الوقت من الأزمة السورية التي أثرت وتؤثر بشكل كبير على غضبة العراقيين فهم يتحكمون في الطريق الرابط مع سوريا ويفتحون القنوات مع الجيش الحر وقد يستفيدون من نموذجه وامتداده وأسلحته وقد يجري ترحيل بعض المساعدات الواردة اليه والدعم المعنوي والسياسي والمادي إلى شكل مشابه في شرق العراق.
ورغم ذلك لم يغير المالكي من خطابه المتصلب ولم يعلن رغبته لممارسة الاحتواء بصورة عملية وبقرارات لها تأثير كي لا يزداد الاحتقان في أكثر من جهة عراقية.
ويرجح محللون سياسيون عراقيون أن الاحتجاجات التي تشهدها بلادهم لن تهدأ حتى تحقق أهدافها، مشيرين إلى أن وصفوه بـ"الحلول الترقيعية" التي تلجأ إليها حكومة المالكي لن تجدي، لأن سقف مطالب المتظاهرين ارتفع إلى تغيير العملية السياسية في العراق برمتها، فالعراقيون لم ينتفضوا على غلاء ولطلب إطلاق سرح معتقلين، ولكنهم انتفضوا لأن هناك ظلم وحيف واقع عليهم نتيجة لمعادلة التفتيت الطائفي وإنهاء تبعية الحكومة العراقية المزدوجة حاليا لكل من نظام الحكم في إيران وأمريكا، والعودة بالعراق إلى محيطه العربي عنصرا فاعلا في معادلة التوازن الإقليمي.
واعتبروا أن أمام المالكي خياران "إما أن يرحل بإرادته أو يسقطه المنتفضون"، مشيرين إلى أن "احتجاجاتهم ستصل إليه في مقر حكمه ببغداد" لإجباره على التنحي.
كما أن على دول الخليج العربية مناصرة ثورة الأنبار وشقيقاتها في نينوى وكل أرض العراق ضد المالكي الذي يعتبر بقاءه جريمة كبرى، فهذه الثورة قد تؤتي ثمرها ولو بعد حين.